المؤتمر نت- نبيل عبدالرب -
المرأة في مزاد الأحزاب
ليس في المخزون الحضاري الثقافي اليمني ما يمنع المرأة من الإسهام الفاعل في أنشطة مجتمعها بل على العكس نجد المرأة هي القائد الفعلي لاقتصاد القرية اليمنية ونسمع صوتها في حياة المدينة، وعلى المستوى السياسي فإنها تضرب جذورها في التاريخ، ولا أدل على ذلك من تسجيل القرآن الكريم والتاريخ لريادة الملكة اليمنية السبئية المشهورة باسم بلقيس، ثم في العصر الإسلامي تذكر المدونات الإنجازات على صعد مختلفة للسيدة أروى بنت أحمد الصليحي، وتواصلت عطاءات المرأة اليمنية فشاركت في ثورة سبتمبر وأكتوبر بصورة أو بأخرى، وبعد الوحدة تحث الخطى نحو المزيد من المساهمة في صناعة القرار العام، وتمكنت من تولي مواقع قيادية أثبتت فيها نجاحاً ملحوظاً.
وفي الضفة المقابلة مازالت المرأة بحاجة لإفساح المجال أمامها أكثر لتصل إلى النصاب الدولي المثالي المحدد لـ30% كنسبة لمساهمة المرأة في الشأن العام والسياسي في مجتمعاتها، وأيضاً لخلق حالة مقبولة من التناسب لثقل المرأة اليمنية الانتخابي مع حجم تواجدها في المواقع القيادية في المؤسسات الرسمية والشعبية. ومن هنا يأتي الدور الريادي للأحزاب السياسية بغرض مساعدة وتمكين المرأة على أرض الواقع لا على لسان مسئوليها وصفحات برامجها وصحفها.
التشريعات اليمنية بما فيها ذات الطابع السياسي كقانون الانتخابات تحوي نصوصاً خاصة بالمرأة تشجعها على خوض غمار الحياة، لكن ظروف تاريخية رافقت عصور ظلام الاحتلال العثماني لليمن وحكم البلد بنظريات دينية منغلقة أحدث تراكمات سلبية غطت جوهر الثقافة اليمنية المتقبلة لدور المرأة في الحياة العامة، وبالتالي نشأت الحاجة لأن يساند الرجال في الأحزاب النساء على الأقل بترك النصوص القانونية تأخذ مداها بالتجسد والتطور بحسب كل مرحلة تتقدم فيها المرأة، دون الإضرار بها عبر القفز في فضاءات مفتوحة ولمسافات مازالت القشور الاجتماعية المعوقة تقف حائلا في وجه الإقدام عليها حالياً، من غير أن يعني هذا ترك القفزات الممكنة والمعقولة لدور النساء.
ومن اللافت في هذا الباب أن يطلق أحد قادة الأحزاب "صرخة عنترية" تقترح ترشيح المرأة للانتخابات الرئاسية المقبلة متناسياً أن حزبه إلى الآن يعيش معتركا داخلياً لتحديد وضع المرأة في هيئاته فضلاً عن الولاية العامة التي لم يبرح بشأنها تجاذبات مستمدة من بطون كتب فقهية تتضمن اجتهادات تكيف نص القوامة في قوالب تقوقع دور المرأة بالأمكنة الخلفية في كل شيء تقريبا كما حدث مع تنصيف ديتها قياساً على تنصيف الميراث وإغفال نصوص صريحة تساوي النفوس من حيث قيمتها الإنسانية من غير الالتفات لجنسها أو لونها أو سنها، ولأسباب أخرى بقية الأحزاب الفاعلة تسير بخطى بطيئة داعمة للنساء.
فبالنظر إلى اللجان المركزية للأحزاب نلحظ تطور البنية الداخلية للمؤتمر باتجاه تدعيم مكانة المرأة من 11% إلى قرابة 15% في لجنته الدائمة حسب نتائج الهيكلة الجديدة له يشاركه بهذين الرقمين تقريبا الحزب الاشتراكي اليمني وفقا لنتائج مؤتمره العام في فبراير الماضي، بينما ارتفعت حصتها في الوحدوي الناصري من 8% إلى 10% في مؤتمر يوليو الفائت والبعث القومي أقل من 10% في قيادته القطرية وتتهاوى المرأة في مجلس شورى الإصلاح ثاني أكبر الأحزاب اليمنية إلى 0.7%. وهي في قيادات الأحزاب اليمنية بصورة عامة لا تتمتع بنسبة تتجاوز 2%.
أما على المستوى السياسي العام فالمؤتمر والناصري رشح كل منهما امرأة واحدة للبرلمان في انتخابات 2003م، والاشتراكي لامرأتين في حين الأحزاب الأخرى في مقدمتها الإصلاح لم ترشح أي امرأة.
قبل أشهر أعلن المؤتمر عن توجهه نحو تبني تعديل قانون الانتخابات بما يمكن من تخصيص 10% من المقاعد المحلية والنيابية للمرأة كمرحلة أولى تضع الأحزاب الثانية في اختبار لشعاراتها وبرامجها والتصريحات الملتهبة لقادة بعضها، وتجعلها في مفترق طرق حيال النساء بين استغلالهن والمتاجرة بحقوقهن وبين الوقوف أمام مسئولياتها في تحويل طروحاتها المعلنة إلى نصوص تشريعية ملزمة وواضحة