الناطق الرسمي باسم المؤتمر الشعبي العام- اليمن
التاريخ: السبت, 23-نوفمبر-2024 الساعة: 11:40 م
ابحث ابحث عن:
قضايا وآراء
الأربعاء, 24-أغسطس-2005
المؤتمر نت - محمد طاهر - مدير تحرير المؤتمرنت المؤتمر نت- محمد طاهر -
المؤتمر.. مشروع أمن وسلام
لا شيء يفي المؤتمر الشعبي العام استحقاقاته التاريخية غير أن يقترن اسمه بمستقبل الوطن اليمني، وبأفق عريض تحتشد عليه غايات البناء الإنساني والحضاري، ويرتسم في محيطه غد الأجيال الزاخر بالأمل في حياة حرة كريمة..
فالمؤتمر الشعبي العام كان مخاض أعوام الثورة المثخنة بالأوجاع والنزيف السياسي الذي كاد أن ينسف كل التضحيات ويغتال الجهد الثوري الجماهيري العظيم، لولا أن ألهم الله ابن اليمن البار الرئيس علي عبد الله صالح بفكر ثاقب وتجربة عميقة، وخبرة نضالية غزيرة، وإرادة لا تثنيها التحديات لتكون كلها قاعدة الانطلاق الصلبة التي يرتفع عليها طود المؤتمر الشعبي العام في 24-29 أغسطس 1982م .
لقد انبثق المؤتمر الشعبي العام في تلك الفترة بالذات ليداوي جراحات الثورة، ويأخذ بيد أهدافها الستة إلى واقع عملي يحررها من السكون، وأقبية الشعارات الخاوية، وإرث المجد الثوري القديم، وينقلها إلى ديناميكية نابضة بالفعل التحولي والإنمائي..
لكن المؤتمر لم يكن كغيره من الحركات التي تفتح فوهات المدافع ،وترفع ألوية الاغتيالات والعنف السياسي سبيلاً لبلوغ الغايات وإثبات الذات، بل- على العكس من ذلك تماماً- وجد المؤتمر الشعبي العام أن السلام والاستقرار أداة فاعلة في التغيير والتحول الثوري، وهما الخيار الأكثر صواباً لشعب أدمته الحروب والفتن والاضطرابات السياسية التي أثقلت كاهله بعبء مضاف إلى ما كبدته إياه العهود الملكية الظالمة أو قوى الاحتلال الأجنبي في فصول عدة من تاريخه .
كان قيام المؤتمر الشعبي العام في تلك الفترة العصيبة ليس إلا نقطة الانطلاق الأولى لقطع دابر الفتن الداخلية، وتوحيد الصف الوطني بمختلف قواه السياسية التي كانت من قبل تعمل في الخفاء وبكثير من الحذر في ضوء تحريم الدستور الدائم للعمل الحزبي وفقاً للمادة (37) منه.. والتي باتت في وضع يمكنها من الظهور والكشف عن وجودها بصيغ متعددة بعد اكتسابها قدراً معقولاً من الحريات والحقوق الديمقراطية التي أقرها "الميثاق الوطني".. مما أسهم – لا حقاً- في وضع حدٍ للفوضى السياسية والاغتيالات والسباق المشحون بالعنف.
ومن جهة أخرى – كان قيام المؤتمر الشعبي العام بداية النهاية لحالة العنف الدموي على الحدود بين شطري الوطن اليمني، والتي كانت تشعل فتيلها العصابات الماركسية المتطرفة، ومليشيات ما كان يسمى بـ(الجبهة الوطنية) وغيرها من القوى المتمرسة على حروب العصابات في مدارس (باذيب) و(النجمة الحمراء)و (البدو الرّحل) ذات التوجه الإرهابي المتطرف..
إلا إن الفترة التي شهدت صياغة مشروع الميثاق الوطني والتحضير للمؤتمر الشعبي العام قد اقترنت بجهد سياسي كثيف على صعيد تقريب الرؤى واختصار المسافات بين قيادتي شطري البلاد، وكان ذلك مبعثه رغبة وطنية جامحة للسلام والاستقرار وإعادة الساحة إلى نصابها الأمني القديم الذي أزهرت فيه الحياة وامتلك الوطن عمقه الحضاري العظيم، ومجده التاريخي المعروف..
