الناطق الرسمي باسم المؤتمر الشعبي العام- اليمن
التاريخ: الأحد, 24-نوفمبر-2024 الساعة: 12:17 ص
ابحث ابحث عن:
قضايا وآراء
الأربعاء, 18-مايو-2005
المؤتمر نت - الكاتب-خير الله خير الله بقلم-خيرالله خيرالله -
15عاماً علي الوحدة اليمنية
بعد أيام اي في 22 مايو -ايار الجاري، تحل الذكري الخامسة عشرة لاعلان الوحدة اليمنية. انها 15 عاما من الايام الحلوة احيانا والصعبة والمرة في احيان اخري. أيام تؤكد أمرا واحدا فحواه ان الوحدة وجدت لتبقي، لا لشيء سوي لأنها الوضع الطبيعي لليمن لا اكثر ولا أقل، من دون زيادة ولا نقصان.
كانت حلاوة الوحدة في انها جاءت طبيعية اي انها تحققت سلماً برغبة طرفين أدركا في مرحلة ما انها الخيار الوحيد المتاح امامهما، فأقبلا عليها من منطلق انها تجسد طموحات الشعب اليمني. وكانت المرارة والصعوبة في اضطرار اهل الوحدة للدفاع عنها بالقوة صيف العام ،1994 في مواجهة مؤامرة ذات طابع اقليمي انجر اليها الحزب الاشتراكي اليمني الذي كانت قيادته تضم عددا لا بأس به من الهواة في السياسة ومن ضعاف النفس الذين لم يدركوا ان الانقلاب علي الوحدة ليس بالسهولة التي يتصورونها حتي لو حظي هذا الانقلاب بدعم وتمويل اقليميين.
الآن، بعيدا عن الجدل في شأن الأخطاء التي ارتكبت في تلك المرحلة، يظل افضل ما يمكن عمله في نهاية المطاف تذكر ان العقل الذي بني الوحدة كان عقلا سياسيا اولا واخيرا، عقلا يدرك حقيقة التوازنات الاقليمية والدولية من جهة ويستشف المستقبل من جهة أخري. ولذلك حصل ما حصل وتحققت الوحدة من دون اراقة نقطة دم.
اذا عدنا سنوات قليلة الي خلف، اي الي المرحلة التي سبقت الوحدة، وجدنا كم ان الرئيس علي عبدالله صالح كان بعيد النظر في تلك المرحلة وذلك بتفاديه الاقدام علي اي خطوة يمكن ان تعوق عملية توحيد اليمن سلما بما يؤسس لدولة حديثة قائمة علي فكرة التعددية السياسية والتداول السلمي للسلطة ومن هذا المنطلق، يمكن القول ان احد اهم انجازات مرحلة ما قبل الوحدة انتظار الوقت المناسب لنضوج الظروف التي جعلت الوحدة تأتي في السياق الطبيعي لتطور العلاقات بين شطري اليمن وقتذاك.
كانت فكرة الوحدة بطريقة سلمية احدي اهم ميزات الوحدة، بل عنصرا اساسيا من مكوناتها نظرا الي ان لا وحدة بالاكراه، كان سهلا علي ما كان يسمي الجمهورية العربية اليمنية التدخل اثر احداث 13 يناير 1986 لفرض الوحدة بالقوة ذلك ان الذي حصل وقتذاك في الجنوب كان حربا اهلية بكل معني الكلمة والحروب الاهلية علي حد تعبير الدكتور عبدالكريم الارياني، لا يمكن ان تنتهي الا بمصالحة وطنية، وهي الخطوة التي رفض الحكام الجدد لما كان يسمي جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية الاقدام عليها الي ان تبين لهم ان الوحدة تمثل المخرج الوحيد للنظام من اجل انقاذ اهل النظام!.. كان هناك فارق بين من استوعب ان الوحدة مخرج للجميع وانها مستقبل اليمن من جهة وبين من اعتقد ان الوحدة مجرد خطوة تكتيكية من جهة أخري.
