المؤتمرنت – خاص -
مدير مؤسسة السعيد يتحدث لـالمؤتمرنت
هناك مقولة للعالم جيبسون: "إذا كنت ترى أن البحث العلمي مكلفاً فجرب المرض" وقضية البحث العلمي وتطوره ودوره في خدمة قضايا التنمية لا يمكن الحديث عنها بمعزل عن دور القطاع الخاص في إنشاء البنية التحتية الكفيلة بانطلاقه على أساس عقلاني وثقافة منفتحة وفلسفة واضحة تشترك في صياغتها وتطبيقها كافة مؤسسات الدولة والمجتمع.. حول الجوانب المتعلقة بقضايا النشاط الأكاديمي والبحثي ودور القطاع الخاص في هذا المجال على مستوى اليمن وفي ضوء نموذج مؤسسة السعيد للعلوم والثقافة تركز الحوار مع الأستاذ فيصل سعيد فارع مدير عام المؤسسة عضو المجلس الأعلى للبحث العلمي الى جانب أهمية الندوة العلمية الموسعة التي تنظمها المؤسسة لبحث مشكلات البحث العلمي في الجمهورية اليمنية مطلع الشهر القادم بصنعاء.
الإمساك بتلابيب البحث
- ترى هل يعتبر البحث العلمي ودور مؤسساته مشجعاً في اليمن؟
· لا شك أن الاهتمام بمسألة الارتقاء بدور المؤسسات العلمية ومنها الجامعات والحض باستمرار على العمل في هذا الاتجاه هدفه الإمساك بتلابيب البحث العلمي باعتباره قضية هامة وذات أولوية والذي نؤكد عليه هو أن تكون الاستجابة أكبر لتحقيق عملية الدفع بمسيرة البحث العلمي والتعليم عموما فالمؤسسات التعليمية هي مصدر الكوادر المؤهلة والمدربة والباحثين وتطور التعليم العالي له نتائج إيجابية في التنمية ورغم إنشاء وزارة التعليم العالي والبحث العلمي فإن وضع البحث العلمي ما زال متواضعا، وتشكيل الوزارة خطوة طيبة في الاتجاه الصحيح كما أن تشكيل المجلس الأعلى للبحث العلمي مثل تطوراً في حينه ولكنه ليس كافياً إذ أنه اكتفى باجتماع يتيم لم يؤدي الى شيء ولم تسبقه او تلحقه اجتماعات.. البحث العلمي هو خارج هاتين البنيتين.
- أين تكمن الإشكالية في مستوى الوعي أم الإمكانيات؟
· البحث العلمي هو موقف في قضية التطور من المستقبل في الأساس ينبغي أن ينهض ويستند الى أرضية واضحة وصحيحة الى فلسفة وثقافة تقترب من روح العصر والثورة التكنولوجية والمعرفية، وفي قلب هذه الثورة تأتي مسألة البحث العلمي، نحن على مبعدة حتى اللحظة فالجامعات والهيئات الأكاديمية الآن تخرج مجاميع من المتعلمين وليس باحثين وربما لا تلبي جزء من احتياجات سوق العمل والحاجة الى البحوث وكذلك الهيئات العاملة في مجال البحث العلمي في بلادنا وهذه حقيقة أولى ينبغي أن ننطلق منها لمعالجة أسباب القصور فهذه قضية بذاتها.
اتهام القطاع الخاص
- يطرح سؤال حول عدم تفاعل القطاع الخاص مع الدولة للنهوض بالتعليم العالي والبحث العلمي.. ما رأيكم؟
· السؤال الذي ينبغي أن يطرح أولا هو: هل قامت الجهات المعنية بدورها في دعم وتشجيع البحث العلمي.. أما القطاع الخاص فمفهوم واسع وفيه بيوتات مالية وتجارية ومؤسسة السعيد للعلوم والثقافة "مثلاً" تقوم ببعض مما ينبغي النهوض به في هذا الاتجاه والنظرة الى القطاع الخاص بأنه لم يقم بدوره نظرة الى حيث ينبغي وحيث لا ينبغي في آن.
حاجة موضوعية
- أنا على قناعة بل على يقين أن البحث العلمي في اليمن غائبة عنه فلسفته وكوادره هذه مسألة ينبغي الحديث عنها بموضوعية وبعيدا عن الاستخفاف لأن ذلك يدخل في باب الرهان على مجهول في المستقبل.. فالبحث العلمي ليس ترفاً نزعمه فهو حاجة موضوعية وبدون إدراك أولويات ماهيات الأمور للأخذ بها فإننا فعلا نكرس التخلف ونعيد إنتاجه بامتياز.
أهمية صندوق السعيد
- مؤسسة السعيد كيف تتعامل هذه الحاجة الموضوعية؟
· اختبرنا هذه المسألة خلال تسعة أعوام، أحسسنا كمجلس أمناء إدارة بأن البحث العلمي بحاجة الى عناية عالية وإدراك عال من هناك نقيم تجربتنا بين فينة وأخرى فكل ثلاث سنوات نقيم عملنا وعندما أدركنا الصعوبات المالية أو قل الحاجة الى التمويل أسسنا صندوق السعيد لدعم البحث العلمي ولم يقتصر الأمر في المؤسسة على هذا الجانب بل إن جملة من أنشطتها تكاد تمثل النسبة الأغلب تذهب صوب هذه الوجهة وتعمل بهذا الاتجاه.
منظومة متكاملة
- هل تعتبرون الصندوق نقلة نوعية في أداء المؤسسة؟
· صندوق السعيد هو أول منظومة متكاملة لدعم الباحثين ليس على مستوى اليمن ولكن حتى على النطاق الإقليمي والعربي كونه يجسد إسهام القطاع الخاص عبر إطار مؤسسته في الدفاع بمسيرة البحث العلمي في إطار الشراكة مع الدولة.. إن القطاع الخاص يلعب ويطور دوره في دعم البحث العلمي الرصين الذي يخدم قضايا التنمية ويوسع الأبواب لإبراز الكفاءات القادرة على الابتكار والتطور والإبداع.
موقف الجامعات
- ماذا عن تفاعل المؤسسات العلمية؟
· الصندوق يدعم البحث الذي يتقدم صاحبه بمشروع بحثي للحصول على التمويل بنسبة 70% من الصندوق لكن لم نجد هيئة أكاديمية واحدة استطاعت تقديم نسبة الـ30% مما يتطلبه إنجاز البحث فالجامعات تريد أن تمارس دوراً إشرافياً على عملية إجراء البحث لأنها لا تملك مخصصات لدعم البحث العلمي فنحن كقطاع خاص ندعم الباحثين الذين ترتقي مشاريعهم الى ما تزعم الجامعات ذاتها أنه مشروع جدير بالتمويل، وبعد وصول الباحث في الجامعة التي تبنت مشروعه البحثي إلينا كإدارة نحيله الى لجنة إدارة صندوق السعيد وتتكون من سبعة علماءهم من كبار الأكاديميين في اليمن فهم رؤساء ونواب رؤساء جامعات حاليين وسابقين لتقييمه فإذا ارتأوا مناسبة وجدارة ذلك بالتحويل قمنا بتوفير نصيب من التمويل ومع الأسف كان نصيب النظر من الهيئات الأكاديمية والبحثية بهذا الخصوص صفراً "كبيرا"
السعيد نموذجاً
- أصبح بيت هائل سعيد مرادفاً للقطاع الخاص في نظر كثير من المهتمين.. ما الذي يعنيه ذلك؟
* ذلك لأنها هي البيت المالي والتجاري التي تقوم بمهمات ذات طبيعة تحس أنها تنظر من خلالها الى المستقبل وتراه من هذه النافذة ومؤسسة السعيد هي فعلاً شريكة مع الدولة في كل ما يتحقق لصالح العلوم والثقافة وفي إطار الشراكة تنهض بواجباتها في جوانب شتى فلا تتردد في إنجاز ما تراه مهم ويتفق مع نظامها الأساسي والسياسة التي يرسمها مجلس الأمناء ومجلس الإدارة فقد احتضنت فعاليات كبيرة وهامة سياسية وفكرية وعلمية شاركت فيها قامات كبيرة سياسية واقتصادية وثقافية ودينية وعلمية من اليمن والوطن العربي والعالم فهي تباهي بفعالياتها المختلفة وتطورها المستمر فهي نموذج يحتذى لما ينبغي أن تكون عليه المؤسسات العلمية والثقافية في المجتمع فقد زار فخامة الرئيس وكبار رجال الدولة المؤسسة ودونوا في سجلات الزيارات ما تستحقه من التقدير.
مكونات مؤسسة السعيد
· لكن الخبراء في شون البحث العلمي والمؤسسات العاملة في مجال العلوم والثقافة يتوقعون الكثير من القطاع الخاص وهو ما تريده الدولة.
· بالنسبة لمؤسسة السعيد فقد قامت عام 1997م وهي تمارس مهمتها على أساس جائزة المرحوم الحاج هائل سعيد انعم ( رحمة الله) للعلوم والآداب وألان مهام المؤسسة تغطي ثمانية مجالات كل واحد منها يوازي الجائزة فهناك الجائزة ومكتبة السعيد العامة، منتدى السعيد الثقافي، صندوق السعيد لدعم البحث العلمي، مركز السعيد للتراث المعرفي والإبداعي مركز السعيد لتقنية المعلومات ومركز السعيد لثقافة الطفل ومعرض تعز الدولي للكتاب وتقنية المعلومات زواق السعيد للفنون.
ثقافة المحاكاة
· معروف أن الشركات الصناعية والتجارية أسست النهضة العلمية في البلدان المتقدمة.. السنا أحق لهذا الدور؟
- من الملاحظ أن هناك محاكاة في مجتمعنا فإذا أنشأ أحد رجال المال والأعمال معمل صغير يحاكيه الآخرون وعندما تم أنشأ، مؤسسة السعيد للعلوم والثقافة لم توجد محاكاة وبما لان مؤسسة كهذه تتطلب تمويلا كبيرا لدعم البحث العلمي فالمؤسسة لم تحاكيها مؤسسات القطاع الخاص الأخرى و البيوت المالية والتجارية وهنا ينبغي طرح السؤال لماذا هذا الطلاق، لماذا حصل انقطاع في ثقافة المحاكاة نحن نريد بيوت المال والعمل أن تعمل على مجارات آل السعيد في دعم البحث العلمي لأنها ستستفيد منه في خدمة تطورها الصناعي وتنميته وكذلك ستفيد المجتمع التي هي جزء منه.
المطلوب من الدولة
· ما الذي يتعين على الدولة لتفعيل الشراكة مع القطاع الخاص؟
- الدولة معنية بعمل الكثير وعندها القدرة والحاجة إلى تشخيص الوضع القائم وتحديد الأولويات وهي معنية باستقطاع مبالغ من الضرائب التي يدفعها رجال المال والأعمال لصالح الاستثمار في البحث العلمي والعمل الثقافي لأنه استثمار للمستقبل ويجب أن تعفي النشاط العلمي والثقافي كلية من الضرائب وان تعامل أعمال القطاع الخاص في هذا المجال معاملة العمل الخيري من منظور الحفاظ على مفهوم الواقعية الثقافية التي هي جزء من موروثنا الثقافي الإسلامي وهذا أمر حضي عليه رب السماء وقيادات الأرض فماذا نريد أكثر من ذلك لنعمل في هذه الاتجاه.
فالبحث العلمي هو تحدي المستقبل، والطفرة العلمية والتكنولوجية في البلدان المتقدمة لاشك ساهم في صنعها رجال المال والأعمال وجدير بهؤلاء في اليمن الالتفات إلى هذه الإعمال التي لا تقوم بها الدولة لوحدها ولا يجب أن تعتبر مهمة الدولة فقط لكنها مهمة رئيسية لأي دولة.
سياسات هادفة
· ما الذي تعولون عليه للارتقاء بالبحث العلمي؟
- نأمل تبلور سياسات هادئة هادفة مدروسة ومتأنية وإخراج إستراتيجية تطوير التعليم العالي والبحث العلمي إلى حيز الواقع وتضافر جهود الدولة والقطاع الخاص ومنظمات المجتمع المدني في مواجهة أي قصور من خلال آليات عمل مشتركة وفاعلة.
ندوة علمية.
· وماذا عن دور مؤسسة السعيد باعتبارها مؤسسة علمية ثقافية رائدة؟
- الخطوة القادمة والمهمة هي أن مؤسسة السعيد ستقيم ندوة علمية موسعة الـ 20 من فبراير القادم بصنعاء حول مشكلات البحث العلمي في الجمهورية اليمنية هذه الندوة ستقام برعاية أ. د عبدالوهاب راوح وزير التعليم العالي والبحث العلمي وسيساهم فيها عدد كبير من رؤساء ونواب رؤساء الجامعات لشئون الدراسات العليا والبحث العلمي ومدراء المراكز البحثية وباحثين متخصصين بهدف مناقشة واقع وقضايا البحث العلمي في اليمن وكيفية النهوض بهذا الواقع في إطار الشراكة مع الدولة وهذه مهمة تقع مسؤولية القيام بها على الدولة والمجتمع .. تمويل الندوة على نفقة مؤسسة السعيد.
التزام لبراءة ذمة
· على ماذا ترتكز أوراق العمل والأبحاث المقدمة للندوة؟
- السؤال الكبير الذي ترتكز عليه أوراق العمل والأبحاث التي ستقدم هو: ما هي مشكلات البحث العلمي في الجمهورية اليمنية؟ وقد طلبنا من الباحثين تقديم ما لديهم للإجابة على هذا السؤال المحوري بحضور التمثيل الواسع من كافة الهيئات الأكاديمية والمراكز البحثية ليحاولوا الإجابة على التساؤلات الموجودة.. والندوة لن تكون تعبير عن براءة ذمة فملف البحث العلمي موضوع جدير بالمتابعة وهذا ما ينبغي أخذة بالاعتبار حتى من قبل وسائل الإعلام.. وأوراق العمل الرئيسية حوالي سبع وأوراق أخرى وسيكون هناك مداخلات مستثمري أعمال هذه الندوة التي نأمل أن تخرج بنتائج عملية مفيدة.