الناطق الرسمي باسم المؤتمر الشعبي العام- اليمن
التاريخ: الأحد, 24-نوفمبر-2024 الساعة: 12:30 ص
ابحث ابحث عن:
ثقافة
الأربعاء, 11-يناير-2006
محمد علي سعد -
هوى في النفس
هوى في النفس أقلق راحتها، عكر صفو هدوئها، هوى في النفس يعلن عن نفسه كنبض، يتحرك بمواظبة عقرب الثواني، مصر أن يمارس حقه في التعبير عن ذاته بإصرار لا يقل تصميما عن ضوء الشمس في أول الصباح.
هوى فحب النفس، موجود، محسوس، لكنه غير راغب في الإعلان عن رغبة محددة، او تحديد وجهة بعينها، هوى في النفس يمثل مجموعة كبيرة من الرغبات والأهواء والأماني والتي على كثرتها فهي تلتقي تارة وتختلف حد التناقض فيما بينها تارات كثيرة.
هوى في النفس يريد أن يفتح صدره لحالة حب جديدة تنشط ذاكرة الهوى وتجدد مفردات العشق.. يريد أن يلامس وجه امرأة لم يمر على ملامحها من قبل ولا هي من ذات النوع الذي ملامح وجهها مألوفة وكأنها عملة شائعة التداول.
هوى في النفس يريد أن يفتح قلبه لعشق عنيف يعيد علاقاته الحميمة بالليل والسمر، ويمنحه بحرية أكبر مراقبة السماء بنجومها المتلألئة وبقمرها الخجول حد الحياء لأن امرأة وجهها يشع نورا وعيناها كجزيرتين وبصفاء نبع حالة تسامر رجلاً يريد أن يتجدد مع امرأة تعلمه على طريقتها أبجدية الحب والغزل بعد أن شاخ من كثرة تجاربه وشاخت مفرداته من كثرة ما استخدمها.
هوى في النفس يريد أن يعب الحياة عباً.. يسكبها بين راحتيه فيشرب منها حينا ويشتم رائحتها حيناً آخر.. هوى في النفس بقدر حبه للحياة والتمتع بها يريد أن يغرق فيها حد الثمالة ويصحو بداخلها درجة الزهد يريد الحياة بكل جوانحها من شهوة التسلط بكل ما فيه من مغانم ومبهرات وأهواء وتحقيق رغبات تستجاب حتى قبل أن ينطق بها او تلبي حتى حين لا يعلن عنها.
هوى في النفس يريد المزيد من العمر بل يريد عمرا جديدا يبدأ به حياة كلها سعادة وتمتع حد الشبع مودعا سنوات وذكريات ومراحل كد ونكد وحرمان وينسى محطات فوز نجح فيها بطلوع الروح وتكسر الجسد.
هوى بالنفس يتمنى أن يكون الأجمل لم يصل إليه بعد وله يتذوق حلاوته على أساس أن الشاعر كان قد أفصح صدقا بأن أجمل الأيام تلك التي لم نعشها بعد.. هوى بالنفس يريد حياة ورحلة عمل ومشوار سعادة غير الذي ذاقها من قبل يريد أن يصبح أكثر من النجاح ناجحا وأعظم من السعادة سعيدا وأهم من الأهم في العمل مهماً.
هوى بالنفس لا يزال يريد صحة العشرين وشبابه يتكرر في العقد الخامس من العمر.. يريد همة الشباب حتى يعمل أكثر ويعيش مديدا ويكون بمقدوره أن يظل سامرا مسامرا عشقه وحبيباته من لحظة غروب الشمس حتى انبلاج الفجر.. هوى بالنفس حانق من أن العمر لم يعد فيه الكثير وحتى لو كان بالعمر الشيء الكثير وهذا وحده بيد الله سبحانه وتعالى فالهوى بالنفس حانق لأن المتبقي من العمر لن يكون فيه الكثير بل لن يكون فيه قادرا على هز السرير والحياة والمشاعر كما كان يفعل أو مثلما يريد أن يفعل الساعة فعيب العمر أنه لا يعود للوراء أبداً.
هوى بالنفس يطمح لمصالحة الذات مع الذات بإعلان التوبة عن المعاصي وبإشهار دفتر الخطايا كي يمسحه بدموع الندم والحزن والأسف.. هوى بالنفس يحذر النفس بتذكيرها أن باب التوبة مفتوح وأن مامضى في رحلة العمر كان كثيراً وما تبقى لن يكون بطول ما ولى.. فوجب عليك أن تصحو من غفلتك حتى لا يفوتك أن تجترح نصراً على ذاتك بإعلان توبتك النصوحة مطهراً بتلك التوبة روحك من روحك وعقلك من عقلك وارادتك من إرادتك.
هوى في النفس يعلن عن نفسه متضاربا مع نفسه يريد أن يظل عاشقاً حتى اللحد.. ويطلب الحياة ويريد أن يحياها كل مرة وكأنه يولد فيها من جديد بعمر ومشاعر وقدرة تتجدد وتعود إليه من نقطة البدء وكأن العمر ما أن يذهب حتى يعود من جديد وهو واقف مكانه في حالة استمتاع لا تنتهي.. هوى في النفس عينه على الدنيا بمباهجها دون حدود ولا قيود على الأفراح والمتعة وهوى بالنفس عينه على الآخرة حيث بدأ ينازع صاحبه مذكراً إياه أن باب التوبة مفتوح وأن الأوان قد حان لاجتراح نصر مبين على شهوات الجسد الفاني بتطهير الروح الواجب أن تكون مطمئنة بالإيمان حين تودعه راجعة لخالقها.
هوى في النفس يعلن عن نفسه وأهوائه في حالة تضارب لا يمكن أن تتوفر إلا داخل النفس البشرية.. تلك النفس صانعة الخير والشر فطوبى للذين يروضون أنفسهم على صنع الخير وليرحم الله عز وجل الذين أنفسهم تروضهم على اتباع أهوائها وفي هذا سوء العاقبة.. وليرحمنا الله فهو خير الراحمين.







أضف تعليقاً على هذا الخبر
ارسل هذا الخبر
تعليق
إرسل الخبر