المؤتمرنت -
لماذا رفض الفرنسيون الدستور الأوربي ؟
أكدت النتائج النهائية رفض الناخبين الفرنسيين للدستور الأوروبي الموحد بنسبة بلغت نحو 54.87% ما يوجه ضربة قاصمة للاتحاد والرئيس الفرنسي جاك شيراك الذي تبنى حملة كبيرة من أجل الموافقة على الدستور.
وجاء رفض الفرنسيون للدستور الأوربي لخشيتهم من اتحاد أوروبي هشّ، ومن منافسة عمالة أجنبية رخيصة، كما أنهم مستاءون من غلاء اليورو.
وقد قبل الرئيس الفرنسي جاك شيراك "القرار السيادي" للمقترعين، ولكنه قال إنه جعل من الصعب الدفاع عن مصالح فرنسا في أوروبا.
و تظاهر مئات الفرنسيين هاتفين "لقد انتصرنا" في ساحة الباستيل بباريس التى تعد رمز الفرنسيين في إشعال شرارة الثورة الفرنسية عام 1789.
وكان الاستفتاء قد شهد إقبال منقطع النظير للناخب الفرنسي في التصويت على الدستور تجاوزت ال( 70%) وهو ما جاء مقاير بالنسبة لإنتخابات في فرنسا والاتحاد الأوربي التى شهدت تدني إقبال الناخبين على الانتخابات النيابية او الرئاسية التصويت وهو ما رجح أن تلك النتيجة ستشجع الناخب الهولندي على الانسياق وراء معسكر "لا للدستور" الأربعاء القادم.
وتهيمن الأحزاب التي أيدت الوثيقة الأوروبية على 96% من مقاعد البرلمان الفرنسي, ما يعني أن رفض الدستور الأوروبي يؤشر على ريبة فرنسية متزايدة من الطبقة السياسية الفرنسية كاملة بيسارها ويمينها.
وتم التوصل إلى الصيغة الحالية لمشروع الدستور الأوروبي بعد سنوات من الجدل بين زعماء الاتحاد الأوروبي الذي شكل حلاً وسطا بالنسبة للجميع. ويهدف المشروع إلى تسهيل قيادة أوروبا وتعزيز دورها السياسي على الصعيد العالمي. غير أن مشكلة تمريره تكمن من جهة في قرار بعض دول الاتحاد طرحه للاستفتاء الشعبي بدلاً من الاكتفاء بتصديق البرلمانات المعنية عليه. ومن جهة أخرى تكمن المشكلة في أن تنفيذه يتطلب تصديقه من قبل جميع دول الاتحاد الأوروبي. ومما يعني ذلك أن رفض الفرنسيين له يعني موته قبل أن يخرج إلى حيز التطبيق. وفي هذه الحالة لن يكون هناك مشروعاً آخر حسب خبراء الاتحاد في بروكسل.
ورغم تحذير الرئيس الفرنسي مواطنيه من رفض الدستور. الذي قال إن الرفض سيمثل جمود الوضع في فرنسا في الوقت الذي تستمر فيه عملية توحيد أوروبا. ويضيف " من الواضح أن نتائج الرفض ستكون قاسية على فرنسا، فهو سيعني بالنسبة لها خسارة النفوذ والمكانة التي تحتلها في أوروبا والتي هي بحاجة إليها."
------------- ماذا بعد الرفض
واعترف رئيس المفوضية الاوروبية خوسيه مانويل باروسو ان النتيجة تعني ان الاتحاد الاوروبي سيواجه اوقاتا صعبة، الا انه اعرب عن ثقته بأن الاتحاد سيواجه هذا التحدي، وقد وافقه في الرأي وزير الخارجية البريطاني جاك سترو، وقال ان النتيجة طرحت تساؤلا اساسيا عن مستقبل اوروبا، وطالب بفترة من اعادة النظر قبل قمة مجلس الاتحاد الاوروبي التي تعقد منتصف الشهر المقبل، والتي قال انها ستحدد ما يجب ان يحدث في الخطوة التالية.وفي ألمانيا لا يعتقد وزير الخارجية يوشكا فشر أيضاً بتوفر فرصة ثانية للدستور بعد رفضه من قبل الفرنسيين. لكن الوزير يرى إمكانية تطبيق بعض بنوده مثل المتعلق منها مثلاً بإحداث منصب وزير خارجية للاتحاد الأوروبي رغم رفض كهذا. وفي مجالات أخرى يمكن تكثيف التعاون بين عدد من الدول داخل الاتحاد نفسه. ومما يعنيه ذلك أن دوله الخمس والعشرين ستتشتت مجموعات تسير فيها عملية التوحيد بشكل يختلف من مجموعة إلى أخرى على حد تعبير المستشار غيرهارد شرودر. وسبق للأخير أن حذر من ذلك نهاية عام 2003 عندما كاد مشروع الدستور أن يفشل بسبب عدم موافقة بولندا عليه.
وحتى لو كان تصويت الفرنسيين لصالح مشروع الدستور فإن عليه مواجهة امتحانات صعبة أخرى لا حقاً. ومن أصعب هذه الامتحانات الامتحان البريطاني ربيع العام القادم 2006. ويعرف عن البريطانيين تحفظهم على عملية توحيد أوروبا. وما تزال غالبيتهم تعارضها إضافة إلى معارضة الانضمام إلى اتفاقية شينغن التي تلغي مراقبة الحدود بين دول الاتحاد الأوروبي. كما تعارض اعتماد العملة الأوروبية المشتركة يورو بدلاً من الجنيه الإسترليني. ويكمن وراء ذلك مخاوف البريطانيين من فقدان بلادهم للكثير من المزايا الاقتصادية على أصعدة الضرائب والفوائد وسوق العمل الخ.