واشنطن/: جوانا شوا ايقل -
الأعمال الهندسية لليمن القديم
لأكثر من الف واربعمائة عام، منذ القرن الثامن قبل الميلاد الى القرن السادس بعد الميلاد، أوجدت ممالك سبأ وقتبان وحمير اليمنية الجنوبية القديمة والغنية بالبخور، المنحوتات الهندسية بشكل واضح كما هو موجود في معرض "ممالك القوافل: اليمن وتجارة البخور القديم" المُقام في صالة ارثر ام ساكلير..
فتماثيل الآلهة تلك تعرض الآن ولأول مرة في الولايات المتحدة الاميريكية، باعتبار ان المتاحف لم تقم من قبل بعرض الاثار اليمنية كما فعلت مع الحضارات المصرية والمتوسبيتان. وبــ 132 قطعة اثرية من افضل القطع المتوفرة في المتاحف اليمنية والمؤسسات الاخرى في العالم، نظم معرض ساكلير احد المعارض التي لا تحدث الا مرة في العمر حيث يجد الزوار تماثيل من المرمر تشبه القوالب لملوك ومنقوشات جميلة ووعولا وثيرانا تقليدية وكذلك موائد قرابين على شكل معابد وتماثيل لنساء سبئيات ثريات.
راعية المعرض آن جينتر بدأت المعرض وبشكل ملائم بصورة حائطية كبيرة لصحراء ( رملة السبعتين) العظيمة والممالك المحيطة ، وبحصولها (أي تلك الممالك) على الثروة بواسطة انظمة الري المتقدمة والسيطرة على تجارة البخور والصمغ، أسست حضارات انتجت مدنا وقصورا ومعابد وفنا عظيما.
تماثيل "ملوك اوسان الثلاثة" التي تواجه الزوار الداخلين الى المعرض، لهي انسب مثال على انماط النحت ذى الاسطح المستوية التي قدمها السبئيون. ومن بين افضل المنحوتات التي تم التنقيب عنها حتى الان، تماثيل ذات عين واحدة مرصعة واجساد عمودية متخشبة ذات اذرع ممتدة.
وبالرغم من انها منقوشة بملابس وقصات شعر مختلفة ، فالتماثيل التي تعبر عن ثلاثة اجيال من ملوك اوسان، تحافظ على الاسلوب الهندسي في التشكيل والذي بدأه السبئيون في القرن الثامن قبل الميلاد. اما المرمر شبه الشفاف الذي نُحتت عليه صور الملوك فقد تم فيه التركيز على التفاصيل السطحية لهم بينما تبدو مشرقة من الداخل.
وبنى الفنانون المعماريون السبئيون معبد (اوام) المثير للاعجاب- وهو الاقدم والاكبر في اليمن- بالقرب من عاصمتهم العظيمة مأرب. وقد خُصِص المعبد لإله المملكة السبئية، الإله (المقة). وفي مقابل تماثيل "الثلاثة الملوك" في المعرض، يوجد "تمثال معد ي كرب" وارتفاعه ثلاثة اقدام ومحفوظ بشكل جيد، وهو من المنحوتات المتموجة لمأرب، حيث قام الناحتون وبدقة برسم الإزار الذي يكسوه وجلد اسد ملفوف حوله في البرونز بدى وكأنه يحيط به بنعومة.
وقد تم العثور في مقبرة اوام على اكثر من 400 قطعة اثرية منقوشة مثل هذه من بينها تماثيل بشرية وحيوانات بحجم اصغر بالاضافة الى احتوائها على ما يقارب 20،000 مدفن يعود تاريخها الى الفترة من القرن التاسع الى القرن الرابع قبل الميلاد. وتؤكد القبور المنقوشة بدقة ومتعددة الصفوف على معتقد ثابت وحي في الحياة الآخرة والدفن المحترم للاموات. ولم يبدأ التنقيب عن الاثار اليمنية الا في منتصف القرن العشرين، و من المؤكد ان العديد من الاكتشافات الثمينة اصبحت قريبة.
في القسم الثاني ويدعى "المعابد" يعكس حجر جيري صغير وهو "مائدة قرابين" حب السبئيين للهندسة والتصميم المعبدي المجرد والرسمي. ويبدو "افريز الوعل" رائعا بنقشاته المتسلسلة لخمسة رؤوس مزخرفة لوعول. وتُعلِم ملصقات الجدار في المعرض الزوار ان اكثر من 10.000 نقش مازالت موجودة. وقد اختارت السيدة جينترعينات يمنية منها وخصوصا تلك الانيقة والتي مازالت بحالة ممتازة.
وفي قسم "الإله والآلهات"، اختلطت الأساليب الهندسية بتلك الأكثر واقعية لاول مرة في تاريخ المعرض. فهنا، تؤكد القطع غير العادية مثل يد منقوشة ومائدة قرابين برونزية متقنة ذات كائنات خرافية بارزة وتماثيل للذين يحرقون البخور، على عبادة عدد كبير من الالهة مذكرة ومؤنثة
ومن الامثلة على الاسلوب المُهجن راس لالهة الشمس مصنوع من المرمر الطبيعي موضوع في على حامل من حجر جيري مستوٍ. ويُسمّي الناحتون لـ "راس المرأة" المشهور في مقبرة قتبان بـ "مبريام"- ومعروض بالقرب منها بلاط ذو نقش تذكاري على شكل عيون لوزية تقريبا تحمل طابع الفترات الاولى.
اما المملكة الاخيرة التي ظهرت خلال الـ 1.400 عام وهي فترة امتداد سيطرة الممالك اليمنية فكانت مملكة حمير. ففي القرن الاول قبل الميلاد تقريبا، حلت تجارة مملكة حمير البحرية محل التجارة البرية التي كانت تستخدم فيها الجمال. وبسيطرتها على التجارة من البحر المتوسط الى المحيط الهندي، استوردت المملكة الانماط والحرف من الشرق الاوسط واوروبا.
اما نجم تُحف قسم مملكة حمير فهو "خلفية حصان ذو نقوش حميرية" بدون راكب وضخم تابع لدمبارتون اوكس، وهو واحد من اثنين فقط موجودين. ويعتقد الباحثون ان "رأس الرجل" المعروض بالقرب منه وهو ذو قصة شعر مجعدة رومانية، ربما تعود لراس الراكب المفقود.
ويساعد جدول زمني معروض في مدخل المعرض، ابقاء الزوار على اطلاع بالاسماء والتواريخ المتعددة لـ "ممالك القوافل". غير ان التركيز على الانماط المعبرة للقطع الفردية والحرفية هي اكثر الاشياء متعة التي تجذب الى المعرض.
صحيفة واشنطن تايمز
ترجمة: خديجة السنيدار