الشرق الأوسط - وثيقة بريطانية : بوش كان مستعدا للغزو خلال الأسابيع التي سبقت بدء الولايات المتحدة وحلفائها غزو العراق، وعندما كانت واشنطن ولندن تضغطان لإصدار قرار ثانٍ من مجلس الأمن الدولي يدين العراق، جاء تهديد الرئيس الأميركي بوش العلني لصدام حسين مفاجئا: نزع السلاح أو مواجهة الحرب.
لكن وراء الكواليس كان الرئيس الأميركي متأكدا من أن الحرب حتمية. فخلال اجتماع خاص جرى في مكتبه بالبيت الأبيض في يوم 31 يناير 2003 قال بوضوح لرئيس الوزراء البريطاني توني بلير إنه مصمم على غزو العراق بدون صدور قرار دولي ثان وحتى لو أن المفتشين الدوليين للأسلحة فشلوا في العثور على أي أسلحة غير تقليدية حسبما جاء في مذكرة سرية تتعلق بذلك الاجتماع كتبها كبير مستشاري بلير للسياسة الخارجية وتم مراجعتها من قبل صحيفة «نيويورك تايمز».
وقال ديفيد مانينغ، مستشار بلير آنذاك، إن «على استراتيجيتنا الدبلوماسية أن تنظَّم حول الخطة العسكرية». وهذه المذكرة تلخص المناقشات التي دارت بين بوش ولير وستة من مساعديهما الكبار. وكتب مانينغ أيضا «تم تثبيت تاريخ بدء الحملة العسكرية ليوم 10 مارس. وهذا حينما يبدأ القصف».
وجاء تحديد الموعد الزمني في لحظة دبلوماسية مهمة. فبعد خمسة أيام من لقاء بوش ـ بلير، كان مقررا أن يلقي وزير الخارجية الأميركي آنذاك كولن باول كلمته أمام الامم المتحدة كي يقدم الأدلة الأميركية على أن العراق يشكل تهديدا لأمن العالم عن طريق إخفائه أسلحته غير التقليدية.
وعلى الرغم من أن الولايات المتحدة وبريطانيا سعتا للحصول على قرار ثان من الامم المتحدة ضد العراق ـ والذي فشلتا في الحصول عليه ـ لكن الرئيس الأميركي قال مرارا إنه لا يؤمن بحاجة إليه من أجل تبرير الغزو.
وهذه المذكرة التي دمغ عليها باعتبارها «سرية للغاية» تم توزيعها على عدد من مساعدي بلير الكبار ولم يتم نشرها علنا. وتم نشر بعض الأجزاء المهمة فيها في فبراير الماضي ضمن كتاب «عالم بلا قانون» كتبه بروفسور القانون الدولي والمحامي فيليب ساندز، ونشرت القناة الرابعة أجزاء من المذكرة.
ومنذ ذلك الوقت قامت صحيفة «نيويورك تايمز» بمراجعة المذكرة ذات الخمس صفحات بشكل كامل. وبينما كانت مشاعر الرئيس الأميركي معروفة حول غزو العراق آنذاك فإن المواد التي لم تكن منشورة في السابق قد قدمت وجهة نظر غير مصفاة لزعيمين على وشك الدخول في حرب مع ذلك كانا شديدي الثقة.
وأشارت المذكرة إلى أن الزعيمين الأميركي والبريطاني توقعا تحقق انتصار سريع وأن الانتقال إلى نظام عراقي جديد سيكون هو الآخر سريعا أيضا وخاليا من التعقيدات. وتوقع بوش أنه من غير المرجح «وقوع حرب داخلية بين الكيانات المختلفة دينيا واثنيا».
كذلك أظهرت المذكرة أن الرئيس الأميركي ورئيس الوزراء البريطاني اعترفا بعدم وجود أي أسلحة دمار شامل داخل العراق. وعند مواجهتما مع احتمال عدم العثور على أي من هذه الأسلحة قبل التخطيط للغزو، تحدث الرئيس بوش عن عدة طرق لإحداث مواجهة بما فيها اقتراح بتلوين طائرة تجسس أميركية بعلم الأمم المتحدة على أمل أن يتم إطلاق النار عليها أو اغتيال صدام حسين.
وتم نشر هذه الاقتراحات أولا في الشهر الماضي ضمن الصحافة البريطانية لكن المذكرة لم تشر بشكل واضح فيما إذا كانت تلك الاقتراحات تعكس اقتراحات بوش المرتجلة أو هي عناصر من خطة حكومية موضوعة مسبقا.
|