المؤتمرنت -
ضمانات واشنطن والواقع الأليم
بعودة الرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبومازن) إلى المنطقة بعد زيارته الأولى إلى واشنطن ولقائه الرئيس جورج بوش، باعتباره رئيس دولة فلسطين. تعود الحركة إلى المنطقة. فأبومازن استطاع أن يحصل على ضمانات من الرئيس الأمريكي، غير مكتوبة بالطبع، تؤشر إلى أن واشنطن بدأت تنخرط في العملية السلمية وبدأت تعطيها اهتماما أكبر.
فالمقاطعة الأمريكية للرئيس الراحل ياسر عرفات، جمدت الوضع في المنطقة لأكثر من ثلاث سنوات، ولم يعد حصان مسيرة التسوية بالتحرك إلا بعد وفاته وانتخاب خليفته أبومازن.
كان التناقض واضحاً بين أبوعمار وأبومازن منذ انطلاقة انتفاضة الأقصى، فالرئيس الراحل كان طيلة حياته صدى لصوت الشارع بكل تناقضاته التنظيمية والفكرية والأيديولوجية، فاستطاع أن يجمع حوله كافة القوى المقاتلة بهدف الاقتصاص من مدنسي الأقصى.
الواقعية دفعت أبومازن إلى نهج خط مغاير، رافضاً فكرة العسكرة للانتفاضة والإبقاء على طابعها السلمي، إرضاء لفكرة قديمة تقوم على مبدأ "خذ وطالب". هذا التناقض بين النهجين دفع إلى حصار سياسي على عرفات لم يخرج منه من مقره في المقاطعة إلا محمولاً على عربة المرضى إلى فرنسا ليعود منها محمولاً على الأكتاف.
ومع عودة أبومازن من واشنطن يطرح الكثير من الأسئلة عما إذا كان الجانب الإسرائيلي سينفذ التعهدات التي قطعها، وخاصة الانسحاب من غزة، أولاً وتنفيذ خارطة الطريق كمرحلة تؤدي إلى تنفيذ الاتفاقات التي أقرتها اللجنة الرباعية الدولية، خاصة وأن الاحتلال عودنا على الكذب الدائم والتملص من تعهداته.
إن إقرار الحكومة الإسرائيلية الإفراج عن 400 أسير، هو بداية الدجل الإسرائيلي، ففي زنازين الاحتلال آلاف الفلسطينيين ممن أنهوا مدة سجنهم، إضافة إلى النساء والأطفال، وإبقاؤهم في السجون هو موقف سياسي قبل كل شيء، ليكونوا ورقة للمساومة خلال المفاوضات مع الجانب الفلسطيني.
يجب أن تترجم الضمانات التي حصل عليها أبومازن من واشنطن إلى وقائع ملموسة، وفي ذلك إرضاء لجزء من الشارع الفلسطيني، وقد يكون ذلك انطلاقة جديدة لفهم سياسي لأسلوب أبومازن.