المؤتمر نت-عبد الملك الفهيدي - المعارضة اليمنية ..من هو (حريرها)الخاص!؟ البداية كانت من تلك الخطابات النارية التي تضمنتها بيانات أحزاب المشترك وفي مقدمتها تجمع الإصلاح..الذي لم يجد في مؤتمره العام الثالث من قضية يناقشها سوى البكاء على (أطلال) فشله في الانتخابات البرلمانية الأخيرة ،رغم أن شعار مؤتمره كان عن (الحقوق والحريات)،ولولا تلك الأسطر التي ذكرت فيها قضية مراسل الجزيرة تيسير علوني ،لكان مؤتمر الإصلاح خرج خالي الوفاض من أي معانٍ تتعلق بالحريات والحقوق.
وبعدها ولان المؤتمر الشعبي العام ترك كل تلك الاتهامات التي كالها له حزب الإصلاح وراء ظهره وذهبت دورة لجنته الدائمة للمطالبة بسرعة إلغاء عقوبة الحبس على الصحفي،وتقديم مبادرة غير مسبوقة على صعيد تعزيز دور المرأة في الحياة العامة والسياسية ،وتمكينها من الوصول إلى مراكز صنع القرار ،أدرك الإصلاح انه فشل في دغدغة مشاعر المواطنين وتذكيرهم بمزاعم تزوير ارتكبها الحزب الحاكم ،كما أدرك انه إن بقى يغرد خارج السرب فيما يتعلق بموضوع المرأة فان الطامة ستحل عليه في الانتخابات المحلية التي لم يتبق لها سوى اقل من عام .
ولان الإصلاح تعود منذ (15) عاماً من العمل السياسي على استغلال أصوات النساء في معاركه الانتخابية فقد وجد انه وفي ظل ارتهان موقفه لرؤية فقهية وشرعية متشددة تحرم مشاركة المرأة ،سيفقد صوتها .
ولذلك أراد أن يحول المعركة من ساحة النقاش السياسي مع دعوة المؤتمر للأحزاب لتأييد مبادرته إلى ساحة أخرى هي العبث بالوضع الأمني والعزف على أوتار (الاقتصاد) من خلال شن هجمة إعلامية على مجمل الإصلاحات التي تنفذها الحكومة المؤتمرية ،وعلى رأسها قانون ضريبة المبيعات.
وترافق ذلك مع حملة إعلامية معارضة قادها الإصلاح ضد القضاء ،وبرز محمد ناجي علاو الذي ترك مهنته (المحاماة) وذهب للبحث عن تسجيل مواقف سياسية في كل جلسة محاكمة يحضرها ،سواء أكان مخولاً بالحديث عن المتهم أم لا..وليس أدل على ذلك من البيانات الصادرة عن منظمته (هود) التي تزعم بعدم دستورية المحكمة الجزائية المتخصصة ،رغم انه ترافع فيها لاكثر من مرة،ورغم أن القاضي سعيد القطاع قال له خلا ل إحدى جلسات استئناف محاكمة متهمي كول"أذكرك بأنك صحت ذات يوم في هذه القاعة بأعلى صوتك عاشت العدالة).
ويبدو أن الاخوة في حزب الإصلاح ،وبقية (لمة) المشترك باتوا ينظرون لما حدث في لبنان وكأنه يمكن أن يتكرر في اليمن ،فاستهوتهم مناظر المظاهرات (الموالية ،والمعارضة ) التي اندلعت في العاصمة اللبنانية على خلفية مقتل الحريري فأضحوا يحلمون بإمكانية تكرارها هنا في صنعاء.
ومن هذا المنطلق بدأ الاصلاحيون ومن وراءهم (المتردية والنطيحة وما أكل السبع ) في التحضير لزوبعة جديدة هذه المرة كان المستهدف منها هو إقلاق السكينة العامة للمجتمع ،وإثارة البلبلة ،وزعزعة الاستقرار الأمني ،وترويع الناس من خلال مظاهرات استهدفت الإضرار بالمصالح والممتلكات العامة ،والخاصة للمواطنين في عواصم المحافظات.
الوسيلة كانت هي تضليل الرأي العام حول قانون ضريبة المبيعات وتصويره وكأنه (النفق المظلم)- الذي زعموه في مؤتمرهم –الذي سيؤدي إلى هلاك المواطنين .
وإذا كان الاصلاحيون وأشياعهم في المشترك لا يستطيعون الصبر على السنوات الدستورية والقانونية المتبقية لحكومة المؤتمر التي أنتجتها صناديق الاقتراع ،فعليهم البحث عن مكان أخر لا يصل فيه الحكام إلى السلطة عبر بوابة الشعب ،وإذا كانوا يرمون استغلال هذه الفوضى في التمهيد للانتخابات المحلية،والرئاسية القادمة فعليهم أن يبحثوا عن بدائل أخرى للدعاية الانتخابية غير ضرب الاستقرار الأمني،والدخول بالبلد في آتون "نفق مظلم" سيكونون هم أول وقوده.
وعندما تحين معركة الانتخابات عليهم أن يخرجوا إلى الشارع ويقولون للناس (هذه برامجنا)،ونحن الاصلح لقيادة هذا البلد ،أما أن يركنهم الشعب في ذيل قائمة الفائزين في المعركة الانتخابية ،فيلجأون إلى ممارسة أساليب غير ديمقراطية في الضغط على الحزب الحاكم لتحقيق مأرب سياسية ..فعليهم أن يتقبلوا (صفعة) انتخابية جديدة سيهديها لهم الشعب في اقرب جولة انتخابية قادمة.
إن المشكلة التي باتت تعيق تقدم المعارضة في اليمن هي أنها غير قادرة على الاستفادة من الدروس والعبر المتراكمة منذ (15)عاماً،وما موقف المعارضة من فتنة(مران) وتمرد(الحوثي) ببعيد عن الذكرى..
على المعارضة أن تعي جيداً أن الملايين التي هتفت ذات يوم (الوحدة او الموت) ، ،وان أرواح الشهداء الذين سقطوا دفاعاً عن النظام الجمهوري والديمقراطية في جبال مران ،تلك الأحداث التي لطخت أياديهم في صناعتها أو في مساندتها ،ليس من السهل على العشرين مليون أن يتناساها في غمضة عين ،مهما كانت المبررات ،وليس من السهل على المواطن الذي أدرك يومها أن تلك الأحزاب لم تجد ما تكايد به المؤتمر وحكومته سوى أن تساند تمرداً كان ينوي العودة بالوطن إلى العصور "القروسطية".
ان مسؤولية قيادة البلد ليست مجرد كتابات نقدية ،أو قدرة على التعبير عن الآراء على صفحات الصحف ،فقد أثبتت التجارب سيما على صعيد المنظمات المدنية ان وصول المعارضة إلى دفة القيادة فيها جعل منها (ارضاً بور)،فكيف لوا صبحت هذه المعارضة تقود سفينة على ظهرها عشرين مليون نسمة .
وخاتمة القول أن ما بين بيروت وصنعاء بون شاسع ،فقانون ضريبة المبيعات ليس هو "رفيق الحريري" ،والمؤتمر الشعبي العام الذي يحكم البلد بناء على ما حصده من صندوق الاقتراع ليس هو الجيش السوري ..
|