بقلم : عبدالرحمن السماوي -
التكوين والجمال في المسرح
الجمال هو وحدة العلاقات الشكلية بين الأشياء التي تدركها حواسنا..من هذا المنطلق أو من هذا التعريف للجمال نجد أن القيمة الجمالية في التكوين تزداد وتتسع بوحدة الأشكال بحيث تصبح أكثر جمالاً حتى تصل للمتلقي بكل سلاسة، وهذه العملية لا يمكن أن تتم لا عبر خصائص معينة ينبغي توفرها في الأعمال الفنية.
أن تحقيق الجمال على خشبة المسرح وإمتاع النظَّارة ليس بالعملية البسيطة والتي تتطلب إدراك الجزئيات في العمل النداء البصري، وأيضاً لاجتذاب ا لنظر في المتعة من خلال التكوين، إذ لا بد أن تكون ذات ميزات بسيطة وسريعة الفهم، بحيث لا بد أن تكون بصياغات وأشكال فنية ذات دلالات تساعد على الجمالية في العرض المسرحي وذلك يتم من خلال البساطة في التراكيب الفنية المستخدمة في العملية المنظوية في العمل المسرحي.
وليس كل تشكيل فني أو تكويني ذات منظور بصري يساعد على الفهم بل على العكس من ذلك نجد أن هناك تكوينات مركبة تجعل من العمل الفني مجموعة طلاسم يتعذر على المتلقي فهمها ولذلك نرى ما ذهب إليه "ناثان نوبل" اقتراباً لهذا المفهوم الذي نتطرق إليه حيث قال "إن المتعة الجمالية هي نتاج التواصل بين الشيء الفني والمشاهد حيث أن تفحص العوامل التي تؤدي إلى تجربة الجمال قد ينهي فهمها لهذه المسألة وتزودنا بالدليل لاكتشاف السبيل إلى المتعة لدى التطلع إلى الآثار الفنية والتكوين في المسرح.
وتشتق كلمة التكوين من كوَّن يكون، تكويناً، وجمعه كتكوين الصورة والهيئة، والتكوين ما أكده بعض نقاد المسرح هو ربط ومزاوجة وترتيب مختلف عناصر العمل الفنية، أيضاً. فالتكوين- إذاً- هو تصميم حركة العمل الفني وهو عملية تجسيد المعنى التي تشتمل على جميع عناصر الفن بدون استثناء. والتكوين ليس حكراً على خشبة المسرح فقط وإنما في بقية الفنون الأخرى، حيث نجد التكوين في كل شيء له علاقة بالفن، ويحمل أبعاداً محدودة جمالية تساعد في خلق الشكل الجمالي العام.
والتكوين هو: الانتقاء والتنسيق تبعاً لبعض المبادئ، وهو ضرورة أساسية في الفن وفي معظم ألوان الجمال الطبيعي إن لم يكن كلها، فذرة الثلج المكبرة تُكون شكلاً سداسياً، ومنظر الغروب يتألف من الطبقتين الحمراء والبرتقالية في تقابل مع زرقة السماء، وتسمى عملية الانتقاء والتنسيق في الفن باسم التكوين والتكوين وسيلة هامة في المسرح لتوضيح وتركيز القيم العقلية العاطفية في الإفراج.
إن أول تعريف للتكوين منذ أقدم الأزمنة كان في يعتمد المحاكاة في أبسط أشكالها وما دام كل مشهد قابل للمتوضع فنياً؛ فإن النتائج تتأتى بشكل مباشر وغير مباشر؛ مرتبطة بالعناصر الفنية الأولى، أي بالخامات التي سيحولها الإنسان إلى فن من ا لفنون والتكوين المسرحي هو أداة توضيحية للمشاهد كاداة تعبير يمارس من خلالها تجسيد التكامل والإشباع لدى النظارة.