يحيى نوري - حق الشعب في التعرف على تجارب هؤلاء تثور ثائرة البعض من الراغبين في ترشيح أنفسهم للانتخابات الرئاسية القادمة بمجرد أن يقرأوا أي كتابات تتناول تجربتهم السياسية وتسلط الضوء على الإخفاقات التي منيو بها خلال تجاربهم هذه.
وقد يدهشك الأمر أن البعض من الذين يحاولون خدمة هذه الشخصيات وتحسين تجاربها من خلال تدبيج مقالات في العديد من الصحف يعتبرون أية إطلالة على تجارب هؤلاء تعد بمثابة فتح لملفات الماضي مع وصف ذلك بالاستغلال الرخيص لإخفاقات هؤلاء.
وهنا نتساءل هل امتعاض هؤلاء من تسليط الضوء على إخفاقات من يسعون لترشيحهم أو بعضهم يعد عملاً مضراً بالوحدة، ويعرض الوطن إلى مخاطر؟
وإن كانت إجابة هؤلاء (نعم) فإننا لا نجد مناص من مطالبتهم بتقديم الأدلة القاطعة التي تؤكد صحة ما يروجون ويزعمون له.
ثم نسألهم ثانيةً وثالثة ورابعة، ونقول لهم: أليس من حق الشعب صاحب المصلحة الحقيقية في الديمقراطية والمشاركة الفاعلة أن يقف أمام مختلف التفاصيل عن سير وتجارب كل من يرغبون في ترشيح أنفسهم؟ ثم أليس من حق الشعب أن يختار من يقوده إلى المستقبل وفقاً لرؤية واضحة ودقيقة؟!. تجعل من مشاركته في هذا الاختيار ذات قيمة سياسية ووطنية، وفي إطار من الاستغلال الأمثل للانتخابات باعتبارها المعبرة عن إرادته وتطلعاته، ولهؤلاء –أيضاً- الذين يضيقون من أي حديث عن تجاربهم -وبالذات منهم الراغبون في الترشح- وإخفاقاتهم السياسية وشرح مدى الآثار الخطيرة التي تركوها على الساحة، وفضاعة ما ارتكبوه من جرم في حق شعبهم نوجه لهم أيضاً سؤالاً منطقياً مفاده: ألستم معشر المرشحين تعلمون أن الدول المتقدمة في الممارسة الديمقراطية لا تجد حرجاً في تناول إخفاقات أي مرشح، بل واعتبار ذلك حق مكفول لأي مرشح آخر يحاول إزاحة منافسة ثم هل عرضت هذه الممارسة هذه الشعوب إلى التصدع والانهيار، وعرضت بالتالي أمنها وسلامها الاجتماعي للخطر أو جعلها ذلك على شفير حرب أهلية.
وإزاء ذلك ليس أمامنا إلا أن ندعو هؤلاء إلى امتثال الديمقراطية القائمة أساساً على حق الشعوب في تحديد وتشخيص الشخصية المناسبة التي يمكن لها أن تقودها إلى آفاق المستقبل.
كما نقول لهم إنما تطبلون له اليوم عبر أعوانكم من خبابير وإدعاءات لا تعدو كونها مجرد تعبيراً صارخاً عن اهتزاز في مسئولياتكم الوطنية تجاه الديمقراطية التي تتطلب دوماً التعامل مع مختلف القضايا الوطنية في إطار من الشفافية والوضوح ومراعاة المصلحة العليا للوطن صاحب المصلحة الحقيقية في إنجاز الديمقراطية.
وفي الأخير ليس أمامنا سوى الدعوة لهؤلاء أن يعودوا قريباُ إلى قيم الديمقراطية ومثلها، وألاَّ يذهبوا بعيداً نحو خدمة مصالح أنانية وممارسات غير وطنية لا هدف لها سوى التجهيل والتضليل للرأي العام، ومحاولة إعاقة مشاركته الفاعلة في تعزيز مسيرة الديمقراطية تحت مبررات ودعاوى لا شأن للديمقراطية بها من قريب أو من بعيد.
وبأن عليهم أن يستغلوا وقتهم فيما هو مفيد وأن يجعلوا من أخلاقهم أدوات معبرة بصدق وأمانة عن توجهات وتطلعات الجماهير لا محاولة الإملاء عليها بقضايا ما أنزل الله بها من سلطان.
|