إفتتاحية الثورة -
قمة «الاستقرار» الإقليمي!!
تعقد نهاية الأسبوع الجاري بمدينة عدن القمة الرابعة لدول تجمع صنعاء، التي يعول عليها النظر في العديد من القضايا والموضوعات ذات الصلة بالشأن الإقليمي، إلى جانب مسارات التعاون، أكان ذلك على الصعيد الاقتصادي والتبادل التجاري، وتعزيز المصالح المشتركة بين دول هذا التجمع الذي يسعى إلى إرساء شراكة حقيقية تعود بالفائدة على شعوبه ودوله.. أو على نطاق تنسيق الجهود في مواجهة التحديات التي تلقي بظلالها وانعكاساتها على عوامل الأمن والاستقرار في منطقة القرن الأفريقي وجنوب البحر الأحمر.. فضلاً عن الهموم الأخرى التي تتصدر اهتمام دول هذه المنطقة على حد سواء.
وبالنظر إلى مجمل هذه القضايا تبرز أهمية القمة المرتقبة لقادة تجمع صنعاء، خاصة وأن هذا التجمع قد استطاع ورغم حداثة نشأته أن يؤسس صيغة متقدمة تستشرف معطيات العصر واتجاهاتها فضلاً عن كونه الذي أنعش حالة من الأمل والتفاؤل لدى شعوب منطقة القرن الأفريقي والبحر الأحمر، ووفر لها فرصة كبيرة للنهوض واستثمار ما لديها من ثروات طبيعية ومادية وبشرية بصورة أكثر جدوى عن طريق تحقيق التكامل وانسياب المصالح..
وتتضاعف أهمية القمة القادمة لدول تجمع صنعاء من كونها التي ستنعقد في ظل تطورات جديدة تثير القلق فالوضع في الصومال لا شك وأنه الذي سيضع القمة أمام مسئوليات إنقاذ الموقف في هذا البلد الذي ما زالت تتقاذفه عوامل الانفلات الأمني والتناحر الداخلي، وهي الوضعية التي لا يمكن للصومال التغلب على معضلاتها ومصاعبها دون أن يحظى بالدعم والمؤازرة من دول التجمع، وكذا من كافة الأقطار الشقيقة والصديقة.
فالحقيقة أن كل المؤشرات تؤكد على أن التدهور الذي يعيشه الصومال لا يمكن أن يتم تطويقه دون أن يتجه الجميع إلى تقديم العون الذي يمكن القيادة الصومالية المنتخبة من الإمساك بزمام أمور الدولة وإعادة بناء مؤسساتها والاتجاه نحو عملية الإعمار وتحسين الأوضاع والخدمات وإحلال الوفاق الوطني الذي يكرس قاعدة للتعايش بين جميع الصوماليين ويخرجهم من دائرة الصراع والتناحر الذي استنزف الكثير من طاقاتهم وإمكانياتهم وأحال بلادهم إلى ساحة تتوالى على أرضيتها حلقات الخراب والدمار..
ومن الأمور الحساسة - أيضاً - التي لا بد وأنها ستطرح نفسها بإلحاح على قمة تجمع صنعاء، هي تلك المخاوف التي تنذر بها الأزمات المرحلة، والتي يخشى أن تدفع إلى إثارة قلاقل جديدة، وخلق أجواء من التوتر في منطق القرن الأفريقي غير البعيدة عمّا يدور حولها من تفاعلات يكتنفها الغموض والتشابك، الأمر الذي يفرض على هذه المصفوفة الإقليمية التحلي بمزيد من العقلانية وتغليب روح الحوار، لحل أي خلاف قد ينشأ.. فالمنطقة هي أشد ما تكون حاجة إلى الأمن والاستقرار، وهي في غنى عن أي توترات جديدة..
وفي كل الأحوال فإن المنتظر من قمة تجمع صنعاء، نهاية الأسبوع الجاري، الخروج بنتائج إيجابية تفضي إلى إقامة الشراكة الاقتصادية والإنمائية والاستثمارية بين دول هذا التجمع وبما يجعل من هذه الشراكة وعاء لتكامل إقليمي تندمج في بوتقته دول المنطقة التي آن لها أن تدرك أن العصر الراهن هو عصر الكيانات القوية والمتماسكة وأن من يريد أن يواكب روح العصر، عليه أن يتسلح بمفاهيم هذا العصر.