الناطق الرسمي باسم المؤتمر الشعبي العام- اليمن
التاريخ: الأحد, 24-نوفمبر-2024 الساعة: 01:09 ص
ابحث ابحث عن:
عربي ودولي
السبت, 30-يوليو-2005
المؤتمر نت - صحيفة الخليج الخليج / نصر طه مصطفى -
في تنمية الاعتدال ومحاصرة التطرف
يبدو أننا بحاجة لإضافة مقولة إن الإرهاب لا قيم ولا أخلاق له أيضا بجانب مقولة إن لا وطن ولا دين له بعدما جرى من تفجيرات في محطات مترو لندن وفي منتجع شرم الشيخ المصري!
لم يختلف أحد على بشاعة ما حدث في المدينتين كما لم يختلف أحد على بشاعة ما حدث في مدن واشنطن ونيويورك ومدريد. وربما كان الأمر الجديد الذي يستحق التوقف عنده هو أن من فجروا محطات لندن شباب يحملون الجنسية البريطانية ولدوا ونشأوا في هذا البلد ثم فجروا أنفسهم لدواع عجيبة وغريبة أجد نفسي محتاراً في فهم كيفية اقتناعهم بها!
كيف أجاز فقهاء الإرهاب استهداف المدنيين الآمنين وبأي دليل شرعي؟
هل مترو الأنفاق هو مقر الجيش البريطاني؟ أم هل رواده ومستخدموه ينتمون للاستخبارات البريطانية مثلا؟ وهل منتجع شرم الشيخ قاعدة أمريكية مثلا؟
الحقيقة أن ما يجري أصبح مخيفا ومقلقا للغاية، ليس فقط على حياة المدنيين الآمنين ولكن أساسا على الصورة الجميلة للإسلام كرمز للعدالة والتسامح والخير وحب الحوار. وقرأت أن أبا مصعب الزرقاوي قال معلقا على عمليات استهداف المدنيين إنهم مضطرون لذلك بسبب اختلاط المدنيين بقوى الاحتلال فلا يجد مفرا من استهدافهم. هل هناك تبرير أكثر بشاعة من ذلك؟ ولو مضينا معه في هذا التبرير سنسأله إذن ماهو مبرر استهداف المدنيين في محطات مترو لندن وفنادق وأسواق شرم الشيخ؟
من المؤكد أنه لن يعدم تبريرا أو إجابة فمادام الفكر مشوشا والمنطلقات مغلوطة والفهم الشرعي منحرفا فلنتوقع أية إجابة تؤكد هذا الانحراف من نوع أن البريطانيين كفار أو أنهم لم يسقطوا حكومة (بلير) التي شاركت في الحرب على العراق. بل وأكثر من ذلك فإنه سيجد لنفسه مبررات - تقنعه هو وأفراد جماعته فيما يخص استهداف مدينة شرم الشيخ التي يؤمها النصارى واليهود وما شابه ذلك من الفتاوى كسيحة القدمين!
في تقديري أنه مهما جرت من محاولات لمناقشة هؤلاء المنظرين في أفكارهم وتصوراتهم فلن يتم التوصل إلى أي نتيجة، أما صغارهم فيمكن الوصول معهم إلى نتيجة ما في حال إجراء حوارات جادة معهم كما حدث في اليمن حيث أدار مجموعة من العلماء حوارات معمقة معهم أثناء حجزهم المؤقت أسفرت عن تراجع كثير منهم عن أفكارهم وعودتهم إلى جادة الصواب وبدء إعادة دمجهم في الحياة العامة. وهذا يؤكد أن مشكلتهم ليست مشكلة قسوة أوضاعهم المعيشية فقط كما يحلو لبعض المفكرين أن يقنعونا به، بل هي مشكلة فكر منحرف تشبعوا به واقتنعوا به في ظل ضعف الدور الحكومي في المنطقة العربية كلها في تحصين الشباب فكريا واستيعابهم من خلال مناشط متعددة لملء فراغهم الفكري الذي أصبح هدفا لأحد خيارين أساسيين هما التطرف الديني وما يمكن أن يؤدي إليه من عنف أو التفلت الخلقي وما يمكن أن يؤدي إليه من ضياع!
حقيقة تبدر للمرء تساؤلات كثيرة حول ما يجري في المنطقة من تحركات منظمة للإرهابيين وبالذات منذ سقوط نظام صدام حسين.
إذا كان فكر تنظيم القاعدة يتمحور حول حديث (أخرجوا المشركين من جزيرة العرب) فهل يعني تمديد نشاطه إلى خارج حدود جزيرة العرب وأن فكره الجهادي تطور ليشمل مساحات جغرافية أوسع؟
هل كان تنظيم القاعدة الديني على وفاق غير معلن مع نظام صدام حسين العلماني في العراق بحيث وجد البعث والقاعدة نفسيهما في جبهة واحدة ضد الولايات المتحدة، بينما كان الإسلاميون ومن ضمنهم القاعديون مع الولايات المتحدة في جبهة واحدة لإسقاط النظام الشيوعي في أفغانستان. ما الذي تغير بالضبط؟
من أين اكتسب هؤلاء الشباب هذه القسوة الفظيعة في القلوب التي تجعلهم يذبحون الأبرياء ويفخخون الناس بدم بارد رغم أن الإسلام علمنا الشفقة والرحمة وليس القسوة والغلظة؟ وعلى أي أدلة شرعية يستندون وهم يقومون بمثل هذه الأعمال الفظيعة؟ وهل يدركون كم يتموا من الأطفال ورملوا من النساء بقتلهم الأبرياء؟
هل يدركون أن المتضرر من حادثة كحادثة شرم الشيخ هم آلاف العاملين المصريين الذين يعيلون أسرهم من السياحة وليس الحكومة المصرية التي ستبقى في السلطة رغما عنهم تماما مثلما تضرر آلاف الصيادين اليمنيين من حادثة تفجير الناقلة الفرنسية (لمبورج) على شاطئ حضرموت عام2002 فيما الحكومة اليمنية موجودة ومستمرة ولم تسقط؟
هل يدركون أن المواطن الأمريكي والأسباني والإنجليزي لم يتضرر من الأعمال الإرهابية التي قاموا بها في دولته ولكن الذي تضرر هو المسلم المتجنس والمقيم على السواء في تلك الدول وبقية دول الغرب فتضررت مصالحه وظروف عمله ومصادر رزقه وفرص تعليمه وأصبح محل شبهة في حركاته وسكناته؟
أسئلة كثيرة تحتاج إلى إجابات من هؤلاء الذين أغواهم الفهم المتهور والطائش للدين ومبادئه وقيمه، وأي إجابات لن تفعل شيئا سوى مزيد من كشف النواقص والعيوب في منهجيتهم الفكرية والسياسية، ويبقى على العقلاء في هذه الأمة أن يعطوا هذه الأمور الاهتمام الذي تستحقه كونها مرتبطة بمستقبلها، فليس من مصلحة أحد أن يواصل التطرف كسب مساحات جديدة من عواطف هذه الأمة وشبابها. وما لم يكن هناك استراتيجيات واضحة لدى الدول العربية لتنمية الاعتدال ومحاصرة التطرف بالفكر والحوار والقدوة الحسنة وإصلاح السياسات والإدارة وتحجيم الفساد السياسي والمالي فإن صورة المستقبل ستكون أكثر قتامة عما هي عليه الآن.





أضف تعليقاً على هذا الخبر
ارسل هذا الخبر
تعليق
إرسل الخبر