الناطق الرسمي باسم المؤتمر الشعبي العام- اليمن
التاريخ: الأحد, 24-نوفمبر-2024 الساعة: 12:32 ص
ابحث ابحث عن:
قضايا وآراء
الجمعة, 13-مايو-2005
المؤتمر نت - الكاتب فيصل جلول بقلم-فيصل جلول -
صنعاء بلا سلاح عشوائي؟ لِمَ لا؟!
السلاح زينة الرجال" شعار عربي موروث من حقبات زمنية ساحقة في قدمها لا يمكنني تحديدها بدقة يفترض الشعار أن كل رجل غير مسلح هو رجل غير مزين(بضم الميم وفتح الياء).كما يفترض أن كل رجل غير مزين بسلاحه الفردي يفتقر إلى الكرامة والشرف والنخوة وغيرها من القيم المرتبطة بالشعار نفسه وهو افتراض يدعو للأسف لأن أغلبية العرب الساحقة لا تتزين بالأسلحة الفردية ولا تتجول بها في الشوارع على مدار اليوم وبالتالي لا يجوز التخيل أنها تفتقر إلى تلك القيم.
هكذا إذن الرجل الزين هو الرجل المزين ببندقية وكلما امتلك عناصر زينة أكثر زادت زينته رونقا وبهاء فهو نموذجي إذا كان يمتلك على سبيل المثال: كلاشنكوف وإم 16 ومسدس غولد سميث ومدفع رشاش متوسط عيار 12 /7 ملم ومدفع هاون عيار 81 ملم وقاذف آر.بي. جي 7 . وقد يبلغ أقصى درجات الزينة إن كان لديه صواريخ سام 7 ناهيك عن صناديق من القنابل اليدوية الصوتية والدفاعية يلهو بها الأولاد بعد عودتهم من المدرسة مساء.
مع ديكور الجحيم الموصوف يكون الرجل المعني قد صار نموذجيا في زينته فما الذي يفعله بها؟يردع المعتدي أو المعتدين المفترضين. يحمي عرضه وماله. يثأر لكرامته أو لأهله يغير معهم ويغزو إن غزوا أو أغاروا يحصل على حقوقه بالضغط على الزناد.هذا إذا كان يحترم "العيب" أما إذا كان ممن لا يحترمون مالا أو عيبا أو عرضا أو ما شابه ذلك فهو يتحول "بزينته " إلى قاطع طريق أو قاتل دنيء أو سفاح يعمل وفق شريعة الغاب لا شريعة البشر.
كان يمكن للرجل المزين بهذه "الجبخانة" أن يكون منطقيا في زينته قبل مائة سنة على الأقل أو قبل مئات السنين فمثله مثل الرجال الآخرين يتساوى في الزينة معهم وينتظم في القوانين الحقوقية نفسها المكتوبة والعرفية وبالتالي لا تبدو زينته متخلفة عن العصر بل في صلب العصر.أضف إلى ذلك أن الرجال المزينين بالأسلحة كان يمكن أن يدفعوا بمجموعهم مخاطر خارجية أو يمكن أن يوسعوا حدود أوطانهم بواسطة الغزو والسيطرة والاحتلال...إلخ.وهذا كله مفهوم في عصر آخر غير هذا العصر.
وحتى لا نظلم العرب بالقول أنهم ينفردون بزينتهم الموصوفة عن سائر بني البشر نشير إلى أن شعوب الأرض بأسرها كانت تعتمد "الماكياج" العسكري نفسه وفي طليعتها في العصر الحديث الشعب الأمريكي "العظيم" المؤلف من رعاة بقر مزينين بأسلحة فتاكة استخدموها في قتل وإبادة الشعب الهندي الأحمر إلى أن صار اليوم أثرا بعد عين . والغريب في أمر هذا الشعب "العظيم" أنه ما زال يصدر إلى العالم حتى اليوم أفلام "الكابوي" السينمائية التي تروي مجازر الهنود وتحظى هذه الأفلام ـ يا للأسف ـ بتصفيق وترحيب المشاهدين في كل الأوطان والدول ويتساوى في تقديرها الكبار والعامة.ألم يصرح الرئيس الراحل أنور السادات أن أفضل لحظات المتعة في حياته هي مشاهدة أفلام الكابوي الأمريكية.؟!!
