المؤتمر نت - القذافي يخطب في القادة العرب بوصفه فيلسوفا انتظر الزعيم الليبي معمر القذافي حتى قبيل اختتام أعمال القمة العربية في الجزائر ليفاجئ الحاضرين بكلمة مطولة تنقل فيها من الشرق إلى الغرب ومن الشمال إلى الجنوب معرجا على السياسة حينا ومستذكرا التاريخ حينا آخر، مؤكدا أنه يتحدث كفيلسوف ومثقف يأسف لوجوده في هذا المكان.
وكان من المقرر سلفا أن تقتصر الجلسة العلنية على كلمة للأمين العام للأمم المتحدة كوفي أنان إلا أن الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة مستضيف القمة أعطى الكلمة للزعيم الليبي الذي ألقى كلمة مرتجلة استغرقت أكثر من ساعة.
وأثار القذافي ضحك الحاضرين عندما حرص في بداية كلمته على أن يصف نفسه بأنه "عميد الزعماء العرب"، ثم عاد وأثار ضحك الرئيس الفلسطيني محمود عباس بشكل خاص عندما وصف الفلسطينيين والإسرائيليين بالغباء مؤكدا أن هذا هو السبب وراء عدم حل المشكلة بين الطرفين حتى الآن.
وفي تصوره لحل هذه القضية اكتفى القذافي بتكرار أفكاره عن إقامة دولة واحدة تضم الشعبين في إطار ديمقراطي وسماها دولة "إسراطين"، وإن أضاف جديدا يتمثل في اعتبار رئيس الوزراء الإسرائيلي أرييل شارون "عميلا للفلسطينيين لأن سياسته تتسبب بمقتل العشرات في عمليات فدائية فلسطينية حتى في قلب تل أبيب".
ونحا الزعيم الليبي نحوا أكثر جدية عندما تحدث عن سوريا محذرا من أن تؤدي "سياسة الظلم القائمة" إلى سقوط النظام السوري القوي وإتاحة الفرصة لظهور "تنظيم القاعدة وحزب الله والزرقاوي" هناك، ومؤكدا أن "هذا الظلم يولد بن لادن آخر ويجب أن نكون جديين" في التعاطي مع هذه المسألة.
وعاد القذافي الذي يحكم بلاده منذ 36 عاما إلى خطابه الثوري القديم عندما استنكر الاهتمام الدولي بقرار مجلس الأمن رقم 1559 دون غيره من القرارات التي تخص القضايا العربية، كما أكد أنه لا يعترف بأي محكمة دولية لأنها محاكم باطلة، قائلا إنه يعكف على إعداد دراسة قانونية يقدمها للأمم المتحدة لتبيان بطلان هذه المحاكم.
وفي هذا الشأن دعا الزعيم الليبي السودان إلى عدم السماح بمثول أي من أبنائه الذين يقال إنهم ارتكبوا جرائم ضد الإنسانية في دارفور أمام محاكم دولية أيا كان نوعها، مؤكدا أن الدول العربية لديها محاكم وقانون ونظام.
وبين ابتسامات بعض القادة ورؤساء الوفود وتململ البعض الآخر واصل القذافي عرض أفكاره مؤكدا أن الديمقراطية في آسيا وأفريقيا تمثل "أفضل الديمقراطيات لأنها مرتبطة بالنظام الاجتماعي"، ومشيدا في هذا الشأن بأوغندا وغانا قبل أن يشير إلى لبنان قائلا إنه "في بلداننا تسقط الحكومة بمظاهرة، لكن في الغرب الشعوب تنبح ولا أحد يسمع صوتها كأنها كلاب تنبح".
ولم يخف القذافي مرارته وسخريته في الوقت نفسه من إصرار الغرب على التدخل في شؤون الدول العربية حتى الداخلية منها، ضاربا المثل بقضية الختان وقضية الممرضات البلغاريات اللاتي صدر بحقهن حكم قضائي لتورطهن في نقل فيروس الإيدز إلى مئات الأطفال ما أدى إلى مقتل 47 منهم.
ومع نهاية كلمته المطولة لم يبخل معظم الحاضرين بالتصفيق الحاد للزعيم الليبي الذي بدا منتشيا خاصة بعدما هنأه الرئيس الجزائري على "صراحته" قائلا إن أفكاره فيها الكثير من الأفكار الحقيقية.
وإذا كان القذافي قد أثار جدلا في قمم عربية سابقة بخلافات مع زعماء عرب أو هجوم عليهم، فإن المؤتمرين في الجزائر شعروا بالارتياح هذه المرة بعدما اكتفى الزعيم الليبي بإثارة جدل فكري فلسفي ربما انطلاقا من وصفه لنفسه بأنه مثقف وفيلسوف وليس زعيما سياسيا.
|