د. إبتهــاج الكمـال -
إعلام المرأة ..ومكامن الازمة
تقف المرأة اليمنية من حين لآخر وجهاً لوجه قبالة أعظم التحديات التي تقف عائقاً يعترض سُبل كل القضايا التي تحملها في مشروع تحررها ، وإدماجها الاجتماعي ، والثقافي ، والاقتصادي ، والسياسي ،إلاّ أنها غالباً ما تخفق في تقدير حجم خطورة هذا التحدي على مشاريعها وأمالها..لان المسألة الاعلامية عندها مشكلة واحدة بين عشرات المشاكل التي تواجهها.
لكن هذا التقييم وضع المرأة في أشكالية عظيمة ، إذ جعلها ترمي بثقلها لحل أو تنظير حلول قضايا أخرى تضعها في أولوية جدول أعمالها كالعنف ضد المرأة ،والتشريعات ، والفقر ، والتعليم ، والمشاركة السياسية ، وغيرها مما أعتادت تداوله في محافلها وندواتها دونما أي سعي حقيقي لبحث أزمتها الاعلامية ، وبالتالي لم تنل تلك القضايا التى قدمتها حظها من التفاعل الاجتماعي والرسمي ، بل أنها غالباً ما تنتهي الى ان تتحول الى مجرد عمل بحثي وتوثيقي ، وأحتفاليات مزمنة تجد صعوبة في التوغل الى واقع الحياة اليومية.
وفي الحقيقة ان المرأة اليمنية مازالت لاتحسب حسابات المسألة الاعلامية ، لذلك فأن معظم منظمات المرأة تشكو من أن انشطتها تغيبت عن الذكر في الصحف المحلية باسثتناء صحيفة واحدة أو إثنتين ، ولاتبحث بجدية عن سبب ذلك أو تأثيره على أدائها ، واهدافها التى تسعى لبلوغها .كما يؤكد الواقع أن الغالبية العظمى من مؤسسات المرأة لاتحتفظ بقاعدة إرتباط واسعة مع الاوساط الاعلامية ،مثلما هوعليه إرتباطها مع منظمات أخرى ، أو جهات مانحة.
وعلى هذا الاساس يتلاشى صوت دوائر المرأة قبل وصوله للقواعد النسوية الواسعة في مكاتب العمل ، والبيوت ، والمدارس ،والحقول ، وغيرها ...فكيف الحال مع اللواتي يعشن في مناطق نائية وبأمس الحاجة للمساعدة .
ولو أمعنا في تأمل أزمة إعلام المرأة لوجدنا أن أعداد الإعلاميات في اليمن لايشكل نسبة ذات أهمية لواقع الاحتياج ، وتراكمات مواريثه الثقيلة ، علاوة على محدودية أعداد الناشطات منهن في منظمات ومؤسسات المرأة.
ولعل المصاب الأعظم في كل هذا هو أن الاعلاميات اليمنيات لايكترثن بأي قدر صغير لقضايا المرأة اليمنية ، بل يكرسن جهودهن لأنشطة سياسية ، وحزبية ، وتحقيقات إخبارية وإجتماعية لاعلاقة لها بقضايا المرأة اليمنية من قريب او بعيد ، ولعل أية مراجعة لعدد من الصحف اليومية أو الاسبوعية ستؤكد هذه الحقيقة ، بل وستكشف أن أبرز وأكبر الجهود المبدولة في تداول مسائل المرأة هم من الرجال – وهذا يجرى على مجال البحوث والدراسات النسوية.
لاشك أن طموحات المرأة اليمنية كبيرة ، وقدراتها على العطاء قد تتفوق بها على أخواتها في بلدان عربية كثيرة أفضل ظروفاً وامكانيات من اليمن ،إلاَ ان الظاهرة التي طغت على أسلوب عمل المرأة اليمنية هو تشتت الرؤى المحددة لأولويات العمل ، وعدم جديتها في بلورة إتجاهات مشتركة للاندماج مع بعضها البعض ، وتوحيد امكانياتها ، وتشكيل قوة ضغط مؤثرة في الساحة الاجثماعية.
لكن الاهم من كل ذلك هو العزوف عن بحث أزمة إعلام المرأة ، وندرة وسائله ، وعدم أكتراث الاعلاميات لتدوال هموم المرأة ومشاكلها واحتياجاتها وتطلعاتها . لأن أي أيمان بحقيقة وجود المرأة اليمنية في كينونة ترتفع فيها نسب الجهل والتخلف والفقر والاقصاء ، لابد أن يعني أيضاً أن الهم الاول هو رفع كفاءة المرأة الثقافية والمعرفية ، وبالتالي فهو رهان ليس كمثل الوسائل الاعلامية يستطيع كسبه وتلبية أحتياجاته .
ومن هنا لابد من أعادة النظر في حساباتنا الخاصة بأولويات برامج عملنا ، والبحث بجدية عن صيغة مناسبة تجعل للمرأة كيانا أعلاميا مستقلا ومتناميا يكفل أيصال صوتها الى كل بيت يمنى .