الناطق الرسمي باسم المؤتمر الشعبي العام- اليمن
التاريخ: السبت, 23-نوفمبر-2024 الساعة: 11:47 م
ابحث ابحث عن:
إستطلاعات وتقارير
الثلاثاء, 27-ديسمبر-2005
المؤتمر نت - مأرب القديمة مأرب/ المؤتمر نت/ محرم الحاج -
إعلاميو مأرب يتحدثون عن دوافع الثأر
كان الثأر في المجتمعات البدائية بمأرب يمثل نوعاً من الضمان لتحقيق أولى صور العدالة البدائية ووسيلة ضرورية في الماضي لدفاع الجماعة عن نفسها أو أخذ المظلوم حقه بيده، وخاصة حيث يسود الظلم ويختلط بسبب الفساد والفوضى، الحق بالباطل ومؤَّدى ذلك أن الثأر والانتقام في المجتمعات البدائية كان ضماناً للعدالة ووسيلة ضرورية في العهود الغابرة للدفاع، فهو ليس شراً في ذاته، لأن أي كائن اجتماعي ينشد الحياة والاستقرار، يضطر إلى اتخاذ رد فعل تجاه ما يهدد حياته وأمنه من أخطار وأضرار، أما الوصف الأخلاقي للثأر والانتقام فيتوقف على قصد من يباشرونه والوسائل التي يلجأون إليها في ذلك وقد أتاح الثأر -باعتباره حق دفاع شرعي يمارسه الفرد وعائلته -الفرصة لتنظيم قواعد المساءلة عن أنماط السلوك الضارة والمحظورة في تلك المجتمعات.
"المؤتمرنت" التقى عدداً من إعلاميي مأرب الذين تحدثوا بدورهم عن عوامل وأسباب ودوافع الثأر والصراع القبلي وهاكم الحصيلة:
بداية تحدث محمد الصالحي مدير تحرير (مأرب برس) قائلاً : على الرغم من أن الثأر هو تعبير عن الإرادة الفردية في الانتقام من الجاني أو من ذويه إلا أن الخطأ لا يكمن – كقاعدة عامة – في طلب الثأر والأخذ به من الجاني أو البادئ بالاعتداء ممن فتح بالقتل باب الانتقام وبدأ حلقات سلسلته المعيبة، بل أن هناك أسباباً وعوامل أخرى لا سبيل الى تجاهلها وأهم تلك العوامل.
مشيراً الى أن فساد بعض القائمين على شؤون العدالة ، وأدوات تطبيقه من أعضاء الأجهزة القضائية والتنفيذية؛ فهؤلاء يفترض فيهم أن تكون تصرفاتهم تعبيراً عن إرادة المشرع وتنفيذاً للقانون على نحو متطابق كلية أو غالباً معه، ولذلك فإنه عندما يعتري الفساد بعض هذه الأجهزة وينخر في ضمائر أفرادها وعلى الأخص القضاة منهم؛ مما يؤدي إلى تمسك أفراد القبائل بعاداتهم ، فإن المجني عليه أو ذويه أو من يمثلون مصالحه يشكون في إرادة أولئك ولا يثقون في أحكامهم وقراراتهم لاعتقادهم بأنهم، نتيجة التحيز غير المشروع بسبب الرشوة مثلاً، يكونون مجرد تعبير عن إرادة الجاني ومصالحه، وليسوا حراساً للشريعة والقانون أو ممثلين لهما.
تدني الوعي العام والشخصي
وأضاف علي القليسي -أمين عام لجنة الإعلام الرياضي بمأرب: إن من أهم أسباب ودوافع الثأر والصراع القبلي -من وجهة نظري- هو تدني الوعي العام والشخصي وعلى الأخص القانوني منه وهو مرتبط عادة بالمستوى الثقافي العام.
معتبراً أن نقص الوعي وفساده يجعل المجني عليه أو ولي دمه أو من يهمه أمره ومصلحته لا يرى في الخطأ الجنائي إلا شراً بذاته ولا ينظر إليه إلا من خلال علاقته بالمأثور منه ، وليس على ضوء الظروف المحيطة به وعبر العوامل المرتبطة به عامة وخاصة، بينما هذا هو السبب الكفيل بالحيلولة دون أن يتجاوز رد الفعل الحدود القانونية والشرعية، بل والمنطقية له فيولد من ثم خطأ آخر يقود بدوره إلى غيره من حلقات سلسلة الفعل وردود الفعل الخاطئة.
وذهب محمد الجداسي نائب مدير عام الإعلام تحدث قائلاً: يعد توفر إمكانية الانتقام كانتشار الأسلحة وانفتاح أبواب الدسائس والوشايات، وضعف قوة الضبط والربط لدى بعض ممثلي السلطات العامة وتداخل اختصاصات جهات الدولة وعدم مرونة ذوي الشأن في بعض الأحيان من أهم أسباب انتشار ظاهرة الثأر والصراع القبلي.
