أحمد الربعي -
مرة أخرى: تحديات الرئيس كرامي
أعلن الرئيس المكلف بتشكيل حكومة لبنانية عمر كرامي تأجيل مظاهرة طرابلس، فقلنا انه تصرف حكيم في لحظة تستحق التهدئة. ولكننا فوجئنا بالرئيس يعلن أن المظاهرة تم تأجيلها بسبب الأحوال الجوية. وأعلن موعدا جديدا للمظاهرة.
فوق ذلك أعلن كرامي أن البلد مقدم على الخراب ، إذا لم تستجب المعارضة لأطروحاته، وهو كلام يفرق ولا يجمع. فمن المفترض أن يكون الرئيس المكلف حياديا بين الفرقاء ، وليس طرفا منحازا لطرف.
واعتقدنا أن الرئيس سيتحدث بلغة تصالحية مع المجتمع الدولي، فلجأ إلى التصعيد حين قال إن رفض بعض الدول تكليفه «هي شهادة يعتز بها»، وهي إشارة واضحة لتصريحات وزير الخارجية البريطاني جاك سترو، وهو كلام مقبول من رئيس مجلس النواب نبيه بري ، باعتباره شخصا منتخبا ورئيسا لمجلس منتخب، ولكنه لا يمثل الموقف الرسمي للحكومة اللبنانية ، حاله وحال رئيس مجلس النواب الأمريكي أو أعضاء الكونغرس الذين عبروا عن رأيهم بكل حرية ، ولكنها لا تمثل السياسة الرسمية.
لبنان بحاجة إلى المصالحة الوطنية ، والى حكومة وحدة وطنية ، وكل الفرقاء متفقون على القضايا الجوهرية ، وكل الفرقاء يتذكرون أن الأطروحات والتصريحات التي أطلقها عدد من الوزراء بحكومة كرامي المنحلة ، هي احد أسباب الخلافات وردود الفعل ، ولذلك فان استمرار الرئيس المكلف بالحديث باعتباره طرفا في الخلافات السياسية سيضعف دوره ، ويقلل من إمكانية نجاحه في تشكيل حكومة لبنانية تمثل كل ألوان الطيف السياسي.
الغريب أن الرئيس كرامي معروف بالهدوء ، وكل ما نتمناه أن لا تكون آثار الجلسة الصاخبة لمجلس النواب اللبناني ، التي قدم فيها استقالته وما تبعتها من أحداث ، جعلته يتحدث بلغة انفعالية لم يعهدها منه من يعرف الرئيس كرامي ، إضافة إلى أن طبيعة مهمته في تشكيل حكومة تتطلب منه النأي بنفسه عن كل الخلافات اللبنانية ، وخاصة أنه في مرحلة مشاورات تحتاج فيها للتصالح مع الجميع، والى الدوس على الجراح والتسامي فوق الخلافات ، فلبنان بحاجة للهدوء والحوار وليس بحاجة للتصعيد والانفعال.
الشرق الاوسط