الناطق الرسمي باسم المؤتمر الشعبي العام- اليمن
التاريخ: الأربعاء, 27-نوفمبر-2024 الساعة: 06:18 م
ابحث ابحث عن:
كتب ودراسات
الخميس, 19-مايو-2005
المؤتمر نت - غلاف الكتاب تأليف: شائف علي الحسيني-عرض: نزار العبادي -
حديث العولمة.. وآفاق تطور اليمن
يهدف كتاب ( حديث العولمة.. وآفاق تطور اليمن) إلى إبراز صورتين هما : طبيعة المتغيرات الجديدة التي جاءت بها العولمة، ثم صورة الواقع الذي نعيشه في مجتمعاتنا، وما ينبغي علينا القيام به في مواجهة هذه التحديات الجديدة.
ولعل من أعظم النقاط التي تزيد من أهمية الكتاب، والأفكار التي تضمنها هي أن مؤلفه كان أول المفكرين الذين أشاروا إلى اعتبار "الأداة العسكرية " كإحدى أدوات العولمةفي وقت لم يكن العالم فيه قد شهد تطورات ما بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر .. وكان ذلك يمثل طرح جديد في تناول العولمة.
لقد ألقى شائف الحسيني أضواء مكثفة على منطق القوة في علاقات البشر بعضهم ببعض معتبرا ذلك أمرا قائماً وسيستمر إلى أن تسود حالة من تطور العقل البشري تفضي إلى أشياء أخرى تتجاوز منطق القوة الغاشمة إلى منطق الحق والعدل.
فالقناعة المتولدة لدى الحسيني هي أن استمرار الولايات المتحدة الأمريكية برصد الميزانية الكبيرة في مجال الأبحاث العسكرية، وتطوير تقنياتها بعد انتهاء الحرب الباردة، وإلغاء معاهدة الصواريخ ( البلاستية) الموقعة بينها وبين روسيا ABM منذ عام 1972م إنما يعبر بجلاء عن توجه جديد في العلاقات الدولية يستند على مفهوم القوة لتوسيع انتشار العولمة والسوق الحرة وتوسيع المصالح الاقتصادية على مستوى العالم.
فالأحداث المتسارعة بعد أحداث 11 سبتمبر أفرزت جملة من التداعيات التي أعادت العالم إلى حمى الحرب الباردة، كما هو الحال مع الحروب التي تشن تحت مفهوم ( مكافحة الإرهاب) في إفغانستان والعراق وفلسطين وغيرها. فهذه الأحداث وضعت العالم أمام مشهد عالمي تمخض عن حروب دامية أعادت الشعوب مرة أخرى إلى التفكير مجددا باستقلالها المنقوص بسبب التطورات الحديثة.
ويرى الحسيني أن أمريكا أخذتها العزة والكبرياء جراء الجرح الذي تسببت به أحداث 11 سبتمبر فثأرت لنفسها، ومن هنا يقود الانفعال إلى الخطأ، وهو الأمر الذي نراها فيه تتوعد الشعوب التي لا تتعاون معها بالويلات والحرب، إلى أن وصلت الأمور إلى " أن أصبح كل بلد متهما حتى يثبت براءته أو يقرأنها على حق كامل في كل ما تفعله إزاء الآخرين" ويستشهد بمقولة الرئيس بوش ( من ليس معنا فهو ضدنا) وقوله : ( أن هذه الحرب هي حملة صيلبية جديدة) مضيفاً ( أنها تستغرق وقتا طويلا وتكاليف باهضة وعلى الشعب الأمريكي أن يقبل ذلك ويتحمله).
ومن هنا ظهر السؤال: متى ستتوقف الحرب ضد الإرهاب؟ وهل أن العولمة لاتزال عملية مستمرة؟ بعد أن طفت مفاهيم جديدة في العلاقات الدولية تتصل بمكافحة الإرهاب لتحتل أولوية أعمال الدول الكبري بعد أن كانت العولمة تتصدر الأولوية.
