الناطق الرسمي باسم المؤتمر الشعبي العام- اليمن
التاريخ: الأحد, 24-نوفمبر-2024 الساعة: 12:29 ص
ابحث ابحث عن:
قضايا وآراء
الأربعاء, 20-يوليو-2005
المؤتمر نت - Anwar Al Ansi أنور العنسي -
لنعـط الـرئيـس وقتـــاً
أياً تكن قناعة الرئيس علي عبدالله صالح بالأسباب التي برر بها قراره العزوف عن ترشيح نفسه فى الانتخابات الرئاسية القادمة ، وسواءٌ أكان قد تسرع بإعلانه هذا ، أو أنه جاء في توقيته المناسب ، أو أن قراره مجرد تكتيك سياسي او انتخابي مبكر، فالأمر الواضح هو أن الرئيس أحرج بهذه الخطوة مؤيديه ومعارضيه معاً ، وباغت المقربين منه والبعيدين عنه على حد سواء..
صحيح .. أن الرئيس على عبدالله صالح ضاعف بهذه الخطوة من شعبيته داخل اليمن وفي المنطقة والعالم ، وزاد كثيراً من الإعجاب بقدرته على اتخاذ اكثر المواقف والقرارات شجاعة وجرأة ، لكنه في الوقت نفسه أثار بذلك جدلا وحيرة وتضاربا في تفسير دوافع موقفه ، وأربك كل التحليلات والتوقعات بشأن طبيعة النتائج التي يمكن أن تترتب على قراره سواءٌ مضى فيه أو تراجع عنه..
بصراحة أقول ايضا: إن الرئيس أحدث بقراره هذا قدراً كبيراً من الإحباط والقلق لدى كثير من الناس ً، باستثناء مجموعات قليلة هللت لذلك إما لخبث اوسوء نية ، ولعدم درايةٍ كافيةٍ بواقع اليمن السياسي والاجتماعي، وبظروفه الاقتصادية الصعبة وهى ظروف اعجز من ان تحتمل المزيد من التعقيد والمصاعب.
نعرف أنه ما كان يمكن للرئيس أن يتخذ قراراً يجبُن أي حاكمٍ عربيٍ على التحدث به فى خلوته إلى نفسه ناهيك عن أن يتولى بلسانه إعلانه للملأ - وهو في أوج مجده وقوته وفى تمام صحته العقلية والنفسية - لولا أنّ جملةً كبيرةً ومعقدةً من الأسباب قد حمَلته على ذلك ، مغ هذا فإنني أجزم أن هذه الأسباب هى نفسها أكثر ما يبرر له بل ويوجب عليه التريث فى اعلان هذا القرار من ناحية والعمل على نحو جدي من ناحية اخرى لتهيئة الظروف اللازمة لانتقال السلطة انتقالاً سلمياً وديمقراطياً سلساً ومقبولاً يجنب البلاد أي إرباكٍ يؤثر سلباً على أوضاعها السياسية والاقتصاديةِ خصوصاً ، ولا أظن أنه يغيب عن بال سياسىٍٍ محترفٍ ورجل دولةٍ متمرس كالرئيس علي عبدالله صالح ، ما يمكن أن يكون لقراره هذا من تأثير ضارٍ على الأوضاع المعيشية الصعبة لمواطنيه خصوصاً في هذه الآونة حتى وإن كان قراره لن ينفذ قبل مرور اكثر من عام.
لعل متغيرات اقليمية ودولية مريبةٌ ومصاعب داخلية أخرى قد يكون الرئيس أدرك مبكراً تناميها، واستفحالها فى المدى المنظور او المتوسط او حتى البعيد فأراد برحيله عن الحكم إراحةَ ضميره من تحمل المسئولية التاريخية والأخلاقية عن تفجرها اوعدم القدرة على احتوائها، خاصة إذا ما كان قد شعر – حقاً- باليأس من إقناع (البعض) من معارضيه بالتعاون معه وباحترام قواعد اللعبة الديمقراطية والكف عن الكيد له والتطاول على مكانته الوطنية والتاريخية ، أو أنه أحس كذلك بالإخفاق في استنهاض هممِ بعض المترهلين في أجهزة حزبه اوالعابثين فى مؤسسات حكمه .. إلاَّ أن هذا كله لا يبرر له بأي حال من الأحوال ترك البلاد لمواجهة قدرها وحدها مع هكذا وضعٍ يتحمل هو – شخصياً - قدراً كبيراً من المسئولية عنه.
