. -
معارضة اللامعقول
المبالغة والتضخيم اللامعقول وإعطاء الأشياء معانٍ بعيدةً عن مضمونها ودلالاتها وأبعادها الحقيقية والاهتمام بقضايا هي أبعد ماتكون عن معطى متطلب وطني حقيقي يهم اليمن وابناءه.. أصبح هذه الأيام ديدن الخطاب السياسي للاحزاب المنضوية في اللقاء المشترك المركزون في خطابهم السياسي وصحافاتهم على قضايا هامشية لاتخدم الوطن ولاتلامس هموم المواطن على نحو يثير الدهشة ويبعث على الاستغراب برؤى وتصورات تتسم بقدر كبير من النزق والطيش السياسي والفنتازيا القائمة على اعتقاد واهم لقيادات تلك الاحزاب بانها تمارس السياسة بمقتضى متطلب الفترة التاريخية التي يمر بها الوطن والعالم في وقت هي أبعد ماتكون عن إدراك حقائقها واتجاهاتها.. كم كنا نتمنى ان تصب تلك المبالغات لمصلحة الوطن أو حتى تتوافر فيها حسن النية تجاه المصلحة الوطنية بدلاً من توجيهها لغرض المناكفة والمكايدة الحزبية الضيقة المنحلة من أية مسؤولية يفترض أن تحملها كمعارضة تسعى لتحقيق اهداف واضحة تؤدي الى تعزيز مكانتها وترسخ وجودها في الواقع السياسي الديمقراطي عبر تمثلها لقضايا المجتمع وتعبيرها الصادق عن أوضاع وهموم الناس دخل الوطن برؤية موضوعية نابعة من استقراء عميق لحقائق مشاكله واشكالياته التي توجب النزول للعمل في اوساط المجتمع ومعايشته بصورة مباشرة تجعل المواطنين يحسون بوجودهم معهم ويشعرون بوقوفهم الى جانبهم وأنهم بالفعل معارضة تنتمي الى هذا الوطن وابنائه وليس في ابراج أوهام التعويل على الخارج والاستقواء به في الوصول الى غايتها التي في حال كهذا بكل تأكيد غير شريفة المقصد وتلحق ضرراً بالغاً بحاضر اليمن ومستقبل اجياله.
ولعل في هذا السياق أصدق تعبير على تلك الممارسات اللامسؤولة واللا وطنية ما اشار اليه احد قادة احزاب اللقاء المشترك الرافض لموضة الديمقراطية المعلبة المستوردة معتبراً الاستقواء بالاجنبي على الوطن وتحريضه عليه جريمة والاحتكام لايكون الا للشعب ونحن هنا نقول لهؤلاء ان التركيز على امور تجاوزها الوطن واصبح طرحها اليوم من قبل بعض القوى في الساحة السياسية يعكس حقيقة أزمتها وماهيتها الماضوية المتخلفة العاجزة عن فهم واستيعاب المتغيرات والتحولات وبالتالي العجز عن امتلاك قدرة التعاطي معها بعقلية سياسية تستوعب طبيعتها ومسارات اتجاهاتها بشفافية استشرافية مستمدة من الاسهام الحريص على التسريع من حركة نمائه وتطوره الى الامام.. لكن من اين لها ذلك الوضع الذي تعيشه والذي اوصلها الى حالة من التيه والفراغ السياسي الذي خلق عندها خيالات مرضية يتجلى من الصدق والموضوعية بوضوح في المبالغة والتضخيم لكل شيء واكسابه طابعاً سوداوياً تشاؤمياً او الانحراف بالحقائق بما يخرجها عن مسارها الصحيح مما يجعل تلك الاحزاب تجد نفسها تخوض معارك دنكشوتية لتعارض خارج الواقع الاجتماعي السياسي والاقتصادي القائم والمعاش واعجاب الخارج بها يأتي من امكانية توظيفها لصالحه مع ادراكه انها ممارسة لمعارضة تبعث على السخرية والاستهجان كونها لاتعي مصالحها وتعمل باتجاه اضعاف نفسها مسلمة زمام بقائها له دون ان تدري ان في ذلك اسباب وعوامل تلاشيها وزوالها وهذا مايجعلها تعيش محنة حقيقية ماكنا نتمناها لها لكنها اوقعت نفسها بيديها، لتقودها البطالة وحالة الفراغ التي
يعيشها قادتها الى خوض معارك وهمية تارمة مع اللجنة العليا للانتخابات واخرى حول قانون الصحافة غير مدركة ان التغير الذي تطلبه خصوصاً في هاتين القضيتين عداء صارخاً ومفضوحاً للديمقراطية وضد ماهو دستوري ومؤسسات منتخبة من الشعب تعبر عنها وتجسدها على ارض واقع الحياة السياسية.. ذلك ان اللجنة العليا للانتخابات هي في الاساس منبثقة عن السلطة التشريعية ومجلس النواب وحده من يملك حق تغييرها، كما ان نزاهة العملية الانتخابية لاتتحدد بمجرد تغيير الاشخاص وانما تتحدد بتلك الضوابط والاجراءات الت ييحددها الدستور والقانون وبوجود المراقبين المحليين والدوليين في لجان الاشراف على الانتخابات كما ان قانون الصحافة هو الآخر لايخضع لرغبة هذا الحزب أو ذاك حتى ينسجم مع الديمقراطية وحرية التعبير ومن يملك حق تأكيد ذلك هي السلطة التشريعية ولابأس من طرح مشروعه للمناقشة الموضوعية من قبل الجميع لاثرائه واغناء مواده ولكن تبقى القضيتان ليست مشكلة المشاكل التي تتوقف عليها كل انشطة المعارضة، فهي ليست قضايا رئيسية يتمحور حولها تقاطع وتلاقي السلطة والمعارضة، لكن على مايبدو أن تلك المجموعة من المعارضة اعتقدت خطاءً بهما بإمكان ابتزاز السلطة وممارسة الضغط عليها لتحقيق مآرب أنانية ضيقة ولو بالاستقواء بالخارج على الوطن تاركة القضايا الرئيسية الحقيقية التي تجعلها قادرة على التأثير من منطلق وطني لصالحها خارج دائرة اهتمامها ونعني القضايا والموضوعات التي تهم الناس وتمس حياتهم اقتصادياً وتنموياً وخدمياً ومعيشياً وبالتالي: اكتساب المعارضة اذا كانت تؤمن بالديمقراطية تقديرهم واحترامهم، وفي النهاية أصواتهم التي سيجعلها مؤثرة وفعالة وقادرة على تصويب ماتراه خاطئاً وتقرير ماهو صحيح ويصب في اتجاه المصلحة الوطنية ولكن كما يقال فاقد الشيء لايعطيه وفي هذا تكمن حالة التشويش والضبابية وانعدام الرؤية وهذا مايجعلها لاتواجه استحقاقات واضحة بمسؤولية ولكن عبر افتعال المعارك الوهمية ودس الرأس في الرمال.. فإلى متى؟!