من المعتقد أن تلك الشكوك ستظل مؤقتة لأن العولمة أكبر وأوسع مما حدث في 11 سبتمبر فهي تطورات سمحت للمعلومات في الانتشار بدء من الإنترنت إلى الاتصال عبر الأقمار الاصطناعية وانتقال رأس المال والبضائع بحرية كتعبير عن حرية السوق التي سعت من أجل تحقيقه النظم الرأسمالية منذ الثورة الصناعية، وأثمرت في انفتاح واسع على أكمل صورة في شكل العولمة الراهنة، وفي جميع الجوانب، الأمر الذي لم يعد ممكنا التراجع عنها.
لقد أملى هذا الانفتاح ضرورة التوسع واندماج الاقتصاديات العالمية، وصارت هناك عولمة سياسية على مستوى المنظمات الدولية أو ما يتعلق بحقوق الإنسان والديمقراطية والحرية.. بل وأصبح هناك تشريعات دولية تسري على جميع بلدان العالم فبات بالإمكان محاكمة الأفراد أو فرض الحصار على من تعتبرها الولايات المتحدة منتهكة للقانون الدولي، وبذلك فقدت الدول استقلالية قرارها الوطني.
وفي ظل حالة الاندماج أصبح من الصعب لأي بلد الاعتماد على ذاته في تلبية احتياجاته، وبات اقتصاد كل دولة كبرى أكثر اعتمادا من أي وقت مضى على مراكز تقع خارج حدودها، فانجرت الدول إلى سلطة التشريعات الاقتصادية مثل اتفاقية (الجات) وغيرها، و أصبحت منظمة التجارة العالمية عراب العولمة في هذا المجال، ولعل تزامن عقدها لمؤتمرها في الدوحة في ديسمبر 2001م مع الحرب على أفغانستان يؤكد إصرار الولايات المتحدة على استمرارية نهجها السابق في مجال العولمة في حين كان عقد منتدى ( دافوس) في نيويورك في فبراير 2002م خلافا لمكانه السابق المعتاد في سويسرا- لا يمثل فقط استمرارية النهج العولمي، بل إعلان التأييد للولايات المتحدة صراحة في حربها ضد الإرهاب، وقد أصدر توصيات تخص الآثار السلبية للعولمة وضرورة مساعدة البلدان الفقيرة في التغلب على الفجوة بينها وبين الدول الغنية.
أما في قمة ( مونتيري) في مارس 2002م فتم التطرق لأول مرة إلى أن الفقر قنبلة موقوته موجهة إلى قلب الحرية، ودعا الرئيس شيراك إلى تشكيل تحالف لمكافحة الفقر وبناء حضارة عالمية قائمة على الاحترام.
ويخلص الحسيني إلى رأي مفاده أن الأمر سينتهي إلى زيادة الهيمنة الأمريكية على القرار الدولي واستخدام سياسة العصا الغليظة والجزرة النحيلة على نطاق واسع لتصبح القوة هي المحرك الأساسي لتنفيذ سياسات الدول الكبرى، وستتحول منظمة التجارة العالمية إلى أداة بيد أمريكا لفرض شروطها على العالم وبالأخص الدول الفقيرة، وهو الأمر الذي يملي على الدول العربية والإسلامية أن تنطلق النخب الحاكمة والقوى السياسية والمجتمع من رؤية مشتركة للمصالح الوطنية بعيدا عن الشوفينية والمثالية وأن عليها أن تتوجه نحو الإصلاحات الداخلية التي تعزز قيم التطور والتحديث والديمقراطية، وترفع شأن المجتمعات في حياتها المعيشية والثقافية، ومن ثم التوجه نحو التكنولوجيا وفرص الاستثمار والسياحة والتبادل التجاري وكسب المعرفة من اجل خدمة مجتمعاتهم.


• ماهية العولمة.
