الناطق الرسمي باسم المؤتمر الشعبي العام- اليمن
التاريخ: الأحد, 24-نوفمبر-2024 الساعة: 12:26 ص
ابحث ابحث عن:
قضايا وآراء
الأربعاء, 02-يوليو-2003
المؤتمر نت: احمد الحبيشي -
قائمة الموت
في عددها الأخير الصادر يوم الخميس الماضي, نشرت صحيفة" الثقافية" وثائق خطيرة بخط يد قاتل الشهيد جار الله عمر, حيث اتضح ان القاتل كان يخطط- بحسب تلك الوثائق لاغتيال كوكبة لامعة من المثقفين والأدباء الصحفيين والسياسيين وأساتذة الجامعات .. وقد تضمنت الوثائق صورا لهم مذيلة بتعليقات شريرة انطوت على تكفيرهم واتهامهم بالردة والباطنية والطعن بالشريعة والصحافة والصالحين.
كاتب هذه السطور كان واحدا من أولئك الذين خطط ذلك الإرهابي المعتوه لقتلهم. ووضع تحت صورتي اتهاما قضي بإخراجي من الملة ووصفني بأنني " خبيث جدا" , كما وصف الأخ عبدالله الدهمشي بأنه" خبيث جدا جدا " أما الزميل حسن عبدالوارث فقد نال صفة " أخبثهم جميعا" بحسب فتوى ذلك القاتل الخبيث.
حظي الزميل سمير اليوسفي رئيس تحرير " الثقافية " بنصيب الأسد من الأوصاف والعبارات والخطط والإجراءات التفصيلية التي تحرض على إهدار دمه, فيما أصبح إهدار دم الزميل هشام علي وكيل وزارة الثقافة واجبا شرعيا على كل مجاهد محتسب, لأنه " من أشد المناصرين لإفساح المجال للأدباء بان يكتبوا ماشاؤوا, بالإضافة إلى يرفض القراءة الدينية للأعمال الأدبية" بحسب ما جاء في فتوى القاتل!!
في السياق نفسه قرر ذلك القاتل بدم بارد إهدار دم الزميل أحمد الصوفي لسبب بسيط يتلخص في أنه " يكتب في صحيفة الثوري ويؤيد العلمانية ويعارض الإسلاميين ؟
أخطر ما جاء في الوثائق التي انفردت " الثقافية" بنشرها فتوى القاتل- ولعله أخذها من مرشديه الروحيين – بأن الأقرب إلينا" مشيرا إلى " أن السفر للجهاد ضد الكفار واليهود والنصارى والهنود في الخارج أصبح متعذرا بعد أحداث 11 سبتمبر 2001م ولذلك فإن الجهاد ضد الكفار الأقربين في الداخل واجب شرعي سواء تم ذلك بشكل جهاد جماعي أو جهاد فردي" ومضى القاتل في الاستشهاد بآيات قرآنية وأحاديث نبوية وآراء فقهية لدعم موقفه وتبرير مخططه الإجرامي الذي يستهدف قتل تلك الكوكبة اللامعة من مثقفي بلادنا.. بمعنى أنه لا يقول غير كلام الله وكلام رسول الله, ولا يفعل سوى تطبيق الشريعة الإسلامية كما وردت في كتاب الله وأحاديث رسوله عليه الصلاة والسلام, وهو أسلوب تعلمه على يد بعض الذين يخضعون النصوص الدينية لتأويلاتهم وأمزجتهم الخاصة وأجندتهم السياسية والحزبية, ويعتبرون أنفسهم حراسا للدين ووكلاء عيدالله في الأرض , ثم يمنحون أشخاصهم في الدنيا تفويضا إليها للحكم بين الناس فيما يختلفون!!؟
ثمة علماء دين ومفكرون إسلاميون عديدون ينكرون على أمثال هؤلاء نزعاتهم الاستبدادية والطاغوتية لتكفير وإهدار دماء كل من يخالفهم في أفكارهم ورؤاهم وتأويلاتهم..
ويذهب الكثير من العلماء التقاة إلى أن الحكم على إيمان أي إنسان هو اختصاص إلهي لا يجوز الاعتداء عليه ومشاركة الله في تنفيذه من قبل أي أحد.. كما يذهب آخرون ومن بينهم الشيخ حسن الترابي والشيخ جمال البناء والأستاذ إبراهيم الوزير والشيخ محمد حسين فضل الله والشيخ الشهيد محمد محمود طه والشيخ الشهيد حسن الذهبي, إلى القول بعدم وجود حد الردة في القرآن الكريم الذي ينص صراحة على أن " من شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر" وينذر الكافرين بعذاب أليم في الآخرة, ويحذر كل من قتل نفسا بغير نفس أو افساد في الأرض فكانما قتل الناس جميعا.. ولاينسى هؤلاء العلماء الاستشهاد بآيات قرآنية, وأحاديث نبوية يدعمون بها موقفهم الرافض للفتاوى التي تجيز تكفير الناس وتحكم بإهدار الدماء وتحرض على قتل المخالفين في الرأي والفكر والسياسة والعقيدة.
