كتب/ محمد علي سعد - المؤتمر الشجرة المثمرة وحدها الأشجار المثمرة من يطلق عليها الصغار حجارهم بغية إسقاط شيئاً من لذيذ ثمرها فيلتقطوه فرحين، فالأشجار المثمرة وحدها محط اهتمام الناس وسعيهم للنيل منها، ومن ثمرها، أما ما عداها من الأشجار، وبالذات العادية فإنها تصلح فقط حطباً للنار.
ولأن المؤتمر الشعبي العام منذ أن تأسس في الرابع والعشرين من أغسطس 1982م كإطار وطني ضم بين جانبيه كل ألوان الطيف السياسي، والحزبي في تجربة وطنية ديمقراطية متفردة، كونها وفرت ضمانة أكيدة لاستحالة خلق دوائر توتر واحتقان سياسي داخله تصل حد الصراع الدموي على السلطة، أو الرغبة الجامحة في التسلط، ذلك أن المؤتمر الشعبي العام بتكوينه وبميثاقه الوطني خلق سياجاً وطنياً أميناً يحول دون نشوب الصراعات،ويوفر إمكانيات لا حدود لها كي يتنافس أعضائه من كل ألوان الطيف السياسي والحزبي.. تتنافس من خدمة الوطن، وارتقائه سياسياً وديمقراطياً وتنموياً.. الخ.
المؤتمر بصيغته الوطنية وتجربته الديمقراطية حمى المحافظات الشمالية من تعصب التحزب، وطاعة الأيدلوجية والانصياع لتعاليمها، ومنع المزايدة على أفكار الناس ورؤهم وممتلكاتهم وأمنهم واستقرارهم.
المؤتمر حقق مع شريكه الاشتراكي الوحدة، التي دخلها كل طرف بحسابات تختلف عن الآخر، بيد أن الوحدة وتحقيقها كانت مطلباً وطنياً وشعبياً لا يختلف عليه اثنان، المؤتمر دخل الوحدة مستنداً على حقه في الإسهام بتحقيق إرادة الشعب في الوحدة.. والاشتراكي دخلها لأنه شعر بأن الشعب في المحافظات الجنوبية لن ينتظر زمناً طويلاً عليه، وعلى قيادته من أجل اتخاذ قرار الموافقة على دعوة الرئيس علي عبدالله صالح بضرورة إعلان موعداً نهائياً لقيامها. الاشتراكي كان يتابع سقوط دول المنظومة الاشتراكية (أوروبا الشرقية) ويشاهد جوباتشوف يفكك الاتحاد السوفيتي، كما وشاهد أبناء المحافظات الجنوبية يسدون الشوارع، ويطالبون بتغيير المسئولين في مرافق عملهم ويعلنون الإضراب –لأول مرة- منذ خروج الاستعمار البريطاني في 1967م.
لذلك نقول أن الاشتراكي كان ناجحاً في قراءة الواقع الوطني والدولي، قراءة صحيحة، فهرب من السقوط للوحدة.. ومن ثم هرب من الوحدة للانفصال.. ثم عاد للوحدة بعد أن أدرك خسارة ما خسره في كل المراحل السابقة.
اليوم نجد أن المؤتمر وحكومته تتعرض لسيل من الانتقادات وتهاجم بقسوة من قِبل المعارضة، ومن خلال كل صحفها الحزبية والأهلية، التابعة لها.. المؤتمر وحكومته ويهاجم بشراسة مثلما هوجمت بالأمس، فكأنما يتذكر أن أول حكومة قامت بعد الوحدة من مايو 1990م – إبريل 1993م كانت تعف بحكومة التقاسم مع الاشتراكي، الحقيقة أن الاشتراكي قاسم المؤتمر بمحافظات الشمال، وظل المسيطر لوحده والحاكم للمحافظات الجنوبية، كما كان أيام التشطير، وزاد على هذا أنه كان حاكماً وشريكاً في الحكم، ومارس معارضة وانتقادات للنظام وهو يجلس على كرسيه.
أما حكومة مايو 93م، بعد أول انتخابات فكانت حكومة ائتلاف من المؤتمر والإصلاح والاشتراكي، فالإصلاح والاشتراكي دخلوا فيها وأخذوا حقهم وأكثر من حقوقهم في حكومة الائتلاف تلك، وانتقد الاشتراكي والإصلاح شريكهم المؤتمر، مارسا ضده وبحقه معارضة سياسية، وصحفية، وإعلامية وكأن الاشتراكي والإصلاح ليسوا شركاء في السلطة، واستمر الحال حين خرج الاشتراكي، وأقيمت حكومة بين المؤتمر والإصلاح بعد صيف 94م، إبريل 1997م، استفاد منها الإصلاح، أيها استفادة، واستطاع ومن خلال تواجده بالحكومة أن يؤسس مشاريعه الاقتصادية، ويكون ثرواته من خلال تصرفه في موارد الدولة، باعتباره حاكماً وجنب وزارات بأكملها لصالح حزبه (رجل في السلطة والأخرى في المعارضة).
ومنذ العام 1997م حتى اليوم تحمل المؤتمر الشعبي العام تشكيل الحكومة بمفرده، متكئاً على الثقة الغالية التي منحها إياه الشعب، في الانتخابات البرلمانية إبريل 1997م، وإبريل 2003م، وتحمل أمانة المسئولية في الحفاظ على الوحدة الوطنية للبلاد، وعلى مواجهة تحديات التنمية والحفاظ على أمن البلاد وسيادته من ظاهرة الإرهاب، التي تضررت منها دول كثيرة في العالم، تضررت اقتصادياً وثقافياً واجتماعياً، وبلادنا واحدة من تلك الدول التي نالها الإرهاب وتكبدت جراء جرائمه أضرار اقتصادية كبيرة.
حكومة المؤتمر أخرجت البلاد من عنق الزجاجة حين زايدت أطراف في المعارضة وغنت على هوى أطراف خارجية في إقحام اليمن ضمن قائمة الدول التي تدعم الإرهاب، لكن وبفضل حنكة الرئيس علي عبدالله صالح –رئيس الجمهورية- وطاقم العمل الذي يعمل إلى جانبه، وبفضل السياسات المتزنة استطعنا تجاوز الفخ الذي حاولت أطراف عديدة نصبه لبلادنا.
ولأننا نرى أن المعارضة لم تستفد من أخطاءها الماضية، ولم تتعلم بعد كيف تضع حداً بين اختلاف الرؤى والأفكار بين الأحزاب في إطار اللعبة الديمقراطية من جهة وبين اللعب سياسياً وحزبياً بقضايا تمس الوطن وتمس أمنه واستقراره فهي لا تزال عاجزة عن تعلم الحقيقة القائمة أن الاختلاف في إطار الديمقراطية يظل وارد، لكن فيما يتعلق بالوطن ومصالحه العليا فإنه لا خلاف لأن الوطن فوق الجميع.
لذا ندعو المعارضة أن تسمو وهي تختلف وتكبر وهي تنتقذ وتتذكر أننا مواطنون وشركاء في وطن.
وللمؤتمر نقول أن التجديد والتحديث الذي يشهده كتنظيم على طريق المؤتمر العام السابع، مسألة لقت ارتياحاً وتعاوناً وطنياً كبيراً من أعضاء المؤتمر، ومن أنصارهم.
ولذلك فإن المؤتمر مدعو لأن يجدد قياداته في الحكومة ووفق مبدأ من الثواب والعقاب، وأن تتجدد قياداته على أساس الأولوية للكفاءات الوطنية المجربة والقادرة والنزيهة، والإخلاص في أداء الواجبات واحترام المسئوليات والعمل وفق القاعدة المؤتمرية الثابتة، القائلة (أن المسئولية مغرم لا مغنم).
|