د. عبدالعزيز المقالح -
شارون ونصائح والدته
لا أصدق، أبدا ان للصهيوني أرييل شارون أما حكيمة وإلا ما كانت نصحته كما يقول بألاّ يثق بالعرب ولكانت نصيحتها أن يكون إنسانا أولا وألا يلطخ يديه وضميره ثانيا بدماء العرب الفلسطينيين. والداعي الى هذه الاشارات السابقة ما تلفظ به شارون في لقائه مع الجالية اليهودية في باريس حيث أجاب عن أهم سؤال وجهته إليه الجالية وهو: هل تثق بالعرب؟ فكان جوابه أن أمه نصحته منذ وقت مبكر بألا يثق بأي عربي وأنه التزم هذه النصيحة ولم يفرط بها وهذا يعني بالمفتوح أن كل اتفاق يعقده مع القادة أو الساسة العرب من أي مستوى محض تكتيك وجد على ورق لا أكثر، وهذه الاشارة الدالة تكشف عن نوايا هذا الصهيوني المتعجرف وتفصح عن أساليبه الملتوية.
وبالرغم من أنني لا استبعد، بالمقابل أن تكون لبعض القادة العرب أمهات حكيمات قادرات على نصحهم بألاّ يثقوا بالصهاينة وألا يقبلوا الحديث معهم تحت كل الظروف والمبررات. ومن المؤكد أن الأمهات العربيات يمتلكن كنوزا من الحكمة المستقاة من التجارب مما مر به الوطن العربي وناسه الذين يعيشون، منذ قرون على قلق وتحت خطر الخوف من أعداء تنوعت أسماؤهم وألوانهم وتعددت مطامعهم واتحدت أو اختلفت أهدافهم. والسؤال هو: أين موقف العرب والقادة منهم بخاصة من هذا الاعتراف الشاروني الصريح الواضح الذي يجعلهم في حل من الحديث مع رئيس العصابة الذي لم يثق بأحد منهم؟
إن شارون حر فيما يذهب إليه من عدم الثقة بالعرب نتيجة لنصيحة أمه أو نصيحة معلميه، لكن لماذا لا يكون لدى العرب الشعور نفسه بعدم الثقة بطرف لا يثق بهم، وأن يعلنوا بأنه لا أمل من أي حديث يتم مع رئيس العصابة حول أي نوع من السلام وإضاعة الوقت في بحث أمور مرفوضة سلفا، ولا مكان لها في عقل هذا الصهيوني وأمثاله من الذين استمرؤوا القتل والتوسع والبلطجة وفرض ما يطمحون إليه بالقوة وباستعداء الآخرين على العرب والإصرار على ضرورة وضع العالم وليس العرب وحدهم أمام الأمر الواقع.
إن إشارة عدم الثقة الواردة في حديث أرييل شارون مع افراد الجالية اليهودية في باريس موجهة بالدرجة الاولى الى القيادات الفلسطينية أولا ثم الى القيادات العربية ثانيا، والى بعض من هؤلاء وهؤلاء الذين يتصورون أنه من الممكن التحاور مع شارون وأمثاله وطرح المبادرات المطروحة عربيا والمقترحة دوليا على عصابة لا تثق إلا بالقوة ولا تخضع إلا لموقف عربي حازم وقوي يعيد الى الشعب العربي الفلسطيني حقوقه المشروعة، وخارج ضغط القوة والمقاطعة لن يتحقق شيء على الاطلاق.
وعلى العرب، الآن وبعد كل المحاولات المخجلة أن يتذكروا أنهم خسروا في العقدين الأخيرين من القرن العشرين بالتصرفات الحمقاء لبعض مسؤوليهم كل التأييد العالمي، وما ترتب عليه من مقاطعة دولية شاملة للكيان الصهيوني الغاصب.
نقلا عن صحيفة (الخليج) الاماراتية