موضحاً أن ذلك هو ما قاد بعضاً من الباحثين الى التأكيد بأنه في حالة حدوث الإساءة أو الجناية بين الوحدات السياسية – القبلية – المختلفة وفي كل مستويات التنظيم الاجتماعي والسياسي الجماعي والفردي- فإن تحكيم العرف والاعتذار عن ذلك، وإبداء الاستعداد التام من قبل الوحدة السياسية التي ينتمي إليها الجاني لبذل التعويض الكامل ومعاقبة الجاني قد يحد من حدة النزاع ويمنع نشوب القتال بالإضافة الى تخفيف الجزاء ومقدار التعويض الذي يدفعه الجاني وأقرباؤه، متابعاً : أنه كثيراً ما لاحظنا أن الدولة تلجأ الى سلوك سبيل الحكم بواسطة العرف القبلي، بحيث يكون المحافظ أو من يمثله أو غيرهما من ممثلي الدولة المركزية هم الذين يرأسون لجان حل النزاعات المستعصية بين القبائل كجماعات أو أفراد، حيث يقتصر دور حاكم الشرع وقاضي القانون في مثل هذه الحالات- على رقم الأروش وأخذ الأيمان المحكوم بها على هؤلاء وأولئك في بعض الحالات والملاحظ هو أن دور القاضي يتنامى بتنامي دور الدولة وحضورها الفاعل في المناطق القبلية وتحول دورها من دور الجاني والقامع في نظر الكثيرين إلى دور الراعي، فتقدم الخدمات وترعى المصالح وتضمن العدالة والأمن للجميع.
مضيفاً :مع ذلك يلعب الوعي بضرورة هذا التغيير وتقنينه وتشريعه عن طريق الدولة وبمساعدتها الفاعلة، دوراً مهماً في اختصار الزمن للحد من النتائج السلبية التي تنجم عن حوادث الثأر ومآسيه في المدينة والريف.
وأردف الأخ ناصر الخولاني "مصدر تلفزيوني" قائلاً: إن من أهم أسباب انتشار الثأر والصراع القبلي هو عدم مراعاة الجانب الذاتي للفاعل مما يدفع للانتقام منه حتى ولو كان ذنبه يسيراً، وهذا ما يقود بدوره إلى اللجوء للتصالح على مضض للتحكيم والاحتكام لذوي الشأن خاصة في ظل غياب السلطة القانونية القوية وعدم تطبيق القواعد الشرعية والقانونية مما يؤدي الى إزهاق الروح في القتل والباعث عليه.
منوهاً الى ضرورة تحرير الأجهزة المناط بها تحقيق العدالة من الأهواء الخاصة والمصالح الذاتية، والمطامع الشخصية والسعي للكسب غير المشروع وكل ما من شأنه أن يصير العدالة تجارة ويميز الجزاءات بالطابع الانتقامي والأحكام بالحيف والقصور فيزداد التناقض بين الخطأ والصواب وينظر المحكوم عليه الى الحكم الصادر ضده على أنه متعمد به غير مشروع، لأن القاضي أصدره غير متجرد عن الهوى لصالح خصمه.
بالإضافة الى تخلف الأعراب في البيئة الصحراوية القاحلة التي تتناءى فيها موارد الماء وتتحول فيها منابت الكلأ والمرعى مع تحول السحب في السماء مما أغراهم بالإمعان في الفرقة والاختلاف، كذلك تمسكهم بالثأر الذي كانوا يرون في الأخذ به شرفاً وفي تركه ضعفاً ومذلة.
وهو الأمر الذي دأبت الشريعة الإسلامية الغراء على مناوءته وإحلال قواعدها محله.
أما عيسى الحاج ( مراسل صحفي) فيقول أن البعض الآخر يؤكد أن غرم أصحاب الدم يصبح غرمين، غرم القتيل وغرم المال، وذلك بسبب عدم سرعة البت القضائي في جرائم الثأر.
ومؤدي ذلك القول هو أن اللجوء إلى القضاء يعتبر مضيعة للدم والمال معاً، وخاصةً إذا كان الطرف القاتل يمتلك من الوجاهة والمال ما يساعده على تأخير صدور الحكم.. كما أنه قد يستطيع الإفلات من وجه العدالة، بل إنه قد يحكم ببراءته، أو بالدية مما يضطر أولياء الدم الأخذ ثأرهم من القاتل بأيديهم كما يؤدي إلى تعدد حلقات سلسلة القتل دونما نهاية.
وبالإضافة إلى ذلك فإن الموروث القبلي أو العشائري الذي يعتبر مجرد المطالبة بالدم عبر القضاء عاراً كبيراً، وأن الأخذ بالثأر من القاتل ومن غيره لابد أن يتم من قبل ورثة القتيل سواء من القاتل أو من أسرته أو عشيرته.. هذه العوامل والأسباب جميعها أدت إلى تفشي ظاهرة الثأر وسفك دم الأبرياء دون ردع أو زجر يذكر.
وأضاف محمود الخوابري محرر رياضي قائلا: يعد ضعف الوازع الديني وانتشار السلاح وعدم الالتزام بالشرع والقانون وغياب القيم والأخلاق الفاضلة والعادات القبلية الحميدة التي كانت موجودة من قبل، كنصرة المظلوم وعدم إيواء المجرمين، وجعل الطرقات والمساجد والأسواق والمدن مناطق ذات حرمة"هجر" وعدم قتل النساء والأطفال والشيوخ وغيرها من الأخلاق والعادات الحميدة التي كانت سائدة في الماضي.
