المؤتمر نت/ حوار/ جميل الجعدبي: -
ليلى العثمان تكشف لـالمؤتمرنت سر عشقها لصنعاء
"أيها اليمن الساحر حد الوجع، أيها المتلون المتنوع الجذاب ما ذا فعلت بي؟
ولماذا أحببتك كل هذا الحب؟! وأنت تستحقه وجدت نفسي تراودني الآن أن أحظى ببيت صغير. أجيء إليه كلما عصفت المواجع بقلبي، وجسدي لارتاح".
هكذا خاطبت الروائية والكاتبة العربية ليلى العثمان اليمن في إحدى زياراتها الأخيرة، وتقول أيضاً في كتابها أيام في اليمن" في اليمن نسيت كل أحزاني، نسيت وجه رجل أحببته ولا يزال يتربع في قلبي وقلب أولادي، لأنني هناك أحببت كل الوجوه فاتسع القلب لها، وأحببت كل الأمكنة فتمددت بروحي على عشبها وترابها وحنان قلوب ناسها الذين كانوا كرماء في هداياهم في كل مكان نزوره. كما كانوا كرماء بالحب والترحيب".
حينما تحدثك ليلى العثمان عن صنعاء تدرك سريعاً أن ثمة شيء ما داخل هذه المدينة قد شغفها حباً، وأن شيئاً ما ادركت مرة داخل أزقة هذه المدينة الفاتنة التي ربما لم تسمح عجلات الزمن لأبناء هذه المدينة للتوقف برهة للتأمل في خبايا أساطيرها واستنشاق عبق التاريخ في أسواقها ومعالمها الحضارية، وتقول ليلى العثمان شعراً في صنعاء:
سلام على روابيك الخضر
جنات النعيم
سلام على أعشابك
سرراً للمتعبين بعد الغياب
سلام لا شجارك
مظلة للعطاشى. فيئاً للعاشقين
سلام لبيوتك
مرابع للحب وأحلام النساء
سلام.. سلام، سيدة القلب صنعاء.
إذا هو العشق الصادق إعجاباً ودهشة لتحفة أثرية التقطته عين ليلى العثمان الروائية والكاتبة وانداح شعراً وخواطر وذكريات طافحة بالوجدانية والمودة. التي دفعتنا لترقب زيارتها رقم (10) لليمن للمشاركة ضمن الفعاليات المصاحبة لمعرض صنعاء الدولي الـ(22) للكتاب" لمعرفة سر عشقها لصنعاء؟! والتعرف على جديد إصداراتها وبعض جوانب حياتها، بالإضافة إلى عدد من القضايا الثقافية التي تحدثت عنها العثمان في سياق الحوار التالي:
بعد الزيارة العاشرة لصنعاء خلال عامين ترى ما الذي اكتشفته ليلى العثمان في اليمن؟ وما سر عشقها لمدينة صنعاء..؟!
أحيانا يحلم الإنسان أحلاماً ويتمنى أن تتحقق هذه الأحلام.. أنا لم تك اليمن فعلا واحدة من أحلامي.. وما فكرت في زيارتها أبدا، لكن الحقيقة عندما زرتها لأول مرة أصابني نوع من الندم والأسف الشديد أنني لم أفكر في زيارة هذا البلد منذ زمن طويل، اليمن أنا أشبه صنعاء بالذات وكأنها رجل يستلب كل عواطف المرأة، أو امرأة تستلب كل عواطف الرجل، فعلا.. صنعاء عملت عندي نوع من الانقلاب في داخلي.. أولاً فرحت جداً أننا نحن في وطننا العربي لدينا هذا البلد الجميل الذي لا يعرف عنه أحد كثير كما يجب أن يعرف، الثاني اكتشفت أنه في اليمن إنساناً عجيب جداً. أعجبت جدا بحب اليمني لأرضه واعتزازه بهذه الأرض وعزت نفسه في أنه لا يريد أن يخدش اليمن أي شيء من أي إنسان، وهذه نادرة لأن نحن في الغالب لما نذهب لأي بلد عربي نجد هناك أناس على طول متذمرين من وطنهم لكن الإنسان اليمني كثير ملتصق في أرضه. وهذا شيء جميل ومثير للعجب الحقيقة.
اليمن بلد أتمنى على المستثمرين العرب الذين يعملون مشاريعهم في الخارج. أن يلقوا نظرة فقط على جبال وغيم وقمر اليمن وكل شيء موجود في اليمن. ويأتوا للاستثمار في هذا البلد وتكون استثماراتهم في بلد عربي أفضل من أن تكون في بلدان أجنبية.
هذا الحقيقة سر عشقي لليمن، وممكن كل إنسان يرى بلد لأول مرة تأتيه دهشة عجيبة هذه الدهشة جاءتني أول مرة وقلت في الزيارة القادمة ستقل هذه الدهشة لكن تخيل إلى الآن هذه عاشر زيارة وكلما دخلت إلى اليمن صنعاء بالذات أحس وكأني أزورها لأول مرة وتدهشني لأول مرة..
اليمن غني بإنسانه وثقافته.
* كيف يبدو لك المشهد الأدبي الثقافي اليمني حالياً؟
- الحقيقة كنا نعرف عن اليمن حين نذكرها نعرف فقط شعراءها الكبار البردوني وعبدالعزيز المقالح وبعض الكتاب مثل مطيع دماج.. لكن عندما جئت في العام الماضي وصنعاء عاصمة للثقافة العربية 2004م اكتشفت أولاً مدى إقبال الجمهور هنا على تلقي الثقافة وإقباله على القراءة وحينما ناقشت الشباب وجلست معهم وجدتهم قراء من الدرجة الأولى. وثانياً اكتشفت أسماء في القصة والرواية والشعر تكتب بطريقة حداثية لا تقل شأنا عن ما يكتبه الأدباء والشعراء الكبار في الوطن العربي..
أيضا وزارة الثقافة أنا أعتقد ساهمت أنها تقدم لنا هذه الأصوات من خلال طباعتها للكتب.. أنا تابعت كل برامج صنعاء 2004م أعجبني طبعا الاهتمام بكل فن. لم يركز على جانب واحد. يعني هناك الفن التشكيلي وقفت أمامه مذهولة، أمام فنانين كبار في الموسيقى والطرب، الإنشاد، فرقة الإنشاد كانت مذهلة جدا وأيضا في الشعر وأتصور أن كل الشعب اليمني يولد في بطن أمه وهو يقرأ الشعر فكان المشهد الثقافي كثير عظيم الحقيقة.
فاليمن بلد غني بإنسانه غني بثقافته، نحن العرب اللي مقصرين ولا نهتم بهذا الجانب في هاتين السنتين أقول أني قرأت أدب يمني كثير وأعجبت جدا فيه ولهم مستقبل عظيم إن شاء الله .
صنعاء عاصمة دائمة للثقافة العربية
* من وجهة نظرك. ما الذي حققته صنعاء كعاصمة للثقافة العربية 2004م مقارنبة بسابقاتها من العواصم الثقافية العربية؟! مع فارق الإمكانيات طبعاً!
- أنا قلت هذا الكلام ولا أجامل.. أنا شاهدت عواصم ثقافية عربية وكل عاصمة عربية أزورها حتى لو أسبوع والله لم أجد عاصمة للثقافة كما وجدت صنعاء أتصور أنه خلال السنوات العشر القادمة ستكون صنعاء عاصمة للثقافة العربية ليس سنة واحدة بل كل السنين، وهي تستحق هذا وفي جهد مبذول من وزارة الثقافة من الناس ومن الأدباء أنفسهم بأنهم يقدموا وجه بلدهم الحضاري.
ليلة القهر وصمت الفراشات
* ما هي إصدارات ليلى العثمان الجديدة؟!
- عندي اصدار جديد مجموعة قصصية تحت عنوان "ليلة القهر " وهي مطبوعة في مصر في دار شرقيات قبل 3 شهور صدرت، والآن عندي في دار الآداب ستصدر رواية "صمت الفراشات" وعندي كتاب الأسفار الذي أعد له الآن وحقيقة لقد فتحت صنعاء شهيتي لأكتب عن أسفاري لكن اليمن بالذات خصصتها في كتاب لأن لها ميزة خاصة عندي. فكتبت أيام في اليمن، وباقي رحلاتي الكثيرة للدول العربية والعالمية سيكون في كتاب لوحده تحدثت فيه عن الأسفار وفوائدها. عن بعض المواقف التي لي سواء مواقف مفرحة أو مؤلمة. وعندي مشاريع كثيرة عندي كتاب أحب أن يصدر وهو شهادات في أصدقائي الأصدقاء المقربين لي أو من الأصدقاء كبار الشعراء والأدباء العرب من تعرفت عليهم. وصارت بيني وبينهم صداقات. فأحب أن أكتب شهاداتي فيهم..
احتراق المثقفين
* أين دور المثقف والأديب العربي تجاه ما تمر به الأمة العربية من صراعات وحروب؟!
- بصراحة دور المثقف لا يبدو واضحا ولا يبدو ذلك الاندفاع للمشاركة في صناعة القرار.. المثقفين إما متقاعسين أو صامتين. وإما أن تكون تغيرت اتجاهاتهم بتغير أوضاع أنظمتهم وهذه هي الفاجعة الكبرى أحس أنهم يتفرجون ويحترقون من الداخل ولكن هذا الحريق لا يخرج يمكن الأحداث المتسارعة لم تتح الفرصة للأديب والمثقف لدراسة الأوضاع وتحليلها ثم الكتابة عنها والبحث عن مخارج لها. فليس هناك وقت لينظم الأديب أفكاره لأنه كل حدث يأتي أسوأ من الحدث الذي قبله ونحن فعلاً نعيش في وطننا العربي أردى زمن..
* هل أنتي مع حوار الثقافات؟
- نحن أصحاب ثقافات ولكن يا سيدي ما قيمة هذه الثقافات إذ لم نكن نحن قد طورنا في هذه الثقافات، ولم نكن حرصنا على هذه الثقافات، واقتحمنا بهذه الثقافات العالم الآخر والأمم التي نحن فتحنا لهم بؤر النور.
نعم أنا مع حوار الثقافات، أنا مع حوار الأديان. أنا مع الانفتاح على العالم أن مع العولمة ليس التي تصورها البعض أنها المشى في ركاب أمريكا، العولمة لا تعني أننا نمشي في ركاب أمريكا. العولمة تعني أن تطل على هذا العالم. أن نحتك بالعالم. أن نأخذ من العالم ونعطي للعالم، نحن العرب دائماً عندنا وكأنه في داخلنا هزيمة دائمة وكان عندنا عدم ثقة بالنفس أننا نستطيع أن نغير بالعالم.
لا أدري لماذا فقد الإنسان العربي شهيته على النضال، شهيته على الحوار، فقد شهيته على الكتابة، على الحلم، حتى أحلامنا قتلت، أطفالنا لم تعد لهم أحلام، هذا وضعنا العربي، وأتمنى أن نصحوا، ليست هذه الصحوة التي يدعو لها الأصوليين أو يدعون للإرهاب، وأننا بالدين نستطيع أن نحرر أوطاننا وبالدين نستطيع أن نتغلب على أعدائنا، أنا ضد هذا تماماً، وأنت تجد كيف الآن يحتقرون إسلامنا وديننا ويحتقرونا كشعوب عربية.
يعني نحن المفروض أن ندخل إلى العالم بثقافتنا، بحواراتنا، بتسامحنا كما دعا ديننا إلى ذلك.
اكره تصنيف نفسي
* إلى إي الأجيال الأدبية تنتمي ليل العثمان؟
- أنا في الكويت أعتبر من الجيل الثالث بعد جيل السبعينات، بالنسبة للوطن العربي لا أحب أن أصنف نفسي، ولا أحب أن أقول أني كاتبة بالصف الأول أو الأخير دائماً أحب أن الناس هي التي تحكم، وليس النقاد أيضاً، فأنا لا أهتم للنقاد كثيراً، ويكفيني الجمهور العربي. وأنا أشعر بهذا عندما أسافر إلى الأوطان العربية. أشعر أني أنا في الصف الأول في قلوب الناس، وليس في المرتبة الأدبية.
فجوة أدبية
* هل أنتي مع التواصل بين الأجيال الأدبية؟
- هو الحقيقة حصلت فجوة بسبب الكبار، عندنا في الكويت هناك فجوة يعنى ما استطاعوا أن يتبنوا جيلاً آخر، لكن قبل سنتين بدأت رابطة الأدباء بهذا الدور، وأصبح لدينا مجموعة من الجيل المقبل فعلاً على الحياة، والثقافة والأدب أتمنى أنه في كل عام تتبنى دولة عربية لقاء يسمى لقاء الأدباء الشباب والشعراء الشباب من كل أنحاء الوطن العربي يجتمعون في بلد عربي، يتعارفون على بعضهم البعض ويتبادلون المعرفة والإصدارات، وبهذا نستطيع أن نخلق جيل متماسك وجيل عربي متكامل من هنا وهناك" أما الآن فبعض الأدباء في هذا البلد لا يعرف الأدباء في البلد الآخر أتمنى أن تبنى دولة وتطرح هذا الموضوع يطبق.
حياتي مفتوحة وأعيش لشيئين
* عرفتي عن اليمن الكثير.. أليس من حق قراءك في اليمن التعرف، ولو على جانب من حياتك الشخصية؟
- والله. أنا حياتي مفتوحة وفي لقاءاتي أتحدث عنها.. وأنا أم لستة أولاد، وعندي أربعة أحفاد، وأولادي كلهم متعلمين تعليم عالي. عندي دكتور وعندي محامية وصيدلانية، وبنت تحضر الآن ماجستير، وكلهم هواة قراءة.
وأعيش لشيئين فقط في حياتي، لكتابتي وأولادي، وعملت خطين متوازيين والحمدلله أتصور أني نجحت ولو نجاح بسيط على الصعيدين.
وحياتي كحياة أي كاتبة عربية، كلها فقط مسخرة للكتابة والقراءة والاهتمامات الثقافية، ومتابعة الأنشطة في البلدان العربية، وحضور المؤتمرات والندوات؛ يعني هي حياة صاخبة الحقيقة لا تترك لي فرصة لحياتي الشخصية، أو للحياة الاجتماعية. لا أملك حياة اجتماعية.
* مستوى العلاقات اليمنية الكويتية، وخاصة فيما يتعلق بالعلاقات الثقافية؟
- هي علاقة تاريخية. فنحنا عيوننا ووجدنا الشعب اليمني موجود معانا في الكويت، ولم تنقطع علاقاتنا مع اليمن حتى خلال الأزمة العراقية، لأن العلاقة ليست علاقة نظام بنظام، علاقة شعب بشعب، فلم يك هناك عداء مع أي شعب عربي، أنا أتصور خاصة بعد زيارة الوفد الكويتي البرلماني للرئيس اليمني، وخرجوا وصدورهم مفلجة وسعداء بهذا اللقاء، وإن شاء الله يعود الاستثمار الكويتي في اليمن.. وعلاقاتنا الثقافية تاريخية ولا تحتاج لشرح.