1- حرية السوق – السوق هو حقيقة العولمة وجوهرها وهو مرتبط بالتطورات الصناعية في الثلاثة القرون الماضية التي قادت إلى فلسفة أن النمو لا يتحقق فقط بالتوازن بين الاستهلاك والإنتاج ، فكلما كانت خيارات المستهلك أوسع وأكثر تنوعا كلما توسعت الصناعات وتحقق النمو الاقتصادي والازدهار الاجتماعي.
2- أسواق المال العالمية وتجارة العملات.
في توجهات العولمة لم تعد السوق الحرة تقتصر على البضائع بل أيضا على الفوائد من المضاربات في بيع العملة والمستندات والأسهم للقطاع المصرفي فتجارة العملات تحولت إلى سلع يتاجر بها وقد تسببت المضاربات في تجارة العملات بأضرار في اقتصاديات الدول النامية، فالمضاربون يقومون بتحريك أموال الصناديق الاستثمارية عبر الإقراض المضاعف بعشرات المرات، فإذا أرادوا تخفيف عملة ما فانهم يحققونه بالبيع المتكرر للعملة حتى وصول الهدف على غرار ما عمله صندوق " أمريكا لونج تيرم كابتل" مع النمور الآسيوية.
3- التكنولوجيا والمعلومات: إذْ أصبحت التكنولوجيا تتحكم بمصائر البشر سلما أم حربا، فضلا عن كونها أصبحت عاملا مرتبطا بالإنتاج وتكاليفه، ومتغيرات السوق الآنية، وتلعب سرعتها دورا مهما في صنع القرار بشأن التبادل التجاري وللاستثماري عبر الشبكات.. وعليه فهي مفاتيح التطور وأساس الحداثة.


• ثقافة العولمة وعولمة الثقافة
الثقافة في عصر العولمة تعني السوق الحرة والتكنولوجيا والمعلومات والمال.. ولم تعد البضائع المعروضة في الأسواق إلا شكلاً من أشكال الثقافة، وما تقوم به ثقافة العولمة هو تطبيع الإنسان على قيم الاستهلاك وربطه بالسوق الحرة حتى تصبح منتجاتها شكلا من أشكال الثقافة، وعندما تختفي الصناعات الوطنية المميزة لشعب ما فان اللجوء إلى غيرها يعني زوال ثقافة و إحلال أخرى.
فإذا أصبحت الشعوب تفكر بعقلية سوق الاستهلاك المفتوحة التي تغذيها الشركات عابرة الحدود فإن ذلك يعني أنها تفكر بعقليتها، وتتطبع بطبعها، وتتثقف بثقافتها، فالسلعة في نهاية المطاف هي ثقافة وحضارة.
أن الشيء الذي يخيف مجتمعاتنا من ثقافة العولمة هو إفراغها للثقافات الوطنية والقومية من عوامل قوتها وتطورها وطموحاتها، والخوف من ان تصبح الشعوب مسلوبة الإرادة، ضعيفة، خانعة مشتتة ممزقة تستهري أبناءها ثقافات الغير والعيش على وهمها دونما رؤية لواقع المجتمع ومصير الأمة حاضرا ومستقبلا.
• ثقافة القرية الكونية- ان من بين ما تعني هذه الثقافة انفتاح الأسواق واستثمار الأموال وجني الأرباح دونما اعتبار للقيم الأخلاقية والإنسانية، وهي لا تكون مأمونة في استمرارها الا بعولمة الثقافة، وهو الأمر الذي يدفع للتساؤل: كيف سيكون مستقبل العولمة في القرية الكونية إذا لم تصنع الإلفة والمحبة بين سكانها!؟
يميز المؤلف بين ثلاثة تيارات او مواقف إزاء العولمة، وهي:
1- تيار منبهر بالحضارة الغربية، ورافض للتراث كاملاً، ويدعو إلى فصل الدين عن الدولة.
2- تيار رافض لكل ما جاء به الغرب، ويدعو للعودة إلى الأصول، وهو خيال لا يتماشى مع الواقع حيث أنه لا يعني سوى تفاقم المشاكل وحدة الفقر وتخلف الزراعة والصناعة وغيرها.