أكتفي بهذا القدر من التمهيد للعودة إلى اليمن ليس لاستفزاز الذين يدافعون عن السلاح بوصفه زينة بل لمساءلة الذين يصرون على تحويل عاصمة اليمن ومدنه الرئيسية معارض للزينة يتجول فيها رجال بأسلحة عسكرية ـ لا أتحدث عن الجنابي ـ دون مبرر وجيه ـ إلا ـ أن الرجل الفلاني يحمل كلاشنكوفا وقنابل ومسدس في الأسواق التجارية ليثبت للمارة انه يتحدى الدولة بزينته و أن أحدا لا يستطيع منعه من التجول ب "جبخانته" الظاهرة وأنه محمي من هذا الشيخ أو ذاك ويرى نفسه بالتالي أكبر من الدولة و وأجهزتها.ومن لا يعجبه فليشرب مياه البحر العربي أو الأحمر أو أي بحر آخر.
منذ سنوات وخلال زياراتي لصنعاء أطرح على نفسي سؤالاً دون أن أعثر له على إجابة منطقية كلما رأيت رجلاً أو مجموعة رجال مسلحين بين الأهالي في العاصمة؟هل يتم ذلك بسبب الثأر؟ هل يصرون على التظاهر بأسلحتهم لأن منافسين لهم يتظاهرون بها؟ أو من القرية المجاورة؟ أو لأغراض أخرى؟ أم بفعل العادة الموروثة منذ القدم؟
أغلب الظن أن منطق حمل السلاح في الأرياف النائية قد يكون مبررا بسبب ضعف الحضور الرسمي للدولة أو بسبب الحيوانات المؤذية أو لأن الدولة لم تعمل بعد على تسوية الخلافات الثأرية المزمنة والمتوارثة. لكن حمله في العاصمة يفتقر إلى كل منطق وذلك للأسباب التالية:
أولا: إذا كان لتحدي الدولة وإظهارها ضعيفة وغير قادرة على ردع الخارجين عن إرادتها فإن هذ ه الدولة يمنية وليست صهيونية فأي فخر في أن يتحدى اليمني دولته اليمنية.
ثانيا: إذا كان خوفا من الثأر فالخوف ينتفي عندما يطبق القانون على الجميع فيتساوى الجميع وينتفي الخوف.
ثالثا: إذا كان من أجل البقاء على مستوى واحد مع المنافسين فالسبب ينتهي لأن الدولة تضمن لكل الفئات عدم حمل السلاح فيتساوى الجميع في زينة أخرى غير البنادق.
رابعا: إذا كان من أجل تحصيل حق بالقوة فان الحق الذي يؤخذ بالقوة يسلب بنفس القوة في صيرورة غير مفيدة ولا جدوى منها ولم تبرهن عن فعاليتها في أي زمن.
خامسا: إذا كان من أجل التسلط على الناس فهو يتناقض مع أعراف العيب اليمنية ويستدعي القمع والردع بقوة من طرف الدولة والمجتمع الأهلي على حد سواء.
سادسا: إذا كان بفعل العادة فإن العادات السيئة لا تكون مدعاة للاحترام والفخر بل هدفا للشجب والقمع.
سابعا: إذا كان من أجل التقاليد والعادات فمن السذاجة الاعتقاد أن السلاح يحميها من الانهيار أو التجاوز أو الفناء.
ثامنا:إذا كان لحماية المواكب الرسمية والشخصيات الاجتماعية فإن سلاح الدولة كفيل بأداء هذه المهمة.
تاسعا : إذا كان لضرورات خاصة وقاهرة كما في كل دول العالم فيجب ألا يكون السلاح ظاهرا وأن يكون مرخصا واستعماله خاضعا للقانون.
لمجمل هذه الأسباب ولغيرها يتوجب القول بلا تردد أن حمل السلاح في صنعاء يفتقر إلى كل منطق
وبالتالي يتوجب منعه بكافة الوسائل الشرعية المتاحة على أن تكون العاصمة مثالا يحتذى لمدن يمنية أخرى وصولا حتى أقصى قرية في الريف اليمني في مدى أبعد.
إن ما تحتاجه صنعاء ليس رجالا مزينين بالسلاح غير الشرعي وغير المرخص والعشوائي بل إلى رجال مزينين برساميل للاستثمار وبمعارف طبية وهندسية وثقافية ومكاتب للسياحة ومصانع منتجة وآليات لجمع القمامة وبأحلام مستقبلية تعيد لهذه المدينة العريقة مجدها الغابر.
صنعاء بلا سلاح عشوائي؟.شعار قابل للتطبيق بل في متناول اليد شرط أن تنظم حملة عامة برعاية الدولة وأن يرفع الشعار في كل مكان وفي وجه كل مسلح غير شرعي وأن يعهد إلى لواء خاص في الشرطة تطبيق القانون على الجميع وبدون استثناء .
نقلاً عن صحيفة 26 سبتمبر





أضف تعليقاً على هذا الخبر
ارسل هذا الخبر
تعليق
إرسل الخبر