وقد حظي ذلك المفهوم من الأهمية ما جعلته يتصدر أولى الحقائق الخمس المتبلورة على أفق التجارب التاريخية اليمنية برؤى تنص على: (إن شعبنا لم يصنع حضارته القديمة إلاّ في ظل الاستقرار والأمن والاستقرار والسلام.. ولم يتحقق له ذلك إلاّ وحدة الأرض والشعب والحكم).
وعلى هذا الأساس كان بمقدورنا الوقوف على وضع سياسي متحرك بين الشطرين، تتفاعل في أفقه العديد من الاتفاقيات واللقاءات المشتركة، فضلاً عن استئناف اجتماعات لجان الوحدة، والتخطيط لكثير من المؤسسات والمشاريع الاستثمارية المشتركة التي ما لبثت أن بددت القلق وكسرت حواجز القطيعة والنفوذ.
أن المؤتمر كان يرى في مشابكة المصالح وتكثيف جهد البحث عن المزيد من الجسور والقنوات بين الشطرين سبيلاً معززاً لفرص الأمن والسلام والاستقرار التي هي مناخ كل تفاهم إيجابي، ومشروع سياسي أو تنموي..
إن السلام في الأبجديات السياسية للمؤتمر الشعبي العام لم يكن ضيقاً في أفقه، أو محدوداً في أدواته ليبقى محاصراً بحدوده الجغرافية.. بل هو اللغة العصرية التي كانت تحمل الدولة اليمنية إلى مساحة واسعة خارج حدودها الإقليمية انطلاقاً من مبدأ سياسي نبيل يرى فيه المؤتمر الشعبي العام أن ما يحققه من أمن واستقرار في نطاق الساحة الوطنية الداخلية هو شرط أساسي من شروط صناعة الاستقرار الإقليمي- الذي سيشكل بدوره عاملاً أساسياً في نهوض الدولة اليمنية، وأحد أسباب تقريبها من غاياتها الثورية الطموحة.
ومن هنا كانت أدبيات المؤتمر الشعبي العام تعطي الكثير من الأولويات في سياستها الخارجية للعلاقات مع دول شبه الجزيرة العربية، وتحرص على تأطير السياسة الخارجية للدولة اليمنية بالوضوح، والثوابت الاستراتيجية، والاستقلالية، واعتماد الحوار الإيجابي صيغة ثابتة لا لبس فيها لحل الخلافات مع دول الجوار أو بين الأشقاء داخل البيت العربي..
وهي السياسة التي نجح من خلالها المؤتمر الشعبي العام في الانفتاح على العالم الخارجي ، مولياً اهتماماً خاصاً للاعتبارات القومية والتاريخية والجغرافية في تفصيل أولويات الانفتاح واتجاهاته.
وهكذا وجدت المناهج السلمية في سياسة المؤتمر الشعبي العام إمكانية غير محدودة لتمثيل نفسها في واقع حي ومترجم على عدة أصعدة، منها حل الخلافات الحدودية مع سلطنة عمان 1992م بالطرق السلمية، ثم الأمر ذاته مع المملكة العربية السعودية عام 2000م.
وربما كان من أعظم ما يمكن أن يقف شاهدا للمؤتمر الشعبي العام بهذا الخصوص هو قدرته الملفتة للنظر التي قادته إلى تنقية الأجواء مع الأشقاء في دول الخليج العربي عقب الجفوة والقطيعة التي تسببت بها ملابسات فهم الموقف اليمني أثناء أزمة الخليج الثانية عام 1990م.. بل أنه تجاوزها إلى الانضمام (الجزئي) لمجلس التعاون الخليجي، وفي زمن قياسي ما كان بمقدور أحد غيره الحذو على ذلك النحو.
أن فلسفة البناء السلمي في فكر المؤتمر الشعبي العام ظلت تفتح نفسها على المزيد من الخيارات الإستراتيجية التي تعزز من أهمية الكيان اليمني المستقل في بلورة مفاهيم ناضجة..
فالمؤتمر الشعبي العام- وعلى امتداد الأعوام الثلاثة والعشرين من مسيرته النضالية- كان المبادر الأول للعب أدوار خارجية كبيرة من أجل إقرار أمن وسلام واستقرار المنطقة الشرق أوسطية, ومنطقة دول ساحل البحر الأحمر والقرن الأفريقي ، وهو – أيضاً – الشريك الدولي في مكافحة الإرهاب والقرصنة البحرية، وحماية مصالح شعوب العالم من كل يد آثمة، حاقدة على الانسانية.




أضف تعليقاً على هذا الخبر
ارسل هذا الخبر
تعليق
إرسل الخبر