3- تيار يؤكد على أهمية المحافظة على قيم المجتمع وثقافته وغربلة التراث لفرز المتطور عن الخرافي الرجعي الذي لا يستند إلى نص قرآني او حديث نبوي والقوانين والنظم، وهذا التيار يفكر به علماء مسلمون مستنيرون يؤمنون بالتوسط والاعتدال لاكتساب العصر وامتلاك التطور. وهو التيار الأفضل.


• أدوات ووسائل العولمة:
أولاً- الأداة السياسية تتمثل بحكومة الولايات المتحدة لأن ذلك هدفها، وأن عملتها تسود العالم، وتجني منها أرباح طائلة، ولأنها تنتج وتصدر أرقى تكنولوجيا المعلومات، وفي مقدمة باعة الطائرات المدنية والصناعات العسكرية وإنتاج الحبوب، ومهيمنة على صندوق النقد الدولي. ثم تليها الدول الصناعية الكبرى، ثم مجلس الأمن الدولي.
ثانياً: الإدارة الاقتصادية: وهي مرتكز العولمة الأساسي لأن الأصل في العولمة تعميم نظام اقتصادي شبه موحد في العالم يستجيب لمتطلبات السوق الحرة، بالاستعانة بما يلي:
أ‌- البنك الدولي وصندوق النقد الدولي – فقد تحولا من مؤسستين إشرافيتين للعملية الاقتصادية والنقدية في العالم إلى شريكين أيديولوجيين للنظام الرأسمالي في تعميم أفكاره، فصار يمهد البلدان للسوق الحرة، ويثقلها بالقروض الموجهة لإغناء البلدان الغنية وليس لرفع مستوى الإنتاج المحلي. مما يعني زيادة التخلف والأزمات الاقتصادية.
ب‌- منظمة التجارة العالمية وهي تسعى لإعطاء ميزة التخصص في العملية الإنتاجية وفقاً للندرة بالموارد الأولية التي تمتلكها، وهي أمر لا يتفق مع بلدان العالم الثالث لعدم قدرتها على المنافسة للشركات الكبرى.
ج- منتدى (دافوس) الاقتصادي
د- وكالة مودي وستاتدرن أند بوورز لخدمة المستثمرين.
ثالثاً- الأداة الإعلامية- فالعولمة لم تصبح مصطلحا شائعا إلا بوسائل الإعلام.
رابعاً: الأداة العسكرية- فالعولمة اليوم تتم الدعوة إليها وإشاعتها تحت حراسة قوة مسلحة ضاغطة تحرس قواتها منابع النفط ومنافذ البحار والمحيطات وتغطي قواعدها 70% من الكرة الأرضية ألا وهي أمريكا.


• الاتجاهات المعارضة للعولمة:
أولاً- الأوروبي (ليبرالي) يقولون أن العولمة ستؤدي إلى إفراغ الأنظمة الديمقراطية الأوروبية من قيمها الإنسانية، وستزيد من إفقار المجتمع، وسيطرة طبقة واحدة على الثروة والسلطة، وتعريض المجتمعات للفقر والبطالة والأمراض، وكما يلي:
1- ارتفاع معدلات البطالة وتدني مستوى الأجور واتساع رقعة الفقر.
2- خفض الضرائب على رؤوس الأموال وزيادتها على المستهلكين.
3- تعطيل آلاف العاملين وانخفاض ضرائب الدولة الموظفة للخدمات الاجتماعية جراء سياسة دمج الشركات.
4- خصخصة مؤسسات الضمان الاجتماعي، وصناديق البطالة، والصحة والتعليم.
5- تلاشي الطبقة الوسطى التي تحفظ المجتمع من الانهيار الأخلاقي والاقتصادي.
6- التلوث البيئي وتعرض صحة الإنسان للخطر.
7- تهميش دور نقابات العمال وحرمان الإنسان من حقه في العمل بسبب دخول الآلة.
