الناطق الرسمي باسم المؤتمر الشعبي العام- اليمن
التاريخ: السبت, 23-نوفمبر-2024 الساعة: 11:57 م
ابحث ابحث عن:
ثقافة
المؤتمر نت - .

السبت, 24-ديسمبر-2005
المؤتمر نت / متابعات -
أمل دنقل في الكويت
يكفي أن تعرف الأجيال المتعلمة أن هناك شاعرا اسمه دنقل أو السياب أو صلاح عبد الصبور أو محمد الفايز أو سامي القريني، ففي هذه ولادة جديدة للشاعر وأعماله الشعرية.

ميدل ايست اونلاين
بقلم: أحمد فضل شبلول

أتيحت لي الفرصة أثناء وجودي الآن في دولة الكويت، أن اطلع على بعض مناهج تدريس اللغة العربية في المرحلة الثانوية، وأثناء تصفحي لكتاب "تاريخ الأدب العربي من العصر العباسي إلى آخر العصر الحديث" المقرر على السنة الرابعة الثانوية (الصف الثاني عشر)، وجدت نصا شعريا مقررا على طلبة تلك السنة هو "البكاء بين يدي زرقاء اليمامة" للشاعر الراحل أمل دنقل (1943 ـ 1983) الذي يعد واحدا من أهم شعراء العربية الذين كتبوا شعرا في هزيمة 1967، ووضعه ديوانه الشهير "البكاء بين يدي زرقاء اليمامة" في مصاف شعراء العربية الكبار، وهو لم يبلغ بعد سن الخامسة والعشرين.

والذي أدهشني في الأمر هو أن مصر ـ بلد الشاعر الذي رفض أن يغادره لأي سبب من الأسباب، بما فيها علاجه بالخارج من مرض السرطان ـ لم تقرر على طلبة مراحلها الدراسية المختلفة، أي قصيدة من قصائد أمل، حتى قصائد "أوراق الغرفة 8" التي ينزع فيها الشاعر إلى الموضوعات الإنسانية الرقيقة، مثل الزهور والطيور وغيرهما، بعد أن كان الحماس السياسي، والتعليق على الأحداث، هو الذي يحرك قصائده في الفترة المبكرة من عمره.

بينما هناك شعراء آخرون من جيل أمل الشعري، قررت بعض قصائدهم على الطلبة المصريين، مثل الشعراء: فاروق شوشة، ومحمد إبراهيم أبو سنة، ومحمد التهامي، وغيرهم. أما أمل دنقل الذي قال في إحدى قصائده:


لا تصالح

ولو وقفت ضد سيفك كلُّ الشيوخ

والرجالُ التي ملأتها الشروخ

هؤلاء الذين يحبون طعم الثريد

وامتطاء العبيد

هؤلاء الذين تدلت عمائمهم فوق أعينهم

وسيوفهم العربية قد نسيت سنوات الشموخ


فلم تدرس قصائده، ولم أتذكر هل الاحتفالية الدولية التي عقدها المجلس الأعلى للثقافة بالقاهرة عام 2003 ـ بمناسبة مرور عشرين عاما على رحيل أمل ـ قد أوصت بتقرير بعض قصائد أمل على المراحل الدراسية المختلفة في مصر، أم لا؟. عموما إذا لم توص فقد حدث خطأ فادح، وإذا أوصت فإن الأمر لم يخرج عن نطاق الورق الذي وزع على الحاضرين، وعلى بعض وسائل الإعلام في نهاية الاحتفالية التي شاركتُ فيها ببحث عنوانه "المشهد السياسي في شعر أمل دنقل ـ الوصايا الشعر نموذجا".

يقول كتاب "تاريخ الأدب العربي" المشار إليه:

"اخترنا لك مقاطع من قصيدة للشاعر المصري "أمل دنقل" عنوانها: "البكاء بين يدي زرقاء اليمامة". وقد كتبها الشاعر في إثر الهزيمة الكبرى التي حاقت بالجيوش العربية، فيما يعرف بنكسة يونيو أو حزيران 1967م، والمتكلم في القصيدة هو المواطن العربي البسيط الذي لا يستشار في شيء، وتتخذ باسمه القرارات المصيرية التي يمكن أن تحول حياته ومستقبله إلى كارثة، وتجعل من أرضه حمىً مستباحا للأعداء. وحين تقع الواقعة يكون هو أول من يدعى إلى التضحية وتحمل العواقب. وفي القصيدة يوظف الشاعر الدلالة الرمزية لزرقاء اليمامة، تلك المرأة التي روت أساطير العرب أنها كانت حادة البصر، وأنها أنذرت قومها بهجوم وشيك للأعداء حتى رأتهم على بعد ثلاثة أيام، فأنكروا ما تقول، وسخروا منها حتى دهمتهم الجيوش، وأوقعت بهم الهزيمة، ثم إنه يمزج هذه الدلالة الرمزية للأسطورة بدلالة أخرى مستمدة من قصة "عنترة بن شداد" ذلك الفارس الشاعر الذي أنكره أبوه لأنه "عبد"، وأقصته القبيلة عن مجالسها، وأبى عمه أن يزوجه من ابنته عبلة، ثم لما كان غزو الأعداء، وانكسار الأبطال الأحرار، وفرارهم من هول القتال لم تجد القبيلة إلا هذا العبد المنبوذ، ليكون هو المدافع عنها والحامي لأعراضها.

ثم يورد الكتاب جزءا من قصيدة أمل التي وصفها بالرائعة، ومن هذا الجزء:


أيتها العرافة المقدسة

جئت إليك .. مثخنا بالطعنات والدماء

أزحف في معاطف القتلى، وفوق الجثث المكدسة

منكسر السيف، مغبر الجبين والأعضاء

أسأل يا زرقاء

عن فمك الياقوت عن نبوءة العذراء

عن ساعدي المقطوع .. وهو ما يزال ممسكا بالراية المنكسة

عن صور الأطفال في الخوذات .. ملقاة على الصحراء

عن جاري الذي يهم بارتشاف الماء ..

فيثقب الرصاص رأسه .. في لحظة الملامسة!

عن الفم المحشو بالرمال والدماء

أسأل يا زرقاء ..


(الخ القصيدة)

أيا كان الأمر، فالشكر واجب لوزارة التربية بدولة الكويت، على اهتمامها بشعراء العربية المحدثين ومنهم: أمل دنقل، ولميعة عباس عمارة، إلى جانب شعراء الكويت: محمد الفايز، وسعاد الصباح، وأحمد مشاري العدواني، وخالد سعود الزيد، ونجمة إدريس، وغيرهم، وذلك بتقرير بعض قصائدهم على الطلبة والطالبات، فيظل اسم الشاعر عالقا في أذهانهم، وإذا أراد أحدهم أن يقرأ نصوصا أخرى للشاعر الذي يعجب به، أو يحبه، فأمامه بقية الأعمال الشعرية، ويكفي أن تعرف الأجيال المتعلمة أن هناك شاعرا اسمه أمل دنقل أو بدر شاكر السياب، أو صلاح عبد الصبور، أو محمد الفايز، أو سامي القريني، أو غيرهم، وفي هذه ولادة جديدة للشاعر وأعماله الشعرية.


أحمد فضل شبلول ـ الكويت




أضف تعليقاً على هذا الخبر
ارسل هذا الخبر
تعليق
إرسل الخبر