الشرق الاوسط / عادل درويش -
أيها المسلمون : لا تترددوا في إدانة الإرهاب
اشترك العالم المتحضر في ادانة الهجوم الوحشي الارهابي على لندن امس. وبالاضافة الى الادانة، بعث زعماء بلدان الشرق الأوسط ، والاسلامية برسائل الدعم والتعاطف مع الصديقة التاريخية بريطانيا.
التأييد الرمزي لا يكفي وانما يجب دعمه بعمل حقيقي وفعال لاستئصال آفة الارهاب.
ولا بديل من كسب الحرب ضد الارهاب. ولذا يجب ان نفهم استراتيجية الارهابيين. اولا هناك دافع لدى الارهابي، وثانيا يجب ان يكون لديه القدرة على تنفيذ العمليات، وثالثا هدفا استراتيجيا.
الاخير من الصعب التعرف عليه في حالة «القاعدة» التي لا تعرف ما هو «الانتصار» الاستراتيجي الذي تحققه فكيف الظواهري وبن لادن؟
مثلا منظمة الجيش الجمهوري الإيرلندي «أي آر إيه» كان هدفها الاعتراف بالحركة الجمهورية سياسيا، ولذا تركت السلاح للعمل السياسي، وكانت تعطي انذارا لاخلاء المكان قبل الانفجار.
«القاعدة» هدفها الارهاب لغرض الارهاب، تدمير الحياة الانسانية والحضارة، وطريقتنا الليبرالية التسامحية الديمقراطية في العيش. ومن الضرورة التعامل مع الخطوط الثلاثة في المعركة ضد الارهاب.
اولا بازالة الاسباب التي تخلق الدوافع، وثانيا تدمير قدرة الارهابيين العملية، وثالثا عدم منحهم الفرصة بالادعاء بالنجاح بحرماننا من طريقة الحياة التي اخترناها لأنفسنا.
ومن السذاجة مثلا استخدام قوة عسكرية ضخمة لتحقيق الهدف الثاني بطريقة تكرس الاول، أي تخلق غضبا في الصدور، ينجم عنه دافع لتجنيد المزيد من الشباب للارهاب.
الحرب في افغانستان كانت ناجحة بتدمير قاعدة الارهاب. ولجوء «القاعدة» لتبني عملية الأمس يدل على ضعفها، فأثناء قوتها لم تكن تتبنى العمليات، وكانت تتركنا نخمن.
الكلام لا ينطبق على حرب العراق. وعلى بريطانيا التي لا تزال تتمتع بشعبية وصداقة مع العرب ـ بعكس امريكا ـ ان تعمل مع اصدقائها لكسب ود وقلوب المسلمين، لكن يدا وحدها لا تصفق. ولذا يتعين على المسلمين ان يعملوا مع بريطانيا لكسب الحرب ضد الارهاب، خاصة ان بلدانا كمصر والسعودية وتركيا والمغرب والكويت واليمن تعرضت للارهاب قبل لندن.
على زعماء هذه البلدان، وقادة الاحزاب السياسية ورجال الدين وعلى رأسهم شيخ الجامع الأزهر وبجانبهم المعلقون في الصحف العربية اصدار ادانة واضحة لا شك فيها للارهاب.
ومن الخطأ التفريق بين ارهابي وآخر، لأن الأول يعمل ضد المسلمين والثاني يدعي دعمه لقضية يعتبرها المسلمون عادلة. فالقتل هو القتل. ومثلما قال لي شيخ جليل امس «من قتل نفسا كمن قتل البشرية جمعاء».
ولذا فالانتحاري، كما يقول العالم الجليل، ليس شهيدا، مهما كان هدفه. وحتى تفجير جنود في خارج الثكنات هو ارهاب، لأن الأضرار تلحق بالمدنيين.
ونحن بانتظار ادانة كل انواع الارهاب من فوق منابر المساجد، وايضا على المعلقين البريطانيين ألا يقعوا في فخ ادانة كل المسلمين، فيقدموا هدية نسف التضامن البريطاني الاسلامي كما يريد بن لادن.
ومن الاهمية الا يقدم وزير داخلية بريطانيا هدية اخرى للارهابيين باتخاذ اجراءات غير ديمقراطية، وتقديم نظام بطاقات الهدية الذي يرفضه الشعب، فذلك سيشجع الارهابيين على المزيد من الاعمال التي قد ينجم عنها تقليص الحرية والديمقراطية التي يكرهونها.
روح الزعيم الراحل ونستون تشرشل ، والتي هزمت النازي قبل نصف قرن، تجلت امس في مشهد مئات الآلاف من البريطانيين يسيرون اميالا في هدوء للذهاب الى اعمالهم مع تعطل المواصلات. لم يفقدوا الابتسامة او البرود الانجليزي ولم يكن هناك هرولة أو ذعر.
هذه الروح هي التي ستهزم الارهاب. وكما قال صديق من بلد اسلامي في رسالة الكترونية «المسلمون يقفون كتفا لكتف مع اصدقائهم في بريطانيا»، مضيفا ان هجوما على لندن، هو هجوم على العرب جميعا، فلندن ليست فقط عاصمة الشرق الاوسط ، وانما هي عاصمة العالم الحر.
عن " الشرق الاوسط"اللندنية