8- إضعاف دور الدولة في حماية مصالح الأغلبية (دورها الاجتماعي).
ويقول المنتقدون للعوملة أن هناك ظواهر سلبية رافقت العولمة في الغرب والولايات المتحدة منها:-
أ‌- ظهور عدد من المليارديرات بثروات خيالية.
ب‌- ارتفاع معدلات الجريمة وازدياد المخاطر على المواطن
ج- ظهور أنظمة غير ديمقراطية تضيق بالمطالب الجماهيرية.
ثانياً: الاتجاه الإسلامي:
إذ اعتبروا أن الأيديولوجية الإسلامية تعادي كل ما سواها وهذا يجعلها في حرب باردة مع حضارة الغرب. حيث أن الغرب يصنف الأنظمة الثورية بأنها إرهابية أو مناصرة للإرهاب، وتحولت حركات التحرر بفضل وسائل الإعلام إلى مصدر إرهاب دولي، وصارت هناك صورة مشوهة للإسلام.
كذلك الحال بالنسبة لحقوق المرأة المسلمة التي صورها الغرب بأنها (منقوصة) فاعتبروا تعدد الزوجات، ومنع المرأة من العمل، وعدم سفرها بدون محرم ممارسات لا تتناسب وقيم العصر وحقوق الإنسان.
وعليه يقولون أن الإسلام ليس بحاجة إلى تنصيب أعداء جدد.
ثالثاً: اتجاه يساري اشتراكي
وهو يعتقد أن العولمة تطور معاصر للرأسمالية بأوجه أكثر بشاعة مما كانت عليه كونها تقوم على سياسة الاستحواذ للثروة وفتح الأسواق، وتحجيم الصناعات الوطنية واحتكار التكنولوجيا عالية الدقة، فتؤدي إلى انقسام العالم إلى ثري وفقير، وتفتح أبواب الصراعات العرقية والمذهبية وغيرها، والعولمة تعارض تطلعات الشعوب ورغبتها.

• البلدان النامية والعولمة.
هذه البلدان لم توحد مواقفها من العولمة، فالغربيون هم الذين تحدثوا عن النتائج الوخيمة التي ستحل في هذه البلدان، والتي منها:
1- تخريب اقتصاديات الكثير من البلدان النامية عبر إعادة الهيكلة الاقتصادية التي يقوم بها البنك الدولي وصندوق النقد، وجعلها عرضه للنهب والتحايل والفساد.
2- اتساع خارطة الفقر وتدمير الطبقة الوسطى التي تمثل المثقفين والفنيين والإداريين.
3- ارتفاع نسبة البطالة وتفشي الأوبئة.
4- ارتفاع المديونية.
5- تدمير الصناعات الوطنية والحرفية.
6- إضعاف مشاركة الدولة في النشاط الاقتصادي وتدني نسبة الضرائب لصالح الخدمات العامة.


• اليمن والعولمة
أولا: اليمن وقميص القيد الذهبي – وهو أن تجعل الدولة القطاع الخاص المحرك الأساسي للنمو الاقتصادي، وان تحتفظ بمعدل منخفض للتضخم وثبات الأسعار، وتقليص حجم البيروقراطية، والاحتفاظ بميزانية متوازنة، وإلغاء التعريفات الجمركية أو تخفيضها، وإزالة القيود عن الاستثمارات الأجنبية، والتخلص من نظام الحصص والاحتكار المحلي، وزيادة الصادرات، وان تجعل عملتها قابلة للتحويل، والقضاء على الفساد الحكومي، وعلى الدعم المقدم من الدولة لتغطية بعض المواد الأساسية، وأن تفتح الأنظمة المصرفية واتصالات أمام التنافس وغيرها من الالتزامات.
ثانيا: الخطوات التي قطعتها اليمن
أ‌. الخصخصة: كان الاستعجال للتحول إلى الوضع الاقتصادي الجديد وبعض أوجه الفساد الإداري سببا أدى إلى بيعها بأسعار زهيدة لا تمثل القيمة الحقيقة لها، ثم أيضا عدم اهتمام المعنيين بتأهيل المنشآت الإنتاجية والخدمية التي وصلت إلى حالة التهالك قبل بيعها باعتبار ذلك سيعزز من وضعها أمام المستثمرين المحليين والأجانب.
