الناطق الرسمي باسم المؤتمر الشعبي العام- اليمن
التاريخ: السبت, 23-نوفمبر-2024 الساعة: 11:22 م
ابحث ابحث عن:
إستطلاعات وتقارير
الأربعاء, 17-أغسطس-2005
المؤتمر نت - يمنية بزي قديم صنعاء/ المؤتمر نت / نزار العبادي -
أسفار اليمنيات إلى مدن الحب
بين أهداب الشمس وهي تطوي جفون السنين، وبين غفوات الأرض البائسة يوم تلفعت بشقاء الملوك ولد العشق في بلاد السعيدة، واحتضنته صدور اليمنيات، شدوا يسافرن به إلى منازل الأحبة، ومدن الغرام التي لا تطأها أقدام إنس ولاجان.. فقد حفظن درس الأمهات والجدات بأن عار المرأة أن تعشق، أو حتى أن تبوح بالحب لأذنيها.. فإن للجدار آذان أيضا!!
ومع أن ذلك الزمن لم يكن ليرحم امرأة منهن، إلا أن اليمانيات أدركن أن أعذب ألوان العشق هو ما كتمته الصدور، وصار سلوة النفس في خلوتها، تشدو به كلما فاض بها الوجد لحنين الدنيا.. لذلك كانت المرأة اليمنية قديما تنظر من بعيد إلى منزل الحبيب وتنشد.
· يا طاقة المفرج مالش تنوحي
وداخلش قمري قد شل روحي!
ثم تتوسله من بعيد قائلة:
· إديت لك قلبي تدخل تطوفه
وتقرأ شرف ( يس) على حروفه
إديت لك قلبي دلا دلا به
وهو ضعيف ما يحتمل عذابه
وهو ذات المعنى الذي تذهب إليه إمراة أخرى، في مكان مختلف، وهي تقول:
· ارفق بحالي ياحبيب وارحم
الروح شحيح والقلب قطرتين دم
لقد كانت هذه ( المغاني) الشعرية هي القوافل الوجدانية التي تحمل المرأة اليمنية في أسفارها من حيث تكون إلى مدن الحب في فضاءات خيالها الرحب.. فإذا ما كان بعضهن تتوسل بالحبيب فإننا قد نجد بينهن من تتوسل بغير الحبيب- ولكن من أجله- وليس لأحد سواه، فتقول:
· بالله عليش ياشمس لا تغيبي
لو ما يجي نابي من حبيبي
بالله عليش ياشمس قلي الحوم
على دقيق الخصر ريس القوم
لكن عالم الحب عند المرأة اليمنية قديما لم يكن بالضرورة يعني علاقات غرام ما قبل الزواج، بل أن مفردة ( حبيب) وردت في أغلب موروث المرأة الشعبي بمعنى ( زوج) ومن هنا كان عشقها عفيفا، وتعبيرها صادقا حتى ببساطة كلماته، فنجدها تنشد:
· ساجي العيون يا صحن يامخرز
حبك بقلبي سمني وفلج
أو كقولها:
· حبيبي صحبة ثمان ما تنفع
صحبة دهور وعاد القليب ما يقنع
وهذه أخرى كانت تخاطب حبيبها قائلة:
· جسمك حلا يستاهل الوسايد
يا محسن الرقدة واحد لواحد
أسعد مساك يلي قامتك قلم عود
بالمرعف الذابل وأعيانك السود
لا شك ان معاني الحب اختلفت في زماننا كما تبدلت الحياة، ولم يعد الغزل بصورته العفوية التي كانت عليها.. فاليمنية كانت تعرف حدود حبها، وتتلمس وجود الخالق الرقيب في كل زمان ومكان، حتى أنها ضمَنت أبياتها الشعرية تلك القيم الروحية، فنجدها مثلا تقول.
· بسم الله الرحمن ياقاري أكتب
قلبي مولع في مدينة الحب
أو كقول أخرى في مغازلة الحبيب
· يا أرحم الراحمين أنظر الينا أنظر
قد شل روحي وعقلي والفؤاد والكل
ومهما يكن أمرها، فقد ظلت تترجم في كل حين خلود ذكرى الحبيب في القلوب، مهما أستبد في غيابه أو فراقه، فالأمل لديها باق، كما ذهبت إلى معناه إحداهن بقولها.
· أحباب يا أحباب نسيتوني ونا ذاكر
غبتوا عن العين ما غبتوا عن الخاطر
والغريب أن المرأة اليمنية لم تكن تعرف الترحال إلى ماهو أبعد من ( شعاب) الحطب، إلا أنها في الكثير من مغانيها تستشهد بأسماء بلدان ومدن بعضها قريبة لليمن وبعضها الآخر بعيد، فنسمعها تعبر عن لوعة إشتياقها لزوجها الحبيب المغترب خارج اليمن، قائلة.
· تيه مفاتحي قلبي وإبسروا مافيه
( الهند) و ( السند) والمحبوب مقيل فيه
وهناك من تقول
· وانجم وأسامر فوق وادي ( وهران)
بلغ سلامي للحبيب بـ ( ظهران)
وإذا كنا اليوم نتحدث عن حق المرأة في إختيار شريك الحياة، فإن المرأة اليمنية قبل عشرات السنين كانت تؤكد ذلك الحق، فتنشد قائلة.
· ماشتيش أنا الخيبه ولا حقوقه
أشتي المليح شاكل فرص بذوقه
أو * أشتي سلا قلبي ماشتيش كرابه
شاسكن بحيد وشاكل من ترابه
فتلك هي قوة التحدي، وقناعة النفس التي رافقت تراث المرأة اليمنية الثقافي في جميع أسفارها إلى مدن الحب، وارتجافات القلب، في دنيا تفننت في صنع شقاءها، وتكبيدها ألوان العناء




أضف تعليقاً على هذا الخبر
ارسل هذا الخبر
تعليق
إرسل الخبر