. -
الاحساس العارم بكارثة «الظفير»!!
على الرغم من هول الفاجعة التي أحدثتها الكارثة الطبيعية الناتجة عن الانهيار الصخري الذي طمر عددا من منازل قرية الظفير بمنطقة بني مطر وأودى بحياة عشرات المواطنين .. فإن تلك الحادثة قد كشفت عن المعدن الأصيل للمجتمع اليمني ومتانة حلقات الترابط التي تنصهر فيها المشاعر في الملمات كماهي في المسرات والأوضاع الطبيعية.
وتتجلى دلالات هذا التوحد في تلك الوقائع التي عبرت عنها أحاسيس المواطنين في مختلف مناطق اليمن تجاه إخوانهم في قرية الظفير المنكوبة وكذا أعمال الإغاثة التي سارعت الحكومة لمباشرتها إثر وقوع الحادث الأليم .. ناهيك عن متابعة فخامة الأخ الرئيس علي عبدالله صالح لتفاصيل تلك الكارثة منذ اللحظة الأولى، إذْ أظهرت توجيهاته الصادرة إلى الجهات المعنية بعد دقائق من سماعه النبأ أنه الذي ظل معايشا وقريبا من معاناة المنكوبين ومتحسسا لآلامهم ولم يثنه عن ذلك انشغالاته بأعمال قمة تجمع صنعاء التي اختتمت يوم أمس بنجاح كبير في مدينة عدن العاصمة الاقتصادية والتجارية للجمهورية اليمنية.
وبلاشك فإن ما أبداه فخامة الأخ الرئيس من حرص شديد على معايشة تفاصيل ذلك الحادث الأليم الذي تعرضت له إحدى قرى اليمن لم يكن من باب تجييش العاطفة الشعبية، بل أن مثل ذلك الحرص هو من يجسد السمات النبيلة للأخ الرئيس الذي عرفناه دائما قريبا من أبناء شعبه في كل الأحوال والظروف، مع أن كل من تابع تلك الجهود القيادية المسؤولة لابد وأنه أكبر في هذا الزعيم تلك السجايا والخصائص التي قلما نجدها في غيره من القيادات والزعامات بل وبعض المسؤولين الذين أحاطوا أنفسهم بأبراج عاجية وبيروقراطية شكلية، عزلتهم عن شعوبهم ومجتمعاتهم.
وتتضاعف القيمة العظيمة لتلك الصفات والخصال التي يتميز بها الأخ الرئيس علي عبدالله صالح إذا ما علمنا بأن حادث قرية الظفير الذي عمل على متابعته لحظة بلحظة قد وقع ليلا وبعد يومٍ من العمل المرهق - بالنسبة له - كرس كل ساعاته من أجل إخراج القمة الرابعة لدول تجمع صنعاء بنتائج أكثر إيجابية وفاعلية وإنجازاً للأهداف والآليات التي تهيئ لهذا التجمع انطلاقة جديدة تواكب تطلعات شعوبه وطموحاتها في ميادين الشراكة الاقتصادية والتعاون الشامل في مختلف المجالات.
وبقدر ما نشعر به من فخر واعتزاز إزاء ما يتصف به أبناء المجتمع اليمني من وحدة المشاعر وتلاحم المواقف التي تتماهى فيها الأحاسيس الوجدانية لدى الكبير والصغير في الملمات والحوادث الطارئة فإننا الذين نأمل أن لا نجعل هذه الصفات الجميلة والحضارية تقودنا إلى التصرف أثناء حدوث الكوارث الطبيعية بصورة - ربما - تعيق خطوات الإنقاذ والإغاثة التي تقوم بها الجهات المختصة كجزء من واجباتها تجاه مواطنيها كما بدا المشهد في حادثة قرية الظفير بمنطقة بني مطر.
فإذا كان التفاعل الشعبي هو من الجوانب المحمودة في كل الأوقات فإنه الذي يتحول إلى أداة معيقة لانتظام جهود الإغاثة وإنقاذ الملهوفين وتقديم المساعدة لمن طالتهم الكارثة.
ومثل هذا المشهد هو الذي تكرر في تدافع المواطنين على قرية الظفير المنكوبة وعلى نحو كثيف .. الأمر الذي اضطرت أمامه الأجهزة المعنية بالإغاثة إلى إغلاق منطقة الحادث حتى يتسنى لها أداء واجباتها بصورة سريعة ودون أية معوقات، وهو الإجراء الذي أملته الضرورة خاصة وأن هناك أجساداً لاتزال تحت الأنقاض في انتظار أن تمتد إليها أيادي الإنقاذ بصورة سريعة وقبل أن تتلاشى مساحة التفاؤل ببقائها على قيد الحياة.
ولعل مثل هذه الأحداث الطارئة أكانت ناتجة عن كوارث طبيعية أو غيرها هي من تتطلب منا جميعا إبراز وحدة المشاعر من خلال التفاعل المنظم الذي يتلاءم ويتفق مع طبيعة الحدث ومتطلباته وبما لا يجعل من علامات ذلك التفاعل مجرد تجمهر تحركه العاطفة والشعور الجارف بمعاناة من طالتهم الفجيعة.
فالهدف الإنساني والوطني والديني لا يصل إلى غاياته المثلى إلا بالوعي بالظروف المحيطة به والتعامل مع المستلزمات التي تهيئ المساعدة الكاملة لمن يحتاجها.
حيث وأن تكريس مثل هذه السلوكيات في حياتنا هو من سيضفي على وحدة المشاعر روح الانتظام الإيجابي لتكتسب معناها الشامل والكامل، وتغدو قادرة على أن تقدم الصورة المشرفة بتلك المعاني العظيمة التي تختلج في صدر كل يمني والتي يبدو فيها الجميع كجسد واحد «إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى» وليس لنا بعد كل ذلك إلا أن ندعو الله العلي القدير أن يجنب بلادنا وشعبنا كل مكروه ويتغمد ضحايا الكارثة الطبيعية في قرية الظفير بواسع رحمته وغفرانه وأن يلهم أهلهم وذويهم الصبر والسلوان .. إنا لله وإنا إليه راجعون.