. -
بناء اليمن الجديد
أنجزت الثورة اليمنية مهمة إعادة بناء البيت اليمني على أساس الثقافة والقيم الوطنية التي تهيأت معها الظروف للانتقال بالأوضاع إلى واقع الوحدة اليمنية التي صار على عاتق نظامها الاضطلاع بمهمة إعادة ترتيب البيت اليمني على المبادئ والأخلاقيات السلمية المجسدة لخيارها ونهجها الديمقراطي القائم على التداول السلمي للسلطة من خلال صناديق الاقتراع.
ولأن اليمن لم تعد ذلك البلد المجهول والمعزول عن العالم المحيط صارت عملية إعادة الترتيب بذات الامتداد والبعد الإقليمي والدولي الذي اكتسبته وأصبحت عليه من مكانة مرموقة.
وعلى العاملين الداخلي والخارجي تعتمد عملية إعادة ترتيب البيت اليمني وإن حاز العامل الداخلي على موقع الأولوية فإن التزامن والتكامل مطلوب بين مختلف وكافة أطر وتفاصيل المهمة الجديدة.
وكذلك تأتي الديمقراطية في مقام الأولوية لمسألة التنمية السياسية ولكنها التي ينبغي توفير كافة اللوازم والضرورات الأساسية لاستتباب أمرها وترسيخها في الواقع كمنظومة اجتماعية شاملة.
ولا بد لهذه البنية أن تنشأ على قاعدة اقتصادية قوية وواقع اجتماعي متماسك وثقافة تجمع بين الهوية الوطنية والانتماء الإنساني وتكرس متطلبات التعايش والسلام الاجتماعي.
ويعول على الجانب السياسي المتعلق بالأحزاب أن تبدي القدر المطلوب والكافي من الإدراك للبعد الكامل والشامل لاتباع النهج الديمقراطي وإحلال نظامه السياسي.
وفي مداها الشامل فإن الخيار الديمقراطي يعني أول ما يعني وضع حد ونهاية لظروف وأزمنة الصراعات التي أتت على الكثير والهام من فرص وإمكانات التنمية والنهوض الحضاري وفتح صفحة تاريخية يمنية بيضاء لا مجال فيها لبقع الدم والنقاط السوداء.
ومن أولويات البناء السياسي الجديد أن تهتم وتعمل كافة الأحزاب والتنظيمات على تطبيع أوضاعها على أساس قيم وتقاليد العمل الديمقراطي، إذ لا مجال بل لا أحقية لأحد أن يدعي ويزايد على غيره أنه المختص أو المتميز بالنشأة الديمقراطية أو له رصيد غني بممارساتها ويقلل استمراره الغياب أو التغييب للديمقراطية في الممارسة من فرص بل صدقية الحديث عن الهامش الديمقراطي والتضييق عليه ، في حين أن الديمقراطية في هامش الاهتمام والأداء الحزبي . ولن تستقيم المسيرة بدون تجسيد الجوهر التنموي للحياة الديمقراطية كونها التي تتبلور وتتشكل ملامحها من خلال التنافس البرامجي على تقديم البدائل الأفضل في إطار للتكامل بين الوجه التخطيطي والتشريعي والبنائي.
وينبغي للعامل الخارجي لإعادة الترتيب للبيت اليمني أن يبرز إلى هذه الواجهة التنموية باعتباره أحد وسائل تقوية الاقتصاد الوطني وتعزيز الاستقرار السياسي والسلام الاجتماعي ومن خلال تكريس حرية واستقلالية الإرادة والسيادة الوطنية.
ولا مفر في ظل أحكام العولمة والمشاريع الدولية للإصلاحات الإقليمية من التعامل الإيجابي مع هذه التطورات وحقائقها التي باتت على اتصال واضح التأثير بالشأن المحلي وتغطيتها لمساحة الدول النامية بأكملها.
وأول المطلوب هو الاستعداد للتعامل المواجه للتحديات الخارجية وليس استعداء الخارج على الداخل الوطني خدمة لمكاسب آنية ضيقة.
والعملية في مجملها بحاجة إلى الإدراك والتعامل الايجابي بما يعزز الوحدة والسيادة الوطنية التي تشكل الضمانة والحماية القوية لمصالح كل الوطن ومواطنيه ودونه الهلاك.