قامت الوحدة اليمنية علي فكرة التسامح ولذلك استطاعت الاستمرار علي الرغم من كل العوائق والصعوبات. وهي استطاعت الاستمرار لانها حاجة يمنية اولا اضافة الي انها حاجة اقليمية كما كانت في مرحلة معينة حاجة دولية. هل هناك من يريد ان يتذكر ان النظام في الجنوب انهار لأن الاتحاد السوفيتي السعيد الذكر لم يعد قادرا علي الاستثمار في النظام الذي اقامه في عدن؟ وكانت النتيجة ان انهار هذا النظام يوم 13 يناير 1986. قليلون فهموا في تلك الايام معني الحدث الذي كان عمليا بمثابة الاشارة الاولي الي انهيار الاتحاد السوفيتي بعد ذلك بأربع سنوات. كان مهما انه كان هناك في صنعاء من قرأ الحدث وفهم ابعاده وبات في الامكان القول الآن ان الرئيس علي عبدالله صالح الذي مارس مقدارا كبيرا من ضبط النفس انما عرف تماما كيف يتفادي السقوط في فخ التدخل في الجنوب آنذاك علي الرغم من كل المغريات، تاركا الامور تنضج لمصلحة اليمن ووحدة اليمن.
كان مهما ان تبقي الوحدة بعيدة عن اي نوع من العنف والاكراه، لكن حرب الانفصال التي شنت بدعم خارجي لم تترك مجالا لذلك، وكان لا مفر في مرحلة معينة من الدفاع عن الوحدة، وذلك لسبب في غاية البساطة يتلخص بأن مصير البلد كله علي المحك كان الخيار واضحا بين ان يحافظ اليمن علي وحدته.. وبين الصوملة، اي ان يصير صومالا اخري، وكان ان استطاع اليمن الانتصار علي مؤامرة الانفصال من دون التخلي عن فكرة التسامح التي تعتبر من ركائز الوحدة. انها الفكرة التي سمحت بعودة آلاف الفارين الي البلد بما في ذلك اولئك الذين راهنوا علي الانفصال، اثبت اليمن انه يتسع للجميع بمن فيهم ابناؤه الذين أساؤوا اليه، ولعل في ذلك تكمن عظمة الوحدة اليمنية، هذه الوحدة لم تمكن اليمن من ان يكون متصالحا مع نفسه فحسب، بل مكنته ايضا من حل مشاكله مع المملكة العربية السعودية التي توصل معها في العام 2000 الي اتفاق بشأن ترسيم الحدود بين البلدين كان يعتبره كثيرون مستحيلا، بل كانوا يراهنون علي ذلك. قبله كان اتفاق علي ترسيم الحدود مع سلطنة عمان ثم ممارسة قدرة فائقة علي ضبط النفس مع ارتريا التي اضطرت بدورها الي رسم الحدود البحرية مع اليمن اثر تحكيم دولي بين الجابين. هذا التحكيم الذي عكس نهجا حكيما في التعاطي مع الآخر حتي عندما يكون متهورا، انما هو ثمرة اخري من ثمار الوحدة التي قامت اصلا علي فكرة رفض العنف والاستعاضة عنه بالتسامح.
بعد خمسة عشر عاما من الوحدة، ما زالت اليمن تواجه تحديات كبيرة بدءا بالتنمية الشاملة وانتهاء بالحرب علي الارهاب الذي عاني منه البلد كثيرا.. مرورا بالحرب علي الفساد، اضافة بالطبع الي محاولات زرع بذور فتنة طائفية ومذهبية شهدت محافظة صعدة بعض فصولها منذ مايو من العام 2004 انها من دون ادني شك تحديات كبيرة، ولكن ما قد يدفع الي التفاؤل بالمستقبل ان تحديات الماضي، اي تلك التي استطاع البلد مواجهتها منذ العام 1990 كانت اقسي من تلك التي يواجهها حاليا. تكفي الاشارة الي عودة جزء كبير من العمالة اليمنية في السعودية خريف العام 1990 وان اليمن استطاعت استيعاب العائدين علي الرغم من امكاناتها المحدودة جدا واذا عدنا الي الماضي، وجدنا ان استيعاب العائدين من العمال كان من اصعب ما مرت به اليمن منذ الوحدة، الي جانب حرب الانفصال طبعا!
استطاع البلد بفضل الوحدة تجاوز عقبات وصعوبات جمة والأهم من ذلك كله ان الوحدة اليمنية صارت جزءا لا يتجزأ من المعادلة الاقليمية ومن الواقع الاقليمي اكثر من ذلك صارت الوحدة اليمنية عاملا من عوامل الاستقرار الاقليمي، في هذه المنطقة الحساسة من العالم.. انها وحدة وجدت لتبقي لأنها وحدة طبيعية قبل اي شيء آخر!...
نقلاً عن الراية





أضف تعليقاً على هذا الخبر
ارسل هذا الخبر
تعليق
إرسل الخبر