الشرق الأوسط - المواقع الإباحية وأثرها على اضطراب العلاقة الجنسية بين الزوجين كشفت دراسة بريطانية حديثة، أن ثلث المجتمع الإنجليزي يستخدم المواقع الإباحية على الإنترنت، مما ينعكس سلبا على العلاقة الجنسية الزوجية، وتؤدي إلى حدوث جرائم عنف واستخدام المخدرات، كما وجدت دراسة بريطانية أخرى، ارتفاع معدلات الوفيات عند الرجال في سن 20 ـ 40 عاما نظرا لإدمانهم على تلك المواقع.
ويأتي الكشف عن هذه الدراسات وغيرها مع تسليط الضوء على سمات العلاقة الجنسية الطبيعية والمضطربة، اليوم في جدة، حيث تنطلق فعاليات المؤتمر السادس للطب النفسي، الذي يقيمه مستشفى باقدو والدكتور عرفان العام بجدة، بالتعاون مع الجمعية السعودية للطب النفسي، والذي يحمل عنوان «العلاقات الزوجية رؤية علمية اجتماعية».
وذكر لـ «الشرق الأوسط» الدكتور محمد عرفان، استشاري الطب النفسي ومدير عام المستشفى ورئيس المؤتمر، أن هذا النشاط العلمي السنوي البارز يُعقد على مدى يومين، مفيدا أن تنوع مواضيعه يعد مرآة تعكس أحدث مشاكل الطب النفسي على مستوى العالم وطرق علاجها وتدريب الكوادر المحلية لتطبيق احدث النظم من خلال تقاليد ومُثُل عالمنا العربي وقيمنا الإسلامية.
وأضاف، بأن الدورة السادسة تأتي استكمالا لمنظومة التعليم المهني المستمر في مجال الطب والصحة النفسية، «لقد تطرقنا في الأعوام الماضية لمواضيع شتى شملت أمراض القلق النفسي: الاكتئاب وكيفية تشخيصه وعلاجه مبكراً، أحدث الأساليب العلمية في فهم وعلاج الأمراض الذهانية. بالإضافة إلى الطب النفسي التواصلي وإدخال هذا الفكر الحديث في ربط الأمراض العضوية والأمراض النفسية في منظومة متكاملة لتقليل معاناة المريض النفسية في معظم الأمراض العضوية».
وعن اختيار موضوع الدورة السادسة أوضح الدكتور عرفان، أن ذلك لم يأت من فراغ، بل هو موضوعٌ فرض نفسه نظرا للتغيرات السريعة والمتلاحقة في نظم العولمة والسماء المفتوحة للفضائيات، مما أدى إلى ظهور تأثيراتها السلبية على تلك العلاقة المقدسة بين الرجل والمرأة والتي أشير إليها في كثير من الآيات القرآنية الكريمة والأحاديث النبوية الشريفة.
وأضاف أنه آن الأوان أن تأخذ مؤسسة علمية طبية دور المبادرة لفتح الحوار في هذا الموضوع الشائك من خلال رؤية علمية اجتماعية أخلاقية دينية درءا لخطر عُضال يواجه المنطقة العربية ويُخلخل الكثير من مجرد ذكره أو التحدث فيه، وما يتبع ذلك من مضاعفات نحن في غنى عنها.
وتابع «لقد وضعت اللجنة العلمية للمؤتمر في نصب أعينها نقل الوضع الحقيقي والعلمي لتلك المشاكل والاضطرابات حسب تشخيص الأمراض النفسية الصادرة عن منظمة الصحة العالمية دامجةً الخبرات المحلية والعربية بالمؤثرات الغربية تحسبا لتأثير وانتشار تلك المشاكل في مجتمعاتنا».
وعن المؤتمر قال لـ «الشرق الأوسط» الدكتور محمد عبد الموجود أستاذ واستشاري الطب النفسي بجامعة لندن وعين شمس ورئيس اللجنة العلمية للمؤتمر: المؤتمر يضم ثلاث جلسات علمية بالإضافة إلى ورشة عمل، ومن المتوقع أن تزداد نسبة الحضور من المتخصصين في هذا المجال عن مائتي خبير من داخل المملكة ومن الدول العربية بالإضافة إلى خبراء متخصصين من جامعة لندن. من جانبه سيتطرق الدكتور يحيى الرخاوي أستاذ الطب النفسي، في بحثه إلى أهمية التعرف على سمات العلاقة الجنسية الطبيعية (بين الزوجين) الرجل والمرأة، وسوف يطرح منظومة تلك العلاقة الخاصة في الصحة والمرض عملا بالحديث النبوي الشريف (لا حياء في الدين).
وتعقب ذلك دراسة متكاملة من الدكتور محمد عبد الموجود عضو اللجنة العالمية لتشخيص الأمراض النفسية، حيث يعرض المحاور الأربعة الرئيسية والتي يظهر فيها اضطراب تلك العلاقات، وهي: ـ المحور الأول: ويُعنى بمشاكل العلاقة الزوجية بين الرجل والمرأة والتي تظهر من خلال سبعة أعراض أساسية هي: ضعف أو عدم الرغبة الجنسية. الخوف من بدء العلاقة وعدم الاستمتاع بها. عدم القدرة على استجابة أحد الطرفين أثناء العلاقة الزوجية. عدم القدرة على وصول أحد الطرفين إلى النشوة. سرعة القذف لدى الرجل مما يؤثر على قدرة المرأة وتداعياتها. التوتر الشديد لدى المرأة والذي يمنع عملية الانتصاب. الألم المبرح لدى المرأة أثناء الجماع أو الزيادة الشديدة في الرغبة الجنسية. وهنا يؤكد الدكتور محمد عبد الموجود أنه بالرغم من الانتشار الكبير لتلك المشاكل والسهولة في توفر طرق العلاج النفسي السلوكي دون الحاجة لاستخدام العقاقير الطبية، فإن نسبة نجاحها تصل في بعض الحالات، مثل سرعة القذف إلى مائة في المائة. متسائلا: لماذا يخجل الكثيرون من عرض مشاكلهم وبالتالي تستمر معاناتهم، علما بأن بقية الحالات لا تقل نسبة النجاح فيها عن خمسين في المائة.