ان مايمكننا قوله حيال رجل نحسب انه لم يعرف فى حياته معنى للإجازة او وقتا للراحة وقد أرهقته عقود طويلة من ضغوط المسئولية ومنغصات الحكم فى بلد نامٍ ومعقد قدَرُ الرجلِ الأول فيه ان تستغرق ادارة شئون الدولة كل وقته تقريبا أن يتفهم الجميع شعوره بالإنهاك والملل وحاجته الى قدر من الهدوء وصفاء الذهن وأن يجد من الوقت ما يكفيه لاجراء مراجعةٍ لقراره هذا مراجعةً سياسية وتاريخية عقلانية ومسئولة بعيدا عن ضغوط المؤيدين لبقائه أو مكر المستعجلين على دخوله التاريخ ..

إن من يعتقدون أن الرئيس علي عبدالله صالح قد اتخذ قراره هذا في توقيته الصحيح والمناسب اغلب هؤلاء -إن لم يكن جميعهم- لايعرف ايضا إن كان هذا التوقيت مناسبا لليمن أم لا ؟!! من هنا فإن الدعوة موجهة إلى (أصدقاء) الرئيس من اليمنيين والعرب قبل (خصومه) أن يتريثوا فى دعواتهم له بالتمسك بقراره مهما كانت رغبتهم فى ان (يدخل التاريخ من أوسع أبوابه) لأنهم ببساطةٍ لا يعرفون أن اليمن في ظل ظروفه الراهنة يمكن أن يخرج من ثقوب التاريخ بل وأن يُقذف به إلى هامش الحياة والعصر لعقود أو لسنوات على الأقل بسبب من اى تهور فى التعامل مع هذا القرار ومالم تتوفر لأى انتقال او تداول سلمى للسلطة ضمانات دستورية وسياسية كافية ومقبولة وتدابير اقتصادية كبيرة واجراءات أمنية محكمة .
ولأن امورنا فى اليمن ليست افضل حالا من غيرنا ولا تبدو واضحة بدقة لكثير من اشقائنا فى العالم العربى فإننى بكل احترام واعتزاز باهتمام الاشقاء ومتابعتهم لتطورات الشأن اليمنى أسأل زملائي وأساتذتي من الصحفيين والكتاب العرب الذين يحثون الرئيس على ان يعطي برحيله انموذجا للعالم على (ديمقراطية العرب) وزهدهم بالسلطة دون إلمام من هؤلاء الأشقاء بظروف اليمن وتعقيدات اوضاعه.. اسألهم لماذا يريدون ذلك فقط من اليمن ومن على عبدالله صالح وليس من تلك البلدان الأقل مصاعب والتى طالما تباهى هؤلاء الكتاب من اينائها بأنها الافضل اقتصادا وسياسة وتعليما والأكثر (تحضرا) والأسبق (ديمقراطيةً)؟ ثم لماذا ووفقاً لأى منطق يتصور هؤلاء الاخوة ان رحيل الرئيس صالح عن الحكم من شأنه ان يحل مشكلات اليمن او ينقذ صورة العرب لدى الغرب؟
ليتذكر هؤلاء الأخوة وغيرهم أن الرئيس علي عبدالله صالح أعطى - في رئاسته - الكثير من الدروس للعرب ، وضرب لهم المثل والقدوة في كثير من مواقفه ومنجزاته ، أما خروجه من الحكم فلا نعتقد أنه سيقدم لا النموذج، ولا العبرة لمن لم ولن تُجدِ معهم تظاهرات شعوبهم ولا حتى انتفاضاتها عليهم.




أضف تعليقاً على هذا الخبر
ارسل هذا الخبر
تعليق
إرسل الخبر