. -
إتفاق عدن للمصالحة الصومالية!!
بعد سنوات عجاف حفلت بالكوارث والمآسي والأحزان ورحلة ماراثونية من المحادثات والمفاوضات والتباينات والخلافات ، حسم الأشقاء في الصومال يوم أمس باتفاق عدن للمصالحة الذي تم التوقيع عليه من قبل الرئيس عبدالله يوسف أحمد والأخ شريف حسن شيخ أدن رئيس البرلمان الانتقالي الصومالي ، أمر حاضرهم ومستقبلهم بانحيازهم الكامل لصوت العقل ومنطق السلام والاستقرار وتغليب مصلحة الصومال العليا على ما دونها من المصالح الضيقة والأنانية ليؤكدوا بهذا الإنجاز التاريخي الذي كان ثمرة من ثمار الجهود الدؤوبة التي بذلها فخامة الاخ الرئيس علي عبدالله صالح انحيازهم لوحدة الصف والوئام الداخلي الذي يمكن الصومال من استعادة عافيته وقدرته على مواجهة تحديات البناء والإعمار وإقامة أركان دولته الجديدة على أساس ديمقراطي يشترك في تشييده كل أبناء هذا البلد الشقيق بمختلف تياراتهم الفكرية والثقافية وتوجهاتهم السياسية وأطيافهم الاجتماعية في تكامل خلاق تذوب فيه الخصومات والمشاحنات وموروثات الماضي بكل متاعبها ومنغصاتها ومآسيها التي لاشك وأن كل أبناء الصومال قد دفعوا ثمنها باهظا من دمائهم ومقدراتهم الاقتصادية والإنمائية التي أهدر الكثير منها في ظروف شديدة التعقيد والتشابك والاحتقان.
- وعليه فإذا كان اتفاق المصالحة الصومالية بكل ما حمله من رغبة صادقة على إحلال مبدأ التفاهم بشكل كامل وتجاوز الخلافات وطي صفحة الماضي قد أضفى طابعا متفائلا بأن ما تم التوصل إليه في عدن سيشكل بإذن الله منطلقا لمرحلة جديدة في الصومال عنوانها البناء والوفاق وإقامة أركان الصومال الديمقراطي.
- فإن الأمانة تقتضي القول بأن هذا الإنجاز ما كان له أن يتحقق أو يخرج إلى حيز الوجود لولا دور فخامة الأخ الرئيس علي عبدالله صالح الذي كان صاحب المبادرة في دعوة الأشقاء إلى الالتقاء واقناعهم بالجلوس على مائدة الحوار والتوصل إلى ما يخدم المصلحة العليا لبلادهم وكذا الأمن والاستقرار في المنطقة منطلقا في ذلك من إدراكه العميق بمضاعفات الإختلال الأمني في الصومال الشقيق والذي بات يؤثر تأثيرا مباشرا على الأمن الاقليمي عموما ، فضلا عن انعكاسات ذلك الإختلال على التوجهات التي يعمل تجمع صنعاء على الاضطلاع بها من أجل تكريس عوامل الأمن والاستقرار في هذا الجزء الحساس والحيوي من العالم.
- ولعل الأخ الرئيس بمتابعته ورعايته لاتفاق المصالحة الصومالية قد أراد بهذه الخطوة أن يدشن رئاسته لتجمع صنعاء التي بدأت بترؤسه لأعمال قمته الرابعة التي عقدت بمدينة عدن أواخر شهر ديسمبر الماضي وذلك عبر سعيه الدؤوب إلى إيجاد الحلول الناجعة لأهم القضايا التي تشغل هذه المنطقة وتقلق محيطها الجغرافي ، الأمر الذي دفعه للإسراع بدعوة رموز العمل السياسي في الصومال وتحفيزهم على التقدم في اتجاه التحرك نحو بسط نفوذ مؤسسات الدولة الصومالية واحتواء الحالات الناشئة والعوامل المؤدية إلى إنفلات الأوضاع في هذا البلد.
- وما يضاعف من أهمية اتفاق المصالحة الصومالية الذي جرى في عدن، أنه الذي جاء في وقت كان الكثير فيه ينظرون إلى الوضع الصومالي وأن انتزاع بشارة الانفراج تمخض عنها اتفاق عدن إنما هي التي تندرج في حكم المفاجأة الكبيرة وغير المتوقعة خاصة وأنها التي حملت إلى العالم العربي والمجتمع الدولي دلالة حية بأن الشعب الصومالي مازال ينبض بالحياة وأن ما ينتظره هو الدعم والمؤازرة حتى يتسنى له حالة الانسداد التي أحكمت سيطرتها على أوضاعه لأكثر من خمسة عشر عاما مما يستدعي معه أن يعمل الجميع على مؤازرته حتى ينهض من كبوته ويستعيد دوره ومكانته على الخارطة الاقليمية والدولية.
- لقد دخل الشعب الصومالي يوم أمس باتفاق عدن للمصالحة الوطنية مرحلة تحول هامة ينبغي أن تكرس فيها الجهود لإعادة الإعمار وتغليب الحوار والرؤى العقلانية وعدم الالتفات إلى الماضي ولما من شأنه تركيز النظر على المستقبل وجعل ذلك الاتفاق هو الإطار الوطني والعقد الاجتماعي الذي يلتف حوله الجميع في وئام يجسد الانتصار لآمال الشعب الصومالي في التقدم والاستقرار والنماء والنهوض الحضاري الشامل.