ـ المحور الثاني: أمراض تتبع ما يوصف بالتخبط وعـدم الوضوح لدى الفرد في نوعية الجنس الذي ينتمي إليه، ويندرج تحت ذلك ثلاثة أعراض أشهرها ما يشعر به المريض من أنه وُلِد في جسد جنس آخر، فعقل المرأة يفكر في كونها رجلا، وعقل الرجل يفكر بأسلوب المرأة، بالرغم من الاقتناع الكامل بأن الأعضاء التناسلية تنتمي للجنس الذي لا يشعر عقله به، ويعتمد هذا المريض على التغير الجراحي بالرغم من مخالفة ذلك لتقاليدنا وشرعنا وما يتبعه من مشاكل اجتماعية.
وهناك نوع آخر أقل خطورة يميل فيه الفرد للراحة والاستمتاع بالعلاقة الجنسية أثناء ارتدائه لملابس الجنس الآخر وفي كثير من الأحيان يتم ذلك في سرية في مجتمعاتنا برغم قبول ذلك في المجتمعات الغربية.
ـ المحور الثالث: ويحتوي مجموعة من الأمراض متفاوتة الخطورة على المجتمع والتي كنا نطلق عليها في العقد الماضي «أمراض الشذوذ الجنسي» وقد تم تغيير هذا الاسم في الغرب إلى «التفضيل الجنسي» بمعنى آخر اعطاء حرية الاختيار للفرد لمن يرغب أن يعاشره أو بالطريقة التي تساعده على إشباع رغبته الجنسية.
وأفاد الدكتور عبد الجواد «من المؤسف أن يندرج تحت هذا التشخيص معاشرة الجنس لنفس النوع والذي لا يتفق مع جميع الأديان السماوية، معاشرة الأطفال والذي يجرم بالسجن مدى الحياة حتى في المجتمعات الغربية، بالإضافة إلى أمراض أخرى، حيث لا يحدث الاستمتاع إلا من خلال إيذاء الآخرين أو إيذاء النفس».
ـ المحور الرابع: يتطرق للأمراض النفسية والسلوكية التي تنتج لعدم وضوح أسلوب التربية لدى الطفل في مرحلة مبكرة من العمر.
وبحسب الدكتور عبد الجواد يتضح أن المشكلة كبيرة ومعترف بها عالميا وتزداد اضطراباتها مع وضع وتقلبات كثير من المجتمعات الغربية حيث اعتلى ما نصفُهُ «بالشذوذ الجنسي» مناصب دولية وسياسية عليا كنوع من المساواة والحرية. وأضاف، إن محاولات إهمال هذا الوباء واعتباره كأن لم يكن هو الطامة الكبرى في ظل العولمة والفضاء المفتوح.
الدكتورة أماندا روبرتس، كبير محاضري الطب النفسي في جامعة لندن وعضو الكلية الملكية للأطباء النفسيين في بريطانيا، تشارك في هذا المؤتمر بعدة دراسات عن تبعات اضطرابات العلاقة الجنسية الزوجية.
وتتعرض في هذا المؤتمر إلى تأثير هذه الدرجة من الإباحية على المجتمع الإنجليزي، حيث ثبت أن أكثر من ثلث المجتمع الإنجليزي يستخدم تلك المواقع الإباحية على الإنترنت، وحسب دراسة (فوم 2003) فإن هناك زيادة مضطردة في نسبة حدوث جرائم العنف واستخدام المخدرات، للأسباب المذكورة. وفي دراسة (هوايت 2001) وُجد أن نسبة عالية من الرجال في سن 20 ـ 40 عاما تزداد معدلات الوفيات لديهم نظرا لاستخدامهم تلك المواقع (مركز الإحصاء الوطني ببريطانيا عام 2003). وفي الدراسة التي تقدمها الدكتورة أماندا روبرتس، والتي أجرتها على شريحة من الرجال من الفئة العمرية بين 18 ـ 34 عاما، تشير النتائج الأولية لتلك الدراسة إلى أضرار مماثلة، سواء بصحة الرجل أو تعرض المرأة للعنف أو لشل الحياة الزوجية.
أما البروفيسور كام ديب بوي، أستاذ الطب النفسي بجامعة لندن، رئيس قسم الطب بمستشفى لندن الملكي، عضو الجمعية الملكية البريطانية، فيشارك في هذا المؤتمر بتقديم منظومة متكاملة لكيفية تدريب الكوادر الصحية للتعرف على هذه المشاكل وتقديم العلاج النفسي والسلوكي لهذه الشريحة من المرضى من خلال منظور اجتماعي ديني أخلاقي يتناسب مع ظروف كل مجتمع
|