. -
قمة التعاون والشراكة!!
من الحقائق البديهية التي لا تخفى على أي متابع أن الإعلان عن قيام تجمع صنعاء في أكتوبر 2002م والذي يضم في عضويته إلى جانب اليمن كلاًّ من السودان وإثيوبيا والصومال ويعقد اليوم قمته الرابعة في مدينة عدن قد جاء نتاجا لتوافق الإرادات والقناعات لدى الدول التي اضطلعت بمهمة التأسيس لهذا التجمع، وكان لها الدور في إخراجه إلى حيز الوجود ورسم عناوينه الرئيسية التي تفسح الطريق أمام دول منطقة القرن الأفريقي وجنوب البحر الأحمر للسير في اتجاه تعزيز التعاون بين شعوبها على نحو يجسد القواسم المشتركة التي تتميز بها العلاقات بين دولها والانتقال بتلك العلاقات إلى واقع الشراكة الحقيقية في مختلف المجالات .. خاصة وأن مثل هذه الشراكة أصبحت إحدى الضرورات التي لا غنى عنها لأي من دول هذه المنطقة التي تشكل ممراتها البحرية نقاط اتصال إستراتيجية للتجارة الدولية .. فضلا عن موقعها الحساس الذي يجعل هذه الدول، وما يحدث فيها على صلة مباشرة بالبيئة الخارجية ومصالحها.
وإلى جانب ذلك، فإن ما يستحق التنويه - هنا - أن قيام تجمع صنعاء هو من رُوعي أن يأتي نظامه الأساسي متسقا مع جوهر فكرته كتجمع إقليمي مفتوح يمثل فيه التكامل الاقتصادي محور الارتكاز لكل دول هذه المنطقة التي يحق لمن لم تنضم حتى الآن الالتحاق بعضويته متى شاءت ومتى ما توفرت لديها القناعة بصيغته كوعاء يؤطر الرؤى والمصالح في المنظور الأشمل والأعم، وصولا إلى تحقيق التفاعلية الجماعية التي تسهم في حفظ الأمن والاستقرار الإقليمي والدولي وخلق الأرضية المناسبة التي توائم بين التكامل والتعاون الاقتصادي وبين المتطلبات التي تقتضي التنسيق الدائم لمواجهة التحديات والصعاب المحيطة بهذه المنطقة ومنها تلك الاحتقانات التي مازالت تلقي بظلالها على واقع التنمية ومظاهر الحياة في العديد من بلدانها.
وفي ظل هذه المعطيات تتجلى الأهمية البالغة لقيام مثل هذا التجمع الإقليمي الذي يعول عليه المضي في اتجاه لملمة الطاقات والقدرات لمنظومته وإيجاد المعالجات والحلول الكفيلة بترسيخ قيم السلام في مساحته الجغرافية وذلك انطلاقا من تبني التوجهات التي تسهم في إعادة الاستقرار إلى ربوع الصومال ودعم سلطة الشرعية والمنتخبة، وتقديم الدعم لها، وبما يمكنها من بناء مؤسسات الدولة الصومالية الجديدة، والنهوض بمتطلبات التنمية وإخراج بلدها من ذلك النفق الذي قاده إلى زاوية النسيان.
إننا ونحن نتطلع إلى ما ستفضي إليه قمة تجمع صنعاء الرابعة من نتائج لتعزيز العمل المشترك وتوسيع آفاق التبادل التجاري والاقتصادي واستكمال الخطوات التي بدأ بها هذا التجمع على صعيد تنفيذ القرارات الصادرة عن اجتماعاته .. نشعر في ذات الوقت بأننا نعيش في منطقة تزخر بالأزمات والتفاعلات والتحديات، وأن ذلك يتطلب تماما التركيز على الأولويات ومجموعة القضايا والأهداف التي تهيئ أمام دول التجمع الوصول إلى غاياتها المشتركة في هذه المرحلة التي يشهد فيها العالم العديد من التحولات غير المسبوقة والتطورات المتداخلة التي لا نملك أن نكون بمعزل عنها أو بعيدين عن تأثيراتها.
ولعل مثل هذه التقاطعات التي لا تبدي أي قدر من الاهتمام لظروف المستضعفين فليس لدول منطقة القرن الأفريقي وجنوب البحر الأحمر من خيار سوى الإسراع في الاندماج تحت مظلة العمل المشترك بمختلف روافده ومحاوره، حتى يتسنى لها أن تصبح أكثر فاعلية في التعامل مع مشكلات التنمية البشرية والتطور الاقتصادي والاجتماعي، وكذا إبراز وجودها وحضورها بين الكيانات والتجمعات والمنظمات الإقليمية التي تعنى بالدفاع عن مصالح شعوبها.
وفي مواجهة واقع كهذا، لا بديل لدول منطقة القرن الأفريقي وجنوب البحر الأحمر سوى التكامل والتعاون والشراكة.