بقلم/ رئيس التحرير -
المؤتمر – أيضاً – ديمقراطي يا سادة
حين يأتي الحديث عن الديمقراطية في هذه البلاد الطيبة، نسمع صوت أحزاب المعارضة يرتفع عالياً، ونجد صوت معارضة أحزاب المشترك يزداد ارتفاعاً وهو يعلن حرصه على الديمقراطية ويؤكد أنه المدافع الأمين لها وعليها، وكأنه لا خطر على الديمقراطية إلا من المؤتمر الشعبي العام.
هذه الصورة التي نجدها تزداد وضوحاً هذه الأيام؛ هي ما تحاول المعارضة تقديمها للآخر في دوائر أوروبا وأمريكا من خلال مشاريعها ومبادراتها ونشاطاتها ولقاءاتها وحواراتها.. الخ.
وبدورنا نقول: إن هذه الصورة المشوهة التي أرادت وتريد أن تقدمها المعارضة عن الديمقراطية اليمنية، واجتهدت كي تلصق بالمؤتمر الشعبي العام كل أخطاء تلك التجربة هي مسألة غير عادلة بالمرة، وذلك للأسباب الآتية:
أولاً: أحزاب المعارضة عموماً، والمشترك على وجه الخصوص، هي نتاج أحزاب شمولية نشأت وترعرعت في ظل حياة حزبية ليس فيها مساحة لصوت الآخر، أوتقبله لا من داخل تلك الأحزاب ولا من خارجها.
ثانيـــــــاً: بعد الوحدة والتعدد الحزبي والسياسي خرجت تلك الأحزاب للسطح لتمارس علنية نشاطاً حزبياً وسياسياً مكفولاً بالدستور والقوانين، إلا أن تلك الأحزاب- بالرغم من صراخها الديمقراطي - لا تزال تعيش عبودية اللوائح وتبعية القيادة، ولا تزال الديمقراطية داخل أحزابهم في حكم الموافقة على ما تقرره القيادة، دونما نقاش.
ثالثــــــاً: المؤتمر الشعبي العام قبل الوحدة لم يكن تنظيماً شمولياً لكنه كان نتاج تجربة ديمقراطية استثنائية؛ إذ قام على أساس قدرته على استيعاب الآخر، فهو بتكوينه الأول ونشأته قد مثَّل إطاراً وطنياً وحزبياً وسياسياً استوعب كل ألوان الطيف السياسي، والحزبي في حياة ديمقراطية سمحت بقبول الآخر.
رابعـــــــــاً: بعد الوحدة مارس المؤتمر الديمقراطية قولاً وعملاً، ومن منطلق أنه أحد طرفي من قاما بالتوقيع على اتفاقية الوحدة، فإنه ارتضى بأن تكون الديمقراطية خياراً وطنياً وسياسياً وسبيلاً وحيداً لتحقيقه المبدأ السلمي لتداول السلطة عبر الانتخابات العامة.
خامساً: حين استطاع المؤتمر الفوز بأغلبية مريحة في البرلمان - بعد الانتخابات البرلمانية للفترة من إبريل 1997م – إبريل 2003م، وفي هذه الفترة حكم المؤتمر لوحده ( حكومة مؤتمرية خالصة) وجرى تعديل الدستور - ظل المؤتمر محافظاً على الديمقراطية كخيار وطني وسياسي، وظل متمسكاً بها حدّ رفع الشعار: إن الوحدة والديمقراطية قضيتان متلازمتان وأنه لا رجعة ولا تراجع عنهما.
وهو - أي المؤتمر الشعبي العام – من نجح في عقد ثلاث دورات انتخابية برلمانية: دورة انتخابية لانتخابات رئيس الجمهورية عبر الاقتراع السري المباشرة، ودورة انتخابية للمجالس المحلية، وهو من كرس مبدأ الانتخابات للمجالس المحلية، وهو من كرس مبدأ الانتخابات العامة بكل نواحي اختيار الهيئات والقيادات في كل مؤسسات المجتمع المدني.
واليوم نقول للإخوة في المعارضة: كفوا عن المزايدة، وجففوا دموع التماسيح التي تذرفونها "تمثيلاً" على الديمقراطية اليمنية. نقول: كفوا .. فالمؤتمر الشعبي العام حريص عليها، ومعه الكثير من الشرفاء، والوطنيين في الأحزاب ومؤسسات المجتمع المدني والملايين من أبناء الشعب. الديمقراطية وإصلاحاتها هي تجربة يمنية خالصة قادها المؤتمر، ومستعد كل الاستعداد لمواصلة قيادتها؛ خدمة لقضايا الوحدة ولمصلحة الوطن ومواطنيه، فلا الديمقراطية هي خيار خارجي، ولا الخيار الخارجي في القضية الديمقراطية هو ما تحتاجه اليمن.
هذا خلاصة القول، وليقف الذين يعتقدون أن باستطاعتهم الوصول لكراسي موقع القرار عبر السُّلم الخارجي وليصحوا من أحلام اليقظة التي ترافقهم، كلما التقوا سفراء أحد الدول المعتمدين بصنعاء، واستكمالاً.
لتأكيد ديمقراطيتنا، وتأكيد حرصنا على تطويرها كلما مر زمن واختمرت التجربة استكمالاً لذلك التأكيد نجد أن إعلان فخامة الأخ الرئيس علي عبدالله صالح - رئيس الجمهورية - في إعطاء مجلس الشورى صلاحيات تشريعية تعكس مجدداً تصميم الإرادة السياسية في تطوير التجربة الديمقراطية، وإنضاجها كما تعبر عن إيمان بلادنا بالثنائية البرلمانية، كما وصفها الأستاذ عبدالعزيز عبدالغني – رئيس مجلس الشورى – الذي أوضح في تصريح لصحيفة (26) سبتمبر أن إعلان فخامة علي عبدالله صالح - رئيس الجمهورية - بأن المرحلة المقبلة ستشهد انتخابات لجزء من مجلس الشورى، قد جاء في سياق توجه أراد من خلاله فخامة الرئيس أن يكمل عملية الإصلاحات الواسعة التي شهدتها البلاد في إدارته الحكيمة.
وبذلك نجد أن المؤتمر الشعبي العام هو السباق دائماً لتعزيز وتطوير التجربة الديمقراطية كلما تأكدت الحاجة لذلك التطوير.
فكفوا أيها الـ"سادة" .. كفوا عن مزايدات العمل الحزبي والسياسي وراعوا احتياجات الوطن واستحقاقاته...