يضاف إلى ذلك ( بروز العصبية القبلية) والتي قد تكون في أحيان كثيرة بالباطل.. كذا عدم القبض علي الجناة في كثير من جرائم القتل وتراخي أجهزة الدولة المختصة في إقامة المساءلة " الدعوى" الجزائية ضدهم وايقاع العقوبات المقررة عليهم، كذا ظهور بعض معالم القصور الخطيرة في مهام ودور بعض الأجهزة التنفيذية والقضائية ( من شرطة ونيابة ومحاكم) والتطويل في الإجراءات القضائية وحدوث بعض التدخلات في شؤون القضاء أثناء المحاكمة وبعد صدور الأحكام، معتبراً كل هذه العوامل وغيرها مما لم يرد ذكره أدى في كثير من الأحيان إلى سيادة الظلم وفقدان الثقة في أجهزة العدالة ومن ثم تفضيل الثار على اللجوء إلى القضاء.
وأخيراً فإن أسباب الثأر قد تكون تافهة وعلي سبيل المثال يُروى أن كلباً تسبب في سقوط أكثر من شخص قتيلاً.. وقد بدأت سلسلة الثأر بقيام أحد الأشخاص بقتل كلب كان قد عض ابنه، الأمر الذي دفع صاحب الكلب إلى توجيه عتاب عنيف للطرف الأول، ثم نشبت مشادات كلامية واشتباك بالأيدي؛ حيث تفاقمت الأمور إلى إطلاق النار، فإذا بضحية تسقط من أحد الأطراف فيثأر الطرف الآخر لقتيله ثم يستمر بعد ذلك مسلسل الثأر..!!!
( القتل والثأر)
وقسم عفيف النجار ( محرر صحفي) بعض جرائم القتل الناجمة عن الثأر إلى قسمين: القسم الأول: قتل ولي الدم قاتل مورثه ولا يعتبر البعض هذا ثأراً، وإنما يسميه البعض "افتئاتا"، أما القسم الثاني: قتل غير القاتل من قبل ولي الدم ثأراً لمورثة أو قتل القاتل من قبل شخص آخر غير وارث للقتيل وقد يكون من أسرة القتيل أو من قبيلته، وهذا وحده يعتبر في نظر البعض، ثأراً.
وقال : إننا إذا نظرنا إلى الثأر من منظور شرعي أو قانوني فإنه يتمثل في قتل ولي الدم أو أولياء الدم القاتل ثأراً لدم قتيلهم، وفي هذه الحالة يؤكد البعض أن ما يقوم به ولي الدم من قتل قاتل مورثه يتفق مع أحكام الشرع الإسلامي الحنيف عملاً بقوله تعالى:
ومن قتل مظلوماً، فقد جعلنا لوليه سلطاناً فلا يسرف في القتل إنه كان منصوراً.صدق الله العظيم
بل ويذهب هذا الفريق إلى القول بأن القانون يعاقب من يقوم بقتل القاتل ثأراً بالسجن لمدة ستة أشهر فقط أو إذا كان قتل القاتل قد تم دون محاكمة.
على أننا لو تأملنا حقيقة الواقع من خلال الإحصائيات الخاصة لجرائم القتل بباعث الثأر سنجد أن ضحايا الثأر، في العرف القبلي هم غالباً من غير الجناة وهؤلاء الضحايا لا ذنب لهم ولا يجوز قتل أحد منهم انتقاماً من قريب له تربطه به قرابة عائلية أو عشائرية، والمعلوم في مجال الثأر أن أحد ورثة القتيل الأول يقوم بقتل أحد أقارب القاتل أو أحد أفراد قبيلته تحت ما يسمي بالاستيفاء، والإجماع هو أن قتل غير القاتل جريمة يخضع فاعلها للمساءلة والعقاب سواء أكان القتيل الأخير مسلماً معصوم الدم أو سواه.
كما أن قتل القاتل لابد أن يكون بواسطة الدولة وليس عن طريق طالب الثأر، إذا أنه لا يجوز له إقامة العدالة بنفسه.
( الثأر الجماعي والسياسي)
ويختتم نبيل البركاني محرر صحفي الحديث بقوله: إن أخطر أنواع الثأر هو الثأر الجماعي وكذا الفردي منه الذي يكون عن سبق إصرار وترصد، وتخطيط وتدبير، بل وتحريض بغية غسل عار العدوان وليس لإرضاء الشعور الخاص.
وأضاف :صورة الانتقام والثأر السياسي عديدة منذ القدم، وحكاياته أشهر من نار على علم وأكثر من الهم على القلب كما يقال في التعبيرات الشعبية.
وفي الثأر الجماعي نرى اشتراك الجماعة او العشيرة كلها في الثأر للفرد منها أو المشمول بحمايتها.




أضف تعليقاً على هذا الخبر
ارسل هذا الخبر
تعليق
إرسل الخبر