وكان المفروض وجود برنامج شامل وواضح تحدد فيه الخيارات الأساسية لتحويل هذه القطاعات من شكلها السابق إلى شكلها الجديد بحيث لا تسبب أضرار للعاملين فيها، إضافة إلى أنه كان يفترض تحديد القطاعات التي يحبذ بقاؤها تحت إدارة الدولة لفترة زمنية – خاصة الخدمية- لصلتها بذوي الدخل المحدود.
إلا أن تلك الخطوات لم تصلح ركود الاقتصاد بالشكل الذي كان مرجواً منها، إذا ما استثنينا خطوة إيجابية وهي تثبيت سعر العملة الوطنية عند مستوى محددة، رغم أنها لم تحفز المستثمرين، أما بقية الجوانب لم يطرأ عليها أي تحسن، فقد كان من المؤمل أن تدخل رؤوس الأموال الوطنية للاستثمار بشكل مكثف لكن الذي حدث خروج الاستثمارات خارج البلاد.
إن من المهم جداً إدراك أن القطاعات الاقتصادية قيد الدراسة لتحويلها إلى قطاع خاص كالكهرباء والمياه، والنقل، والمستشفيات ذات أهمية كبرى في حياة المواطنين، ويجب التعامل معها بحذر، فأن حماية المواطن يجب أن تكون في مقدمة الاهتمامات عند بيع القطاعات الاستراتيجية، وينبغي أن تكون الفترة الزمنية كافية لتأهيل الناس إلى الوضع الجديد.
ب- اليمن ومنظمة التجارة العالمية.
التجار يستوردون والحكومة تمنح التراخيص وتأخذ الضرائب، وعندما قرعت طبول العولمة وفتحت الأسواق سمع أصحاب الشأن في بلادنا هذه الأصوات كالذي كان نائماً وآفاق فجأة دون أن يعلم ما حدث.
فمنظمة التجارة العالمية من أهم وأخطر مؤسسات العولمة لأنها قائمة على تقديم أفضلية تجارية للبلدان الصناعية الكبرى والشركات متعددة الجنسيات على حساب البلدان الأقل نمواً التي لا تستطيع التساوي معها.
ورغم أنها أعطت فترة سماح عشر سنوات للدول النامية لاستيفاء الشروط، إلا أن ذلك بالنسبة لليمن غير ملائم، نظراً لما تحتاجه من زمن طويل لتحقيق التوازن المرجو بين الصادرات والواردات، وكذلك تغيير التشريعات وتعديلها. وما هو حاصل ليس إلا زيادة في معاناة الناس، ومن الإجراءات التي تضمنتها الاتفاقية:
حقوق الملكية الفكرية
- نظام الجودة (الأيزو 9000)
- نظام معايير العمل.
- سلم الأجور.
- حقوق المرأة في العمل والإجازات.
- حقوق المهرجان.
ومن هنا يتساءل الدكتور شائف الحسيني: ماذا سيكون حال اليمن إزاء كل ذلك إذا فقد القدرة على متابعة القضايا بطريقة عملية منهجية لإيجاد قواسم مشتركة مع المنظمة بما يحفظ المصالح الوطنية ولا يتعارض مع توجهات المجتمع الدولي!؟
ويلخص النتائج في الآتي:
1. إذا كان الجانب الصناعي صلب العولمة فإنها في اليمن صناعات صغيرة، وخفيفة تعتمد على مواد أولية خارجية لا تقدر على المجابهة. وكذا البنية الاقتصادية في اليمن تفتقر إلى الكثير من عوامل النهوض خاصة في البنية التحتية، وهناك أيضاً ارتفاع بنسب السلع المهربة في الأسواق، وضعف بنية الاستثمار، ومشاكل البروقراطية، وضعف كفاءة العنصر البشري، وغياب السوق المالية في الاقتصاد وغيرها.
