عابد عبيد الزريعي -
السفر الى واشنطن ..السقف المنخفض والتوقعات المرة
تزداد التساؤلات والتوقعات ، حول النتائج التي يمكن آن تترتب على زيارة الرئيس الفلسطيني يوم 26/5 آلي واشنطن ,. خاصة وأنها تجئ بعد زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي ، التي دشنت سقف الحل " الآسر - أمريكي " للقضية الفلسطينية ، وهو سقف بلغ من الانخفاض حدا ؛ سيجبر كل من يمر تحته , على الانحناء آلي حد الانكسار .كما أنها تأتي بعد زيارة الأمير عبد الله التي فشلت في تجاوز هذا السقف ، حيث اعتبر الرئيس الأمريكي ، آن الحديث عن المبادرة العربية للسلام ، حديثا خارجا عن السياق ، بالرغم من آن الزيارة قد جاءت في سياق , احتياج الإدارة الأمريكية الشديد للموقف السعودي ؛ لدعم سياستها في إعادة التحكم في أسعار النفط . . على ضوء ذلك هل يجد الرئيس الفلسطيني نفسه , مجبرا على المرور من تحت هذا السقف . ؟؟ أم آن هناك آفاقا أخرى يمكن آن تفتح أمامه ؟؟؟
آن أحدا لا يستطيع آن ينكر الصعوبة المنتصبة , في وجه " أبو مازن " خلال زيارته المرتقبة ، تلك الصعوبة المتأتية عن التناقض بين الرغبة الفلسطينية , في البحث عن حل عادل للقضية الفلسطينية، وبين الموقف الأمريكي ، الذي ارتبط في مساره مع الموقف الإسرائيلي , في تنكره للحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني . ونتيجة لوعي هذه الصعوبة ، وفي محاولة للالتفاف على هذا التناقض وتجاوزه ، بدأ الطرف الفلسطيني ، بترتيب أوراقه الداخلية ، والخارجية وتوجيه عديد الرسائل الواضحة والعالية , للإدارة الأمريكية , والحكومة الإسرائيلية , محاولا بذلك خلق الظروف المناسبة لنجاح هذه الزيارة ، وإيجاد سقف جديد , غير ذلك السقف , الذي دشنته زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي لواشنطن . وذلك بتنفيذ قرار توحيد الأجهزة الأمنية ، وفي زمن قياسي ، مع ربط هذه العملية ، مع قرار التقاعد ، للإيحاء بان مرحلة كاملة قد أصبحت خلف الظهر ، واتخاذ عديد القرارات الخاصة بإصلاح الوضع الفلسطيني ، على الصعيدين الأمني والمالي والإداري ، وهي قرارات بقدر ما تعالج وضعا داخليا , يمس حياة الجماهير الفلسطينية ، آلا أنها جاءت بتوقيتها وطريقة إخراجها ، وكأنها رسالة موجهة للخارج ، توحي بتصميم السلطة على الإيفاء بكل ما هو مطلوب منها ومشروط عليها . وكذلك بتوسيع مجال الحركة السياسية ، على الصعيدين الإقليمي والدولي ، وقد تجلى ذلك من خلال الزيارات المكوكية للرئيس الفلسطيني لأكثر من دولة ، قبل وبعد استقباله للرئيس الروسي ، ورئيس الوزراء التركي ، بمقره في رام الله ، بهدف كسب التأييد والدعم للقضية الفلسطينية , قبل الزيارة ، ومحاولة الاستقواء بالموقف الدولي الداعم ، على أي محاولة للاستفراد به من قبل الولايات المتحدة , وفي سياق ترتيب وجمع الأوراق استعدادا للزيارة جاء قرار اللجنة التنفيذية بتوسيع صلاحيات أبو مازن كرئيس لفلسطين وليس فقط للسلطة الوطنية ، بما يعنيه ذلك من دلالات ومعاني .
وتعتقد السلطة الفلسطينية ، آن هذه الخطوات ستشكل قوة دعم لطلبها من الولايات المتحدة ، بان تمارس الضغط على إسرائيل ، كي تنسحب آلي حدود 1967 , وتلتزم بما هو مطلوب منها في خطة خارطة الطريق . ولكن معطيات الواقع السياسي تقول آن ذلك غير كاف لاختراق الموقف الأمريكي , الذي ذهب بعيدا في تبنيه ودعمه للسياسة الإسرائيلية ، وإصراره على الانفراد بملف القضية الفلسطينية , وهو الآمر الذي تجلى من خلال التجاهل التام للجنة الرباعية والهجوم الأمريكي الشرس , على الفكرة الروسية لعقد مؤتمر دولي حول الشرق الأوسط .
كما انه غير كاف لتليين مواقف الحكومة الإسرائيلية ، التي قابلت الإشارات الفلسطينية العالية ، بإشارات اكثر منها علوا ، فلم تتوقف عن التشكيك في جدوى وقيمة المواقف الفلسطينية المتخذة ، إذا لم تؤد آلي " نزع سلاح المقاومة " واستمرت في فرض سياسة الآمر الواقع ، حيث تواصلت عمليات الاجتياح والاغتيال ، ورفض الالتزام بما تم الاتفاق عليه في قمة شرم الشيخ , بخصوص تسليم المدن الفلسطينية , وفي ذات الوقت ، عملت على محاصرة الطرف الفلسطيني , على مستوى الحركة الخارجية ، معتبرة جولات" أبو مازن " الخارجية شكلا من أشكال الهروب من معالجة المشكلات الداخلية ، والإيفاء بالالتزامات المطلوبة منه ، بل أنها بدأت التشويش على زيارته آلي واشنطن قبل وقوعها , وذلك بتصعيد الوضع داخل الأرض المحتلة ، لدفع المنظمات الفلسطينية على الرد ، لكي تقول للأمريكان آن " المنظمات الإرهابية " مازالت فاعلة في مناطق السلطة ، وان الرئيس الفلسطيني عاجز عن مواجهتها . ولم يكن من محض الصدفة أنها أقدمت على ذلك قبل الزيارة بأسبوع , وقبل سفر شارون للمرة الثانية لواشنطن ، بهدف إلقاء كلمة أمام المؤتمر السنوي لمنظمة " ايباك " التي تمثل اللوبي اليهودي الإسرائيلي ، ثم مغادرتها قبل حلول أبو مازن بيومين ، وكأن الآمر يسير وفق سيناريو معد سلفا .
على ضوء هذا الاصطفاف الآسر - أمريكي ، يبدو من الصعب الحديث عن نتائج إيجابية ذات بال ، خلال هذه الزيارة ، وإذا كانت شروط اللعبة السياسية , تفرض آلا يعود الوفد الفلسطيني من واشنطن خال الوفاض , فان حقائق الواقع تقول آن ما يمكن آن يعود به ، سيبقى في الحدود التي لاتعزز إمكانياته وتفتح له سجلا للإنجازات ، تجعله اكثر قدرة على مقاومة الضغوط المسلطة عليه ، فعلى صعيد المساعدات الاقتصادية ، قام الكونغرس الأمريكي سلفا باقتطاع 50 مليون دولار ، من مبلغ ال200 مليون دولار المخصصة كمساع أمريكية للشعب الفلسطيني ومنحها لإسرائيل ، آما المبلغ المتبقي " 150 " فلن يمنح كمساعدة مباشرة للسلطة الفلسطينية ، وإنما لتمويل مشاريع , تنفذها منظمات غير حكومية , في الضفة الغربية وغزة , وفيما عدا ذلك مما يمكن آن يدرج تحت بند المساعدات , فقد حصلت الولايات المتحدة ,على موافقة مسبقة من بعض دول المنطقة لدعم " الفلسطينيين " ، أي أنها لن تدفع شيئا من حسابها ، وقد قالت وزيرة الخارجية الأمريكية في المؤتمر الصحفي بعد لقائها الأمير عبد الله " لقد ناقشت مع ولي العهد ضرورة آن يدعم الجميع ماليا الفلسطينيين .. أتوقع من دول المنطقة بمن فيهم السعودية دعم تلك الخطة " . وعلى الصعيد السياسي فأن الإدارة الأمريكية لن تتوانى عن إعطاء بعض الوعود السياسية الضبابية التي لا تتعارض , آو تتناقض مع محددات مواقفها المعلنة من التسوية ، وفي هذا الصدد ، وحسب الناطق باسم الخارجية الأمريكية " فان الرئيس بوش يتطلع آلي التباحث مع الرئيس عباس ، في جملة من القضايا الثنائية والإقليمية ، من بينها قضية فك الارتباط من غزة والمجهودات الخاصة بالتحرك قدما في خارطة الطريق نحو التوصل آلي تسوية سلمية بين الإسرائيليين والفلسطينيين "وغني عن القول أنها ستعبر عن دعمها لإنجاح خطة الانسحاب الإسرائيلي من قطاع غزة وبعض مستوطنات الضفة ، معتبرة ذلك تأكيدا على تمسكها بخطة خارطة الطريق ، ومدخلا منطقيا للطلب من الطرف الفلسطيني بأن يقوم بخطوة ، تتناسب مع ما ستقدم عليه إسرائيل ,لذلك عليه آن يبادر ويسارع ب " نزع سلاح المقاومة " و " تفكيك البني الإرهابية " , واعتبار ذلك دفعة على حساب إقامة دولة فلسطينية ، تأتي كتجسيد للالتزام الأمريكي ، " برؤية وجود دولتين : إسرائيل وفلسطين تعيشان جنبا آلي جنب في سلام وداخل حدود أمنه " , وهو موقف يدعو آلي الريبة والحذر إذا ما وضعنا في الاعتبار آن المضمون السياسي لخطة خارطة الطريق ، قد تآكل بفعل الضمانات التي قدمتها الإدارة الأمريكية لإسرائيل ، واعتبرت على أساسها آن الانسحاب آلي حدود الرابع من حزيران 1967 ، بات آمرا غير واقعي . وبذلك فان الدولة الفلسطينية المقترحة أمريكيا , ليست سوى تكملة وامتدادا للسقف السياسي الذي دشنته زيارة شارون السابقة لزيارة " أبو مازن " الذي – حسب بعض المصادر – رفض نصيحة بعض مستشاريه بتأجيل قبول دعوة الرئيس بوش , آلي ما بعد الانتخابات التشريعية لأنه سيجد نفسه خلال هذه الزيارة أمام خيار ين فإما آن يعود بلا شئ , آو يقبل بأي شئ ، وهما آمران أحلاهما مر .