المؤتمرنت -
ضرورات التكامل والشراكــة !!
حينما ندعو في اليمن إلى ضرورة قيام تكامل اقتصادي وشراكة حقيقية بين الدول الشقيقة.. فإننا لا ننتظر من وراء هذه الدعوة منفعة ذاتية مجردة من النفع العام الذي يعود بثماره وخيره على الجميع غنيهم و فقيرهم صغيرهم وكبيرهم.. لقناعتنا بأن مثل هذه الشراكة أصبحت تمثل نقطة الارتكاز لكسب رهانات الحاضر والمستقبل وتأمين الواقع العربي من كل العواصف المحتملة أو العارضة..
وبعيداً عن تلك الرؤى والأفكار التي تغلب عليها كثرة الوعود ومحدودية التطبيق والالتزام.. فإننا في اليمن من نشعر تماماً بأن التحديات المفروضة على أقطارنا هي من بلغت من الجسامة في الخطورة حداً تتلاشى معه حدود الاختيار ومساحات التأجيل للاستحقاقات التي تلزمها قواعد التعاطي مع التحولات الجديدة بسياقاتها التي يتداخل فيها الشأن السياسي بالاقتصادي والأمني بالاجتماعي إلى درجة يتعذر معها الحديث عن آمال الغد بمعزل عما هو قائم اليوم..
وبالتالي فإذا ما استوعب الجميع سواء في منطقة الجزيرة والخليج أو على النطاق العربي الأوسع.. بأننا أمام متغير يختلف عما سبقه من المتغيرات.. فإن ذلك هو من سيدلنا على نقطة البداية الصحيحة التي يمكن أن تشاد على قاعدتها مكونات الشراكة الفاعلة، وعلى النحو الذي نضمن من خلاله الحفاظ على مصالحنا وأمننا واستقرارنا وهويتنا التاريخية والحضارية وامتلاك ناصية التطور والتقدم ومواكبة روح العصر وإقامة أسس النهضة الكبرى التي تستجيب لتطلعات شعوبنا وأجيالها الصاعدة.
وبكل تأكيد فإن إحلال مثل هذا التفكير وتكريسه في واقع ثقافتنا، لابد أنه الذي يقتضي التحلي بالواقعية والصدق مع الذات، والاعتراف من موقع متقدم بأن ما تمتلكه شعوبنا العربية من إمكانيات هائلة هي من لم توظف حتى الآن بالشكل المطلوب، وأن معظم هذه الإمكانيات لا تزال معطلة وذلك لأسباب كثيرة أهمها حالة الشك الموروث في دواخلنا تجاه بعضنا البعض. ولعل هذا العامل هو من تعود إليه معظم انتكاساتنا وضعفنا بل وانعزالنا في دوائرنا القطرية مما أحالنا إلى إرادات متقاطعة وأرقام على الهامش لا تأثير لها في المعادلات الدولية..
ويمكن إيجاز هذا المشهد في أننا الذين لم نصل إلى أي مستوى من مستويات الاكتفاء الذاتي، فالكل يأكل مما لا يزرع ويلبس مما لا يصنع، والكل أيضاً مجرد مستهلكين لما ينتجه الغير..
ولذلك فليس هناك من يمكن له ادعاء بلوغ مقومات النهوض الحقيقي وأنه لا حاجة له إلى التكامل مع كافة مصفوفته الإقليمية والجغرافية التي يشترك معها في الهموم والتطلعات والآمال والمصير المشترك..
إذ لم يسبق لأي بلد بعينه في الشرق والغرب، في الشمال والجنوب، وأن بلغ تلك المكانة بالاعتماد على إمكانياته ووسائله ودون تعاضدٍ وتكاملٍ مع محيطه الإقليمي.
ومثل هذه الحقائق، وإن كانت تبعث على التشاؤم، فإنها التي تؤكد استحالة تحقيق العرب لملامح التطور والنماء وتوفير عوامل الأمن والاستقرار لشعوبهم بعيداً عن اندماج الجزء في الكل وتكامل اقتصادياتهم وانفتاحهم على بعضهم البعض بصورة تأخذ في الاعتبار تجارب الآخرين الذين استطاعوا بناء تحالفاتهم وتكتلاتهم الإقليمية دون أن يعيقهم التباين في الإمكانيات، وهو ما يمكن استشرافه في الخطوات التي يتعين على مجلس التعاون الخليجي اتخاذها خاصة وأنه الذي يمثل مع اليمن تركيبة متجانسة يحكمها الترابط الاجتماعي والأمني والتشابك الاقتصادي والمبادلات التجارية الواسعة، وهي المعايير نفسها التي تنطبق على منظومة الاتحاد المغاربي الذي بوسعه هو الآخر أن يشكل مع مجلس التعاون الخليجي النواة الأساسية لقيام الوحدة العربية الشاملة وقيام المشروع العربي الناهض في التاريخ الحديث..
ومن نافلة القول أنه وبدون هذا التلاحم فإن الجميع سيبقى عرضة للتهديد والابتزاز ولقمة سائغة للطامعين!!