. -
متى يتعلم هؤلاء؟!!
من البديهيات البسيطة التي لا يجهلها أي عاقل أن اليمن دولة ديمقراطية تتمتع بمتسع كبير من حرية الرأي والتعبير .. إلى جانب الكثرة النسبية للإصدارات الصحفية التي تتميز في تعدد توجهاتها ومنابرها .. الأمر الذي لا يترك أي مجال لإخفاء الحقائق أو تغييبها عن أعين ومدارك الناس أو تلوينها بغير ألوانها.
وبفضل هذه الدرجة العالية من الشفافية لم يعد بإمكان أحد تصوير الأشياء أو تسميتها بغير مسمياتها حتى ولو كان ذلك لمجرد محاولة البحث عن الشهرة أو رغبة في إظهار الذات وتحقيق البروز الذي يراد من خلاله الحصول على بعض المكاسب السياسية أو الحزبية أو النفعية الضيقة.
وهو ما جعل الوصول إلى الحقائق في اليمن لا يحتاج إلى سرداب سري أو مصباح سحري.
فالنهج الديمقراطي كان كفيلاً بفتح كل النوافذ أمام كل ما يعتمل على الواقع على نحو يجعل الحقائق كلها ظاهرة أمام الجميع في إطار من الشفافية والمصارحة حتى غدت هذه السمة هي من تحكم علاقات المجتمع ومؤسسات دولته .. وهو نهج لم يفرضه علينا أحد بل نحن من اختاره وتمسكنا به بعد أن وجدنا فيه السبيل الملائم لتعزيز أركان وضمانات الاستقرار السياسي والوئام والتماسك الاجتماعي الذي لا يمكن أن تتقوى مداميكه بدون وجود مثل هذه الجسور المدعومة بالثقة والشفافية والوضوح التام.
وفي هذه النقطة تحديداً تعود بنا الذاكرة إلى أحد الأحاديث الصحفية التي أجريت مع فخامة الرئيس علي عبدالله صالح .. حينما سئل عن جدوى ذلك الكم الهائل من الإصدارات الصحفية في اليمن والتي تجاوزت ما يصدر في الشمال الافريقي العربي فكان جوابه «بل ربما أكثر مما يصدر في العالم العربي كله .. ولكن ذلك هو ما يعكس قناعتنا بأن الديمقراطية ومهما اتسعت مثالبها بفعل الخلط وغموض بعض الغايات والنوايا .. فإنها أفضل ألف مرة من تكميم الأفواه وحجب الحقائق عن الناس..».
والحق أننا بهذا الطرح لا نحاول أن نتجمل أو نمتدح أنفسنا ، لكننا فقط نسعى إلى وضع الأمور كما هي وبدون أي رتوش أمام أولئك الذين احترفوا مهنة الدس على وطنهم وشعبهم وانساقوا وراء ترويج الأكاذيب عن بلدهم دون أن تمنعهم عن ذلك قيم الانتماء لهذا الوطن أو تحول بينهم وبين خوض هذا المسلك المنحرف أمانة الكلمة وقُدسيتها.
والمؤسف حقاً أن مشكلة هؤلاء لم تعد تتوقف عند تنوع ولاءاتهم أو في أسلوب الارتزاق والتكسب الذي اتبعوه. بل إن هذه المشكلة هي من استطالت بعد أن عجزوا عن تمرير أكاذيبهم وألاعيبهم في الداخل فلجأوا للاستقواء بالخارج عن طريق مده بالتسريبات التي يعاد إنتاجها على نطاق بعض المنظمات .. كما هو حال تقرير الخارجية الأمريكية حول حقوق الإنسان الصادر يوم الأربعاء الماضي .. والذي اعتمد على بعض المعلومات غير الدقيقة وغير السليمة ..بعد أن استقى معلوماته من زاوية يطرحه هؤلاء. أما عبر بعض كتاباتهم الزائفة في الصحف الصفراء أو من خلال قنوات أخرى وهو ما أوقع ذلك التقرير الأمريكي في الكثير من الثغرات التي أفقدته جوانب الموضوعية والمصداقية والاتزان.
والمثير للاستغراب أيضاً أن تلك القوى السمجة التي لا تشدها أي غيرة تذكر على وطنها وشعبها .. هي من اتجهت للتهليل لتلك السلبيات التي حملها التقرير الأمريكي مع أن هذه السلبيات لم تكن سوى نتاج تسريباتها . في حين عمد هؤلاء وكما هي عادتهم إلى إخفاء الكثير من الإيجابيات والحقائق التي وردت في ذلك التقرير عن التقدم والتطور الذي حققته اليمن في عدة مجالات على الرغم من علم هؤلاء أو هذه القوى وغيرها .. بان الولايات المتحدة الأمريكية ليست اليوم في الموقف المثالي لإسداء النصائح أو لانتقاد أوضاع حقوق الإنسان في اليمن أو في غيرها من البلدان .. بعد أن أصبحت واشنطن محط انتقاد المنظمات الدولية نتيجة انتهاكاتها المتكررة لحقوق الإنسان في مواقع وبلدان كثيرة .. وأوضح مثالٍ على ذلك ما يجري اليوم في افغانستان والعراق ، وما يتعرض له المحتجزون في سجن «أبو غريب» أو «جوانتانامو» من قبل الجنود الأمريكيين.
وأياً كانت الدوافع من وراء ما حمله التقرير الأمريكي .. يبقى السؤال :
- هل من الديمقراطية أن يكون ولاء الإنسان للخارج قبل ولائه لوطنه وللأرض التي أنجبته؟؟
وهل من الديمقراطية أن تصبح حرية الرأي والتعبير حقلاً للباحثين عن البطولات الزائفة ومجالاً للتكسب ووسيلة لترويج الأكاذيب وتزوير الحقائق؟؟
وهل يدرك مثل هؤلاء .. أن تجاوز الفشل لا يمكن أن يأتي بالقفز فوق الحقائق واتباع الأوهام وتوليف التسريبات التي يسعون من خلالها إلى تقديم أنفسهم للخارج؟ ومتى سيتعلم أولئك أن الأوطان هي أسمى وأغلى من كل الإغراءات .. وأن اليمن اليوم أصبح محمياً بجيل يمتلك الإرادة والاستعداد للتضحية بكل غال ونفيس لكي يحافظ على كرامته وسيادته وعزة وطنه .. واستقراره وأمنه وفي سبيل حماية كل مكاسبه التنموية والسياسية والديمقراطية؟!
ليت هؤلاء « ........ » وللقارئ أن يضع مكان النقاط ما يشاء!!