إسماعيل الوريث - القوميون والإسلاميون 2-3 عندما قامت الثورة الإسلامية في إيران استقبلها القوميون العرب مرحبين. فقد شكلت بانتصارها ضربة قوية في وجه القوى الاستعمارية المهيمنة في المنطقة، مما جعل أمريكا تستعين بتيار قومي يحكم دولة عربية مجاورة لإيران لتشتعل حرب الثماني سنوات الشرسة بين العراق وإيران، تلك الحرب التي قطعت الرؤوس البشرية، كما قطعت رؤوس النخيل، وقد شاهدت بأم عيني جذوع النخيل التي لاٌتعدُّ ولا تحصى في منطقة الفاو، وكأنها أجساد بشرية فصلت رؤوسها عنها.
وقد أشارت تلك الحرب القذرة_ وما جرى بعدها من احتلال للكويت جراء الكوارث على العرب جميعاً_ أشارت فيما أشارت إليه إلى أن الاستبداد السياسي قد خلق قناعة لدى الكثيرين بأن طرفا مهما من التيار القومي غير صالح للاستمرار إذا لم يكن كله كذلك.
وكما جر احتلال العراقي للكويت إلى حرب الخليج الأولى والثانية التي أثمرت احتلال العراق مما ألحق بالعرب نكبة جديدة لا تقل إيلاما عن نكبة فلسطين عام 1948م وذكر الناس باستعمار كانت أساليبه تستعمل قبل قرن من الزمان فإن طرفا أو أطرافا من التيار الإسلامي من أولئك الذين ينعَ زرعهم بعناية أمريكية في تربة المخابرات الأمريكية وبعض حلفائها العرب قد تبنوا العنف طريقا لتحقيق طموحاتهم البعيدة عن العصر والقائمة على الخلاف فعرضوا بعملهم المتهور التيار الإسلامي كله لهجوم الأعداء فوصمت الحركات الإسلامية كلها بما فيها الحركات المقاومة كحزب الله، وحماس والجهاد الإسلامي بوصمة الإرهاب واستغلت إسرائيل هذه الفرصة السانحة لسحق مخيم جنين وحصار الرئيس عرفات، ونتج عن ذلك كله خارطة الطريق تلك الخارطة التي تحركها إسرائيل للوصول إلى أحد أهدافها المهمة وهو أن يحترب الفلسطينيون فيما بينهم والنتيجة بالطبع في صالحها وحدها.
ومع ذلك كله فإن الوقت لم يفت. فمن الفشل والتجارب المريرة نستطيع الاستفادة، ولا بد لنا من الوصول إلى وحدة الأمة، وحدة لا تلغي التنوع فلماذا لا نجعل من الكتلة الضخمة من التحديات والمخاطر المحدقة بنا عربا، ومسلمين محكا لنهوضنا، وبعد أن نعيد النظر إلى أيدلوجياتنا، لا نكتفي برفع الشعارات. فالمسألة هي أننا بحاجة إلى عملية دخول إلى واقع أمتنا وإلى الرجوع إلى تراثها الحافل بالإبداع والقدرات، وبذلك نستطيع الدخول إلى العصر الحديث، ونصل إلى الولادة الحقيقية. أدهشني الرئيس محمد خاتمي مترنماً قرأ خطابه في بيروت بالعربية ذلك الخطاب الموجه إلى العرب والمسلمين مترنماً بمقاطع من أنشودة المطر للشاعر العراقي بدر شاكر السياسب ومعلنا وقوف إيران مع سوريا ولبنان.
|