2. وبالتالي ستتعرض الصناعات الوطنية للإفلاس والإغلاق، وفقدان الكثيرين لوظائفهم، حيث سيكون نظام الجودة وتكلفة الإنتاج، وضعف تجارة الإنترنت عائقاً دون صمود الصناعات الوطنية.
3. ارتفاع كلفة الإنتاج واستخدام الأيدي العاملة الرديئة بدلاً عن الآلة سيؤدي إلى تضرر الزراعة فضلاً عن العوامل الفنية الأخرى المتعلقة بالإرشاد الزراعي، بالبحوث والتخزين ووسائل التسويق وغيرها.
4. لا يملك اليمن حتى الآن خصوصاً في مسار العلاقة مع منظمة التجارة العالمية لا من حيث تفاصيل كل بند في الاتفاقية، ولا من حيث الاستفادة من الميزات التي تتيحها، كما أن مناقشة القطاع الخاصة للاتفاقية محدودة في المشاركة.
ج‌- الاستثمار وحركة رؤوس الأموال:
إن العولمة تتيح إمكانية نمو وازدهار اقتصاديات العالم الثالث، لكن من أكبر مخاطرها هو ذلك الذي يتهدد الدول التي لا تستطيع استقطاب رأس المال، أو رفع حجم صادراتها، والاستفادة من الإمكانيات الضخمة التي تتيحها العولمة.
فالنظام المصرفي في اليمن غير متطور، ولا يستطيع التعامل مع الظواهر الجديدة للاقتصاد العالمي، وفي أن يكون شريكاً في التنمية، حيث تتحرك رؤوس الأموال بقدرة قائقة في الفضاء الكوني عبر شبكات الإنترنت باحثة عن فرص استثمارية وأرباح في أسواق العملات والسندات.. فقد اعتمد البنك المركزي اليمني على سياسة قصيرة المدى تقوم على أساس تجميع العملات الأجنبية ولكن دون الاستفادة منها في التنمية.
وحالياً تقوم هذه السياسة على بيع أذونات الخزانة، وإعلانها بالمزاد العلني لامتصاص التضخم للعملة من الأسواق، وهو ما يعني تعطيل توظيفها في الجوانب الاستثمارية. أما الوظيفية الثانية فهي توريد مبالغ عائدات النفط والضرائب والجمارك إلى خزائن البنك، وإعادة صرفها في ضوء الميزانية العامة للدولة، وبعضها يدفع كأرباح لبيع أذونات الخزانة، وكذلك تسديد المديونية الخارجية.
فيما الوظيفة الثالثة هي الإشراف على البنوك التجارية المتواضعة رؤوس الأموال. وهي بشكل عام أموال غير ذات قيمة أمام بنك فرنسي واحد مثل "اندوسويس" الذي يصل رأسماله إلى (425) مليار دولار.
وأخيراً يرى الحسيني أن هناك خطوات أساسية لابد من توفرها لمساعدة اليمن على النمو وحل المشاكل الاقتصادية، وهي:
1. إيجاد مناخ استثماري عام ملائم، واستقرار سعر صرف العملة، وضرائب معقولة، وحوافز وامتيازات مناسبة، وقدرة شرائية لدى السكان، وتدريب مهني ممتاز، وخامات قليلة التكلفة، وطاقة رخيصة وحماية أمنية وقانونية.
2. إعادة دراسة القوانين المنظمة للأعمال المصرفية وتكييفها مع المتغيرات الاقتصادية الجديدة بما يضمن الاستفادة من التحركات المالية، وبما يشجع رؤوس الأموال العربية والأجنبية لدخول البلاد. وذلك أمر مناط بتظافر الجهود الرسمية الشعبية وتعاون كافة الأجهزة في الدولة..










أضف تعليقاً على هذا الخبر
ارسل هذا الخبر
تعليق
إرسل الخبر