الناطق الرسمي باسم المؤتمر الشعبي العام- اليمن
التاريخ: الأحد, 24-نوفمبر-2024 الساعة: 12:47 ص
ابحث ابحث عن:
كتب ودراسات
الخميس, 26-مايو-2005
المؤتمر نت - الدكتورةابتهاج الكمال دراسة)للدكتورة : أبتهاج الكمال - الحلقة الثانية -
المرأة اليمنية..والوحدة
المراة .. خلاصة تنمية شاملة :
واحدة من اهم المسائل التي ينبغي عدم تجاهلها عند مناقشة تطور وضع المراة اليمنية في ظل الجمهورية اليمنية هي ضرورة الربط بين فلسفة النظام السياسي وبين ما يتحقق للمرأة , حيث ان الفصل بين الموضوعين يحجب الرؤيا عن الآليات التي تسير بها حركة تطور المرأة, وبالتالي نكون قد تجنبنا على أي جهد حكومي مبذول في هذا الاتجاه .
فالسياسية الحكومية اليمنية تعتمد اسلوب(بناء المراحل والتحول التدريجي), ولعل ما آلت اليه اوضاع المراة اليمنية خلال (15) عاماً من عمر الجمهورية اليمنية لا يمكن عده بناءً منفصلاً عما قبله من جهد نضالي اسست به القيادة السياسية قواعد رفع اعمدة بناء المرحلة التالية التي اعقبت اعادة تحقيق الوحدة اليمنية 1990م.
وفي اطار هذا الفلسفة السياسية للدولة اليمنية فان القيادة السياسية لم يكون بوسعها اطلاق كل الخيارات دفعة واحدة على طريق تحرير المرأة وتفعيل مشاركتها السياسية والاقتصادية والثقافية- لان المسألة بالنسبة لها كما اسلفنا الذكر برنامج تنمية شاملة وليست برامج منفصلة عن بعضها البعض .
وبمعنى ادق ان الدولة غير قادرة على رفع شعار تمكين المراة اقتصادياً ما لم تسبقها بايجاد نهضته اقتصادية واقعية تستوعب مشاركة المرأة؛ وربما سيبدو الامر اقرب للمزايدة السياسية الحزبية لو ان قيادة اليمن دعت الى ( كوتا ) نسائية في اول انتخابات برلمانية اعقب الوحدة في وقت تفتقر فيه القوى السياسية الوطنية الى التجربة النوعية , وكذلك العملية الديمقراطية نفسها لم تكن قد اكتسبت كثيراً من التطور والنمو .
ومع ان المشاركة النسوية في انتخابات 1993م كانت جيدة, وبلغ عدد المرشحات فيها (41) إمرأة الا ان فوز امرأتان فقط كان مؤشراً قويا على مدى حاجة الساحة اليمنية لتأهيل الارضية التي تنطلق منها مشاركة المراة السياسية, وبلا شك ان الجهود التي بذلت لاحقاً تتضح بجلاء في ارتفاع نسبة الاناث المسجلات من 15% عام 1993م الى 37% عام 1997م. ولكن تبقى حالة تفاوت نسب المشاركة( صعوداً ونزولاً) من مشاركة واخرى مؤشراً آخراً على حجم التحديات التي تعترض مسيرة تطور المرأة اليمنية.
وفي كل الاحوال لم تكن القيادة السياسية راغبة بالقفز فوق المراحل , واستباق خطط التنمية الديمقراطية وبرامج إدماج المراة في الانشطة الاقتصادية والثقافية وتمكينها سياسياً. فقد كانت الاولوية لتأسيس الاطار القانوني الذي يمنح حقوق المشاركة للمرأة .



ومن هنا نرى ان القوانين الصادرة عقب الوحدة كانت تولي هذا الجانب عنايتها . فقد صدر قانون السلطة القضائية رقم (1) لسنة1990م ليمنح المراة حق تولي القضاء والنيابة – رغم ان بعض القوى السياسية عارضته من وجهات نظر شرعية – ثم صدر قانون الاحوال الشخصية رقم(20) لسنة1992م الذي يجسد مبدأ الرضا في الزواج وتشترط المادة (10) منه قبول المرأة , كما حدد هذا القانون نظم جميع العلاقات الاسرية, وحقوق المراة الزوجية كحق الفسخ , ووضع شروطاً للزواج باخرى والكثير من الحقوق .
أما القانون المدني رقم(19) لعام 1992م فقد كفل جميع الحقوق المدنية للمراة مثلها مثل الشروط التي وضعت للرجل .
في حين اكد قانون الخدمة المدنية(19) لعام 1991م مساواة المراة بالرجل في تولي الوظائف بنفس الشروط واعطى لها حقوق قانونية كثيرة كبقية قوانين الدول المتقدمة ..
كما صدر قانون العمل رقم (5 ) لعام 1995م الذي خصص فصلاً كاملاً نظم فيه عمل المراة, وساواها مع الرجل بكافة الشروط والحقوق والواجبات والاجور والتدريب والتاهيل , وحدد ساعات عملها, ومنع تشغيلها ليلا , أو بالاعمال الخطرة وغيرها من الحقوق .
وفي عام 1994م صدر قانون الجرائم والعقوبات رقم(12), وشدد على احترام المراة وحفظ نفسها ومالها وعرضها من الاعتداء . وساوى بين المراة والرجل في الحساب والعقاب . وتزامن معه صدور قانون الاجراءات الجزائية رقم(13) لسنة 1994م الذي فرض اجراءات خاصة يجب اتباعها اثناء التحقيق مع المراة , او تفتيشها, او القبض عليها, او ايداعها في السجون, او تنفيذ الاحكام في بعض القضايا .
كما أن قانون السجون رقم (48) لسنة 1991م افرد نصاً خاصاً للمرأة الحامل وكيفية معاملتها , ونص في المادة (27) على انه : ( يجب ان توفر للمراة الحامل المسجونة قبل الوضع واثناء الوضع وبعده العناية والرعاية الطبية اللازمة وفقاً لتوجيه الطبيب المختص وحسب اللائحة ). وفي المادة (33) منه اكد القانون على ان يوكل سجن النساء بنساء للحراسة والادارة, وشددت بعض فقرات القانون على ضرورة تعليم وتثقيف السجينات .
وقد تطور الامر عام 2002م الى انشاء جهاز الشرطة النسائية وتخريج دفعات منها تولت مهام في منافذ الدخول الوطنية, وفي المؤسسات الحساسة, وشاركن في حفظ الامن في مراكز



الاقتراع النسوية اثناء الانتخابات .. وكان ذلاك تطور نوعي كبير على افق الميدان المهني للمراة واسهاماتها التنموية, وذلك على تطور الوعي الوطني للمراة اولا, ثم تطور في ثقافة المجتمع اليمنية عموماً أزاء نظرته نحو المراة وحدود مشاركتها في الحياة .
جدير بالذكر ان اليمن انضمت خلال الخمسة عشر عاماً الماضية الى لجميع الاتفاقيات الدولية ووقعت جميع البرتوكولات الخاصة بمناهضة التمييز والعنف ضد المراة, والمؤكد لحقوقها الاخرى .
وفي الحقيقة ان التشريع القانوني الجديد الذي شكل مظلة حقوق وحريات المراة اوجد ايضاً ثقافة حقوقية رفيعة كانت بمثابة المنهج الذي استندت اليه جميع منظمات المجتمع المدني ووزارة حقوق الانسان , والمؤسسات التربوية والثقافية اليمنية في التوعية بحقوق المراة وحرياتها , ونشر ثقافة جديدة كان من شأنها ردم الكثير من المفاهيم المغلوطة, والقضاء على جزء من العادات والتقاليد التي كانت سائدة, وتتسبب في ظلم المراة واضطهاد انسانيتها, والتعدي على حقوقها الشرعية .
ولهذا نجد اليوم حراكاً غير مسبوق في مجال حقوق المرأة, وتصاعد الاصوات الداعية الى تمكينها من حقوقها , وحرياتها , وتفعيل مشاركتها السياسية والاقتصادية والثقافية. فالحديث الذي كان في عام 1990م يواجه ببعض السخرية ومعارضته شديدة لم يعد كذلك عام 2005م.
بل اصبح امراً عادياً من بعض جدل يوميات الانسان اليمني .. وهذا الامر بحد ذاته يمثل مرحلة متقدمة طالماً تطلعت القيادة السياسية لبوغها من اجل المباشرة بتقديم مشاريعها المتعلقة بإضافة المرأة الى حسابات الخطط التنموية كقوة منتجة ومساهمة في صنع النهضة اليمنية سواء بطرح مشروع ( الكوتا ) النسائية او غيرها من الخيارات التي تكفل للمراة اثبات وجود فعلي مؤثر .
وبحسب ما سبق ذكره في المحور السابق السابق من احصائيات حول نسب التعلم, وحجم ثقل وجود المراة في الحياة المهنية نجد ان متوسط الزيادة التي حدثت في نسب التحاق المراة بالتعليم الأساسي قد ارتفعت خلال العشر سنوات الماضية الى حوالي 62% وفي التعليم الثانوي الى حوالي 39%, والجامعي حوالي 32% . اما مشاركتها في قطاع العمل فتتركز في الزراعة والصحة, التعليم . فقد ارتفعت نسبة مشاركة المراة في القطاع الزراعي خلال الفترة من (1995م الى نهاية 2004م) بحوالي 44% , وفي التعليم 36%, وفي الصحة 20%, طبقاً لاحصائيات الجهاز المركزي للاحصاء .




لقد شهدت المراة خلال الجمهورية اليمنية توسعاً افقياً وعمودياً على صعيد المشاركة الاقتصادية, فاليوم لدينا المراة الطبيبة, والمهندسة , والقاضية والمحامية, والمحاسبة, والخبيرة , وضابطة الامن , والشرطية, وغيرها من العناوين التي كان من الصعب الحديث عنها قبل التسعينات , لكنها اليوم جزء من واقع حياة معاشة, وبعض ثمار بذور غرسها فخامة الاخ الرئيس علي عبد الله صالح منذ مقتبل عهده لتكون عنوان الدولة اليمنية الحديثة, وابرز ملامح الدخول الى الالفية الثالثة .
وبكل تاكيد ان المرأة ما كانت لتصل ما هي عليه اليوم لولا ان تطورها جاء في سياق نمو وطني شامل على مختلف الاصعدة السياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية والدولية, ساعدت على جعل عناصر التقدم والحداثة بمثابة المناخ الصحي الذي يهيء فرص نجاح المراة ودعم حقوقها وحرياتها , وانسانيتها الكريمة .
فمئات المنظمات التي تدافع عن المرأة في اليمن , وتناصر حقوقها, وتعزز مهاراتها وجدت الارضية القانونية التي تنبثق منها , ثم الدفع الحكومي والدعم اللامحدود لتقوية قدراتها ،علاوة على الدعم الدولي الكبير المقدم لها , والذي ما كان المانحون ليتقدموا به لليمن لولا ضمان استقرارها والوثوق بقيادتها السياسية , وعمق تجربتها الديمقراطية , وجدية الادارة اليمنية في بناء مستقبل اليمن الحديث .






أضف تعليقاً على هذا الخبر
ارسل هذا الخبر
تعليق
إرسل الخبر