عندما طالعت الوثائق المنشورة في " الثقافية" تذكرت محاولة اغتيال نجيب محفوظ علي يد إسكافي فاشل, لمجرد انه سمع خطبة للشيخ محمد البدري تتهم عملاق الأدب العربي والعالمي بالكفر, وتدعو إلى استنابتة أو قتله.. كما استحضرت- في الوقت نفسه- واقعة محاكمة – قاتل الدكتور فرج فوده وهو سباك سبق له دخول السجن عدة مرات متهم النشل والسرقة والتحرش بالنساء, حيث أبرز محاميهتقريرا طبيا يفيد بأنه مريض نفسيا!!
برر قاتل الدكتور فرج فودة جريمته بأنه أحتسب لله, بعد أن سمع شريطا " دعويا" لأحد شيوخ الفقه البدوي في نجد يتهم الدكتور فرج فودة بالردة والطعن في الأحاديث النبوية وسب الصالحين.
استمعت المحكمة إلى ذلك الشريط الذي أبرزه وكيل النيابة العامة. واهتزت القاعة لحظة سماع الحاضرين صوتا خطابيا تحريضيا لذلك الشيخ النجدي جاء فيه " إن المرتد فرج فوده دخل إلى أحد المساجد في شارع الخليفة المأمون بمصر الجديدة متظاهرا بأداء فريضة صلاة العشاء وجلس بعد الصلاة بهدف الاستماع إلى أحد الدعاة.. ثم قاطع ذلك الداعية معترضا على دعوته أمام الحاضرين, ومتهما إياه بخدمة المخططات الصهيونية التي زعم المرتد فودة أبانها تستهدف اقتصاد مصر, وطاعنا في الإمام الشيباني رضي الله عنه الذي أورد ي كتابه " الكسب" نقلا عن أئمة الحديث قول رسول الله بأن الزراعة مذمومة, وأن النبي رأى شيئا من آلات الحراثة في دار قوم فقال: " ما دخل هذا البيت قوم إلا ذلو" ثم سئل عن قوله عز وجل" أن تطيعوا الذين كفروا يردوكم في أعقابكم" أهو التعرب يار سول الله , فقال لا ولكنه الزراعة" !!
الثابت أن الشهيد فرج فودة وهو خبير متخصص في الاقتصاد الزراعي- لم يكف بمعارضة ذلك الداعية الجهول في أحد مساجد منشية الكبري بحي مصر الجديدة , بل وكتب ضد أفكاره الخبيثة مدافعا عن اقتصاد مصر والبلدان العربية والإسلامية, ومحذرا المصريين وكل العرب والمسلمين من مصير مدمر إن هم صدقوا هذه الروايات والدعوات التي تمتلئ بها الأشرطة الصوتية والكتب الوافدة إلى مصر من بلدان الخليج.. وفي الاتجاه نفسه كتب فرج فردة- رحمه الله- العديد من المقالات والكتب التي انتقد فيها أفكارا مماثلة لهذا النوع من الخطاب الديني الذي يستند إلى أحاديث ضعيفة وروايات مشبوهة تحث النساء على مقاطعة الموز والباذنجان والكوسة درءً للفتنة, علما بأنها من المحاصيل الزراعية الوفيرة التي ينتجها المصريون ويستهلكونها ثم يصدرون الفائض منها إلى أسواق دول الخليج.
كان أجدى بالذين حرضوا ضد الدكتور فرج فردة وقتلوه أن يناقشوا أفكاره ويعرضوا حجتهم, لكنهم شأنهم في ذلك شأن قاتل جار الله عمر- يرفضون مناقشة الآراء التي تخالفهم وينزعون إلى إهدار دماء مخالفهم ويحرضون على استئصالهم من الحياة بعد اتهامهم بطعن الدين وسب الصحابة والصالحين.
تتجلى فيها تقدم خطورة ثقافة التكفير والتعصب الملتبسة بالدين.. وقد شهدت هذه الثقافة المدمرة موسما داميا خلال العقدين الأخيرين, وتسببت في انتشار موجه عارمة من نزعات التطرف والتكفير قولا وفعلا. وما ترتب عليها من عنف وإرهاب وإهدار للدماء وترويع للأبرياء وتشويه لصورة الإسلام والمسلمين في العالم بأسره.؟
ولعل أخطر ما تنطوي عليه هذه الثقافة سعيها لإضفاء القداسة على فتاوى التكفير وشيوخ التطرف, وتوجهها نحو غسل أدمغة الذين يتلقونها ويعهد إليهم واجب تنفيذها, حيث يتم إعدادهم بروح الطاعة العمياء وعدم السماح بالنقد أو النقاش, الأمر الذي يفسر حرص الجماعات والتنظيمات التي تروج لثقافة التطرف والتكفير على تكوين جمهور من صغار السن الذين يسهل غسل أدمغتهم وإرسالهم إلى بئس المصير قربانا لحلم " الدولة الدينية" الذي يراود هذه الجماعات.
عمرا مديدا للزملاء الذين تضمنتهم قائمة الموت والخلود للشهيد الحي جار الله عمر.. ولانامت أعين القتلة والمجرمين ودعاة التكفير والقتل.




أضف تعليقاً على هذا الخبر
ارسل هذا الخبر
تعليق
إرسل الخبر