الناطق الرسمي باسم المؤتمر الشعبي العام- اليمن
التاريخ: الأحد, 24-نوفمبر-2024 الساعة: 12:19 ص
ابحث ابحث عن:
عربي ودولي
السبت, 09-يوليو-2005
المؤتمر نت - صحيفة الشرق الاوسط الشرق الاوسط/ زين العابدين الركابي -
الحل: قيام (حلف إسلامي غربي) لمكافحة الإرهاب بسياسات جديدة
نحن محزونون لما وقع في لندن: الخميس 7 يوليو 2005: محزونون للناس الابرياء الذين قتلوا وجرحوا وشوهوا وروعوا دون جرم اقترفوه. ولن نقبل من عتل أثيم يجادلنا بقوله: وكيف تحزنون لقوم غير مسلمين؟.. فنحن نحزن للنمل اذا حرق قبيلهم حارق، فكيف بحرق الانسان الذي توّجه الله خليفة في الارض؟.. ان الحياة التي وهبها الله لهذا الانسان ليست حكرا على من قال لا اله الا الله محمد رسول الله، بل هي حياة للناس اجمعين. ومن ثم فحق الحياة هو اول حق من حقوق الانسان عظمه الله وشرع الشرائع لحمايته من كل عدوان. ونحن محزونون للمسلمين الذين تشوه صورتهم بهذه الطريقة التي تبدو كالمبرمجة: كلما اجتهد العقلاء في تصحيح الصورة ـ بالحق ـ: جاء من يصب عليها اطنانا من القبح والدمامة والتنفير.. ونحن محزونون للاسلام الذي احترف أقوام المسارعة الى الخلط بينه وبين افعال الآثمين من المنتسبين اليه.. ونحن محزونون لان العالم قد اصبح اكثر رعبا، لا أمنا.

ان السياسة، على اهميتها ـ هي اقل اهمية من (الجانب الانساني) في هذه القضية. فالسياسة الصحيحة الرائدة هي نفسها جعلت من اجل الانسان، ولم يجعل الانسان من اجل السياسة ـ وبهذا المعيار الانساني: نقف متعاطفين متضامنين باكين مع الشعب البريطاني وهو يتفطر ألماً، ويذرف الدمع على احبائه من القتلى والجرحى والمفجوعين.

وننتقل من جو الالتياع الانساني المشروع مما حدث: الى مجال التحليل والتفسير.

ثمة اتجاهات او نظريات عديدة تُطرح لتفسير ما حدث:

1 ـ النظرية الاولى هي اعطاء ما وقع (بعدا حضاريا) معينا.. وتمثل هذا البعد في كلمات مثل: قيمنا وقيمهم.. ثقافتنا وثقافتهم.. اجبارنا على هجر اسلوب حياتنا.. هدفهم (تقويض المدنية الغربية).. يستهدفون (الامم المتحضرة) بأفعالهم الشريرة.

وفي هذه النظرية فتوق وخروق تلغي منطقها وتماسكها:

أ ـ ان هذه النظرية: تكرار لنظرية سابقة غير صحيحة (تراجع عنها اصحابها). ولذا فقد كان غريبا وخارجا عن السياق: مقولة «تحركوا باسم الاسلام».. لماذا (صُك) هذا التعبير المثير، الحمّال للاوجه المتعددة. في هذا المناخ المكهرب؟! ولكن ظهور شيخ مسلم، وقس مسيحي في (سكاي نيوز) ليقولا: لا يجوز ان يتخذ الحدث اداة للصراع بين الاديان.. ظهور هذين الرجلين بهذا المفهوم ينتقص من نظرية: البعد الحضاري العام للحدث.. ونشهد بان الإعلام البريطاني كان منضبطا وعاقلا تجاه العرب والمسلمين، على الرغم من هول الفاجعة.

ب ـ ومضمون: تقويض المدنية الغربية ـ في النظرية ـ منقوض بان الارهاب: ضرب في مكة المكرمة، اعظم مقدسات المسلمين.. ومكة (مَدَنِيّة عربية اسلامية). لا غربية!!

جـ ـ اما الزعم بان الارهاب يستهدف الامم المتحضرة. فهو زعم لا يخلو من نبرة عنصرية انتقائية من الناحية النظرية، وهو زعم غير معتبر من الناحية الواقعية. فالإرهاب يستهدف ـ في الحقيقة والواقع ـ: (الانسان) من حيث هو انسان، بدليل أنه ضرب في اندونيسيا وكينيا واليمن وأفغانستان، وهذه دول لا تصنف في (الامم المتحضرة): بالمقياس الغربي، وهي ـ في الوقت نفسه ـ دول يسكنها (ناس) من بني آدم ايضا. الا اذا حصر اصحاب نظرية الامم المتحضرة (مفهوم الانسان) في سكان اممهم فحسب!!

2 ـ النظرية الثانية هي: ان الارهابيين مكلفون بـ(تجنيد) العالم وتعبئته وحشوه ضد الاسلام والمسلمين، بدليل ـ تقول هذه النظرية ـ: انهم جندوا الشعب الامريكي في هذا الاتجاه. وجندوا الشعب الاسباني.. ثم جندوا الشعب البريطاني فجندوا ـ من ثم ـ اوربا كلها.. ومن اهداف التجنيد: تشويه صورة الاسلام وتعطيل مسيرته السلمية.. وانزال اكبر قدر من الاذى الجسيم ـ الفردي والجماعي ـ بأمة المسلمين.. ولكن هل هذا معقول؟.. لا يعقل هذا الا بأحد سببين: سبب التواطؤ مع عدو شديد المكر يتعمد الا يُرى على المسرح.. او سبب الجهل المطبق، او هما معا، بحسبان الثاني مطية للاول.. ومن جميل الحظ: ان تلك الشعوب اعقل منهم. بمعنى انها لم تنخرط في عداوة عامة ضد الاسلام والمسلمين.. مثلا: وقف الشعب البريطاني، او شرائح وقطاعات منه: ضد الحرب على العراق، وخرج في مظاهرات ضخمة يعبر فيها عن رأيه وموقفه. فهل يعاقب الشعب البريطاني بسبب موقفه الشريف هذا؟!.. ربما يقولون: نحن ضد توني بلير وحكومته فقط.. وهذا منطق متهافت. والذين ماتوا في العمليات الارهابية او جرحوا او شوهوا او روعوا هم (الشعب البريطاني). ولا سيما فقراؤه، وكادحوه ومستورو الحال فيه في الغالب: اذا اتخذ استعمال المواصلات العامة: مؤشرا الى حالة المستوى المعيشي والاجتماعي.

3 ـ النظرية الثالثة: ان الارهابيين يعتقدون: ان هذه هي وسائل (تغيير العالم).. وهذا تصور وهمي فاسد. فهذا النوع من التفكير والوسائل لم يغير العالم ولن يغيره. فلم تستطع الفاشية والنازية (وهما أوفر امكانات وأشد عتوا): تغيير العالم، بل هلكتا وبقي العالم. ولم تستطع احداث 11 سبتمبر ان تغير الولايات المتحدة كما يتصور اصحاب النظرية.. ثم لماذا يغير العالم؟.. أمن اجل اكراه الناس على الدخول في الاسلام؟.. ان هذا فعل استنكره الاسلام: «أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين».. وحرّمه: «لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي».

4 ـ النظرية الرابعة هي (نظرية التشابه) بين 11 سبتمبر 200 1 . و7 يوليو 2005 .. ومن أوجه التشابه في هذه النظرية:

أ ـ فشل الاستخبارات في كلا البلدين في التنبؤ بما سيقع ـ مع وجود النذر في الحالتين.. ثم اتخاذ تدابير تدفع ما سيحدث او تقلل من وطأته وآثاره.

ب ـ الوجه الثاني: اضطراب المعلومات في الحالتين. اما الحالة الاولى فقد استفاض الحديث عما اكتنفها من اضطراب.. ولا داعي لإعادته.. واما الحالة الثانية، فإننا نقرأ فيها روايات ثلاثا: الرواية الاولى تزج باسم الاسلام بطريقة فيها الكثير من الابهام والإسقاط.. والرواية الثانية تجزم بان بصمات القاعدة واضحة في الحدث.. والرواية الثالثة تنفي ان يكون لدى الحكومة البريطانية معلومات كافية، ولا رؤية متكاملة، ولم تستطع تحديد هوية الفاعلين، وبناء عليه لا يجوز التسرع بتوزيع الاتهامات (والرواية الاخيرة رواها وزير الدولة بالخارجية البريطانية لشؤون الشرق الاوسط).. ومن مصلحة الارهابيين وأعوانهم تضارب الروايات.

5 ـ النظرية الخامسة (ولا تخلو من غرابة).. تنزع هذه النظرية الى اهمية (حشد اوربا) من جديد وراء الولايات المتحدة، بعد نوع من التمنع والتمرد والتحرر (ولا سيما بعد زوال خطر الاتحاد السوفيتي).. وتُساق في تعليل هذه النظرية قرائن شتى منها: قرينة تضعضع الاتحاد الاوربي بعد ان دخل دستوره في مرحلة التجميد او الاحتضار.. وقرينة فشل الاتحاد في اقرار ميزانيته العامة.. وقرينة اضطرار الشعوب الاوربية الى التخلي عن معارضتها المزعجة للحرب على العراق (ولو بأثر رجعي)، او تهيئتها لمواقف جديدة مطلوبة في المستقبل.. وقرينة ان احداث الخميس الدامي في لندن تعزز ذلك وتمنطقه وتستثمره.. ويُلمح في هذه النظرية: لمسات نظرية المؤامرة!!

ومهما قل او كثر عدد النظريات، فان الحقيقة المؤكدة هي: ان الارهاب (واقع ملموس) يرجم الناس ـ من كل جنس ودين وبيئة ـ برجومه وشواظه.. وانه لمنحرف التفكير، مريض النفس، عديم الانسانية، من لا يدين الارهاب، او يتردد في تأثيمه وتجريحه، اذ ليس للارهاب معاذير ـ ولو القى معاذيره ـ فليس هناك ما يسوغ الارهاب حتى لو وقع ظلم على هذا الانسان، او تلك الامة. فالظلم لا يزال بظلم أفدح منه يروع الآمنين المسالمين ويقتلهم.

وما العمل؟

يتعين استنباط واعداد (أجندة عمل) واضحة وفاعلة: في الحاضر والمستقبل.

وديباجة هذه الاجندة هي: الاعتراف الموضوعي الشجاع الامين بالفشل في (مكافحة الارهاب) في السنوات الاربع الماضية وهو فشل له اسبابه مثل: الانحراف الكبير بالحرب على الارهاب.. وانكشاف اكاذيب فاضحة في تسويغ الحروب وشنها.. لقد كنا ننتظر ـ بعد زلزال 11 سبتمبر: استراتيجيات وسياسات وتدابير تجعل العالم (احسن حالا) مما كان عليه، سياسات تتحرى (تغيير المناخ وتنظيفه وتعقيمه) حتى لا تتوالد او تتكاثر فيه جراثيم الارهاب.. ولكن نقولها بصراحة ومسؤولية: ان ذلك لم يحدث، بدليل صعود موجات العنف، وارتفاع نسبه، وكثرة ضحاياه، في هذه السنوات الاربع.

والبنود الاخرى في الاجندة المطلوبة: مقترحات.

اول المقترحات هو: انبثاق حلف (اسلامي غربي) وثيق ونشط لمكافحة الارهاب.. وهذا الحلف اذ يجعل (الكوكب ساحة امنية مفتوحة) لتبادل المعلومات والشورى والتدابير، فانه من جانب آخر (يطمئن) المسلمين بان الحرب العالمية على الارهاب ليست (مؤامرة) ضدهم.. تنبثق من هذا الاقتراح الرئيسي: مقترحات اخرى هي:

1 ـ ايجاد سياسات جديدة، مقترنة بتدابير أحصف وأجدى في ردع هذا الوباء الرجيم.

2 ـ ايصاد الذرائع امام الارهابيين. ومنها ذريعة الهجوم على الاسلام، وتعميم تهمة الارهاب على المسلمين (ولقد أحسن توني بلير صنعا اذ فرق بين غالبية المسلمين المسالمين وبين قلة عدوانية).

3 ـ انعقاد تضامن عالمي على تجفيف المستنقع العراقي في خلال عام واحد: بسياسات راشدة ومتوازنة وناجزة، لئلا يستمر العراق كأخصب (بيئة) لانتاج الارهاب وتدريبه وتوزيعه.

4 ـ الكف عن سياسة توفير (ملاذات آمنة) للارهابيين والذين يؤيدونهم بطرح الفكر السياسي الممجد لأفعالهم.

5 ـ على العلماء والدعاة ان يشعروا بالندم من التقصير، وان يكفروا عن ذلك بان يتقدموا جبهة مناجزة الارهاب.

6 ـ على الحركات الاسلامية ان تهجر اللغو السياسي، وان تتجرد لمطاردة هؤلاء القتلة: من بلد الى بلد ومن مدينة الى مدينة، وهي اعلم او قادرة على ان تكون اعلم من غيرها بنشاطهم وتحركاتهم.





أضف تعليقاً على هذا الخبر
ارسل هذا الخبر
تعليق
إرسل الخبر