المؤتمرنت/ نبيل عبدالرب - هواