. -
خطاب الصراحة والوضوح!!
تطرق فخامة الرئيس علي عبدالله صالح رئيس الجمهورية في خطابه الذي وجهه مساء أمس إلى أبناء شعبنا بمناسبة حلول عيد الأضحى المبارك إلى العديد من الحقائق التي تستدعي التوقف أمامها ملياً والنظر إليها بعين متفحصة واستقراء مضامينها بواقعية تامة حتى يتسنى للجميع استيعاب متطلبات الحاضر واستحقاقات المستقبل وكذا الأولويات التي يتعين أن تكرس لها كل جهود أبناء الوطن اليمني في اطار من الشراكة والفهم الواعي بأن الوطن الذي نعيش فيه ويعيش فينا هو قادر بتلاحم أبنائه على انجاز أهداف التطور والتقدم والنهوض الحضاري وكذا ارتياد مكانته اللائقة في عالم اليوم خاصة بعد أن برهن جدارته في محطات كثيرة وكان صاحب السبق في طرح المبادرات والرؤى التي أسهمت في تعزيز عوامل الأمن والاستقرار في المنطقة إلى جانب تفعيل منظومة العمل العربي المشترك وتطوير وتحديث أجهزة ألجامعة العربية ومؤسساتها بالتلازم مع اسهاماته الايجابية من أجل تضييق الهوة بين العالم العربي والإسلامي والدول الغربية . وصولاً إلى خلق مناخات التقارب والحوار بين شتى الحضارات والثقافات الإنسانية ومحاصرة كل الدعوات الهادفة إلى تأجيج عوامل الصراع والشقاق الذي تجد فيه شطحات التطرف والغلو والتعصب مبرراً لممارساتها وأفعالها العدوانية التي ترمي من ورائها زعزعة الأمن والاستقرار الدوليين.
ولعل ما يلفت الانتباه في مفردات هذا الخطاب هي تلك الدرجة العالية من الشفافية التي صاحبت تناولاته لكل القضايا سواء المتصلة منها بالشأن الوطني أو بالوضع الإقليمي والتطورات التي تحيط بالواقع العربي والإسلامي والمجتمع الدولي عموما.
وهو ما تبرز تجلياته في تأكيد الأخ الرئيس علي عبدالله صالح على أن الديمقراطية ستظل هي العنوان الأبرز الذي نراهن عليه في اليمن لتحقيق النهوض التنموي بمختلف مساراته الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والعمل ايضا على تكريس سيادة النظام والقانون ومواصلة مسيرة الإصلاح الشامل والقضاء على كافه الاختلالات وتجاوز مكامن الضعف أينما وجدت.
وإذا كان الأخ الرئيس بذلك الطرح المبني على المكاشفة والمصارحة مع شعبه هومن قدم لنا درساً جديداً من دروس المسئولية وماتقتضيه موجباتها من قيم الالتزام والأمانة والإخلاص في القول والعمل فإنه الذي عزز ذلك الدرس بقوة الحجة حينما لم يترك أبواب القصور والاختلال مفتوحة أو يمر عليها مرور الكرام، حيث شدد على أهميه التقويم والمحاسبة والتصويب للاخطاء مع انه كان بوسعه أن يقول (بأن من يعملون يخطئون .. ومن لا يعمل لايخطىء) رغم صحة ذلك المبدأ وموضوعيته وواقعيته ولكن فان روح المسئولية التى عمل على تجسيدها في أنقى صورها هي من جعلته يتعامل مع تلك المقوله وذلك المبدأ من زاوية أن من يتحملون أعباء المسئولية فان عليهم أن يكونوا في مستوى القدوة والمثل ليقدموا للآخرين المسلك النبيل الذي يقودهم إلى تغليب العام على الخاص ومصلحة الوطن على مصالحهم الذاتية والضيقة.
وانطلاقا من هذا السلوك الوطني والحضاري فقد حرص الأخ /الرئيس على تجديد دعوته إلى جميع الأحزاب السياسيه على الساحه اليمنية إلى الابتعاد عن المكايدات والتنافس الشريف في البرامج والاقتراب من هموم الجماهير وتطلعاتها حتى تتمكن من كسب ثقة الناس في صناديق الاقتراع باعتبار ان هذه الآلية هي وحدها من ستوفر لتلك الأحزاب الفرصة لإبراز وجودها وفاعليتها وقوة حضورها على الصعيد الشعبي والسياسي . ومثل هذه الاشارة لاشك وأنها كافية لتحفيز تلك الأحزاب للقيام بمراجعة خطابها وأدائها وفتح المجال أمام الطاقات الشبابية لكي تأخذ دورها في احداث عملية التجديد للهياكل المتكلسة وإخراجها من قوقعتها خاصة وان هذه الاحزاب أصبحت قاب قوسين من الاستحقاق الديمقراطي والقادم والمتمثل في انتخابات المجالس المحلية والانتخابات الرئاسية خاصة وهو استحقاق ستحكمه اتجاهات عدة ومن ذلك ان الناخب اليمني أصبح على قدر من الوعي لم تعد تنطلي عليه الشعارات والخطب الحماسية مما سيجعل عينه مصوبة على جوانب الأداء والممارسة ليصبح من المعروف بأن هذا الناخب لن يمنح صوته الا لمن يستحقه ومن هو قادر على ترجمة أحلامه وأمانيه في التطور والتقدم والازدهار.
ولا نجافي بعد كل ذلك اذا ما قلنا بأن خطاب فخامة الأخ الرئيس مساء أمس قد حمل من الوضوح والصراحة والمكاشفة بما يرقى والمعاني النبيلة والعظيمة لعيد الأضحى المبارك الذي نرجو من الله العلي القدير أن يعيده علينا وعلى أبناء شعبنا بالخير والسؤدد والعزة والرفعة.. وكل عام والجميع بخير.