صنعاء/ المؤتمر نت/ نزار العبادي -
لماذا إنقلب الإسلاميون !؟
قبل بضع سنوات لم تكن أمام أغلب التيارات الإسلامية من مشكلة أعظم من تغيير دستاتير بلدانهم لتتضمن عبارة "الإسلام المصدر الوحيد لكل التشريعات" بدلاً من "الإسلام مصدر كل التشريعات"..!
قبل بضع سنوات وقفت التيارات الإسلامية بكل ما أوتيت من قوة، ودهاء بوجه الأنظمة السياسية ذات التوجه الانفتاحي على الغرب، ولم يكن عذرها سوى حذر أن تمسخ ثقافة الغرب قيم الإسلام، وتفسد النفوس، وتبث الفرقة بين أبناء الأمة وشعوبها!
قبل بضع سنوات ما كان أحد من شيوخ تلك التيارات ليعترف بخطبة منبرية لا تنتهي بالدعاء بفناء اليهود والنصارى، وتشتيت شملهم، وبتبديد قوتهم، وخراب بيوتهم، ولم تكن الاشتراكية إلا إلحاداً، والقومية تفريقاً لأمة الإسلام، والجامعة العربية تامراً بريطانياً، وسفارات الدول الأجنبية أوكاراً استخبارية يرتادها العملاء من أعداء الإسلام.
ومع أن ذلك كله هو واقع قبل بضع سنوات فقط، فما بال هذه التيارات التي تميز نفسها عن الأمة بلقب "إسلامية" – تهرول اليوم بعمائمها ، وذقونها، ومسابحها إلى أبواب السفارات الأجنبية، وتتوسل أربابها لإصلاح فساد الأمة بمدافعها، ودباباتها، وطائراتها، ومبشري كنائسها، وأديرة رهبانها..!
وما بال هذه التيارات تتلاقف اليوم تقارير المؤسسات الغربية، وكل ما تتداوله الصحف الأجنبية من خبر أو رأي لتذيعه على شعوبها، وتحاجج به دولها من على كل منبر كما لو أنه نصوص مقدسة، لا يكذب قائلوها، ولا يفتروا، ولا يضمروا بها سوءً للمسلمين. مما كانوا يعتقدون قبل بضع سنوات فقط!
وكيف أصبحت سياسة الغرب موضع ثقة التيارات الإسلامية، وديمقراطيتهم هي المثل الأسمى التي تلهث وراءها لإحلالها في مجتمعاتها بدلاً مما هو قائم من غير مخافة مسخ الدين، وإفساد النفوس، وبث الفرقة، استعباد الشعوب! وكيف أمسى خطباء الأمس يتطهرون بالجلباب الأمريكي، والبريطاني، وغيرهما من دول الغرب بعد أن كانوا يستحرمون صوت المرأة ، ولبس البطلون، والدجاج المثلج، وتدريس الفيزياء والكيمياء، وغيرهما من العلوم..!
تساءلت كثيراً عما تبدل في حياة هذه التيارات لتنقلب بين ليلة وضحاها على كل "عقائدها" وممارساتها التي ما زالت الأسواق تعج بالأشرطة المسجلة والكراسات التي تخلدها.. لكنني لم أجد سوى أمر واحد تبدل عليها – وهو أنها قبل بضع سنوات كانت تجني باسم كل تلك الشعارات والممارسات الدينية ثروات طائلة، وتبرعات لا تحصى أموالها ، إلا أنها بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر، والحملة الدولية لمكافحة التطرف، والإرهاب فقدت كل قنوات در الثروات، فبات حقاً على الجميع خلع أقنعة الدين وجلابيب التقوى أملاً في الدخول تحت العباءة الدولية الفضفاضة التي تتسع لكل المتسولين في فنادق الخارج، أو على عتبات السفارات والمنظمات الدولية.
لا أعتقد أن شيئاً آخراً قد تبدل غير تجاربنا العربية الإسلامية التي تؤكد لنا أن من عادوا إلى العراق فوق دبابات قوات الاحتلال هم وحدهم من ينعمون اليوم بأمن المنطقة الخضراء، ونهب ثروات العراق فيما بقية العراقيين تنتهك أعراضهم في الشوارع، ويدفنون تحت ركام البيوت، ويلاحقهم الإرهاب حتى إلى داخل المساجد ليحز رؤوسهم باسم ديمقراطية تحرير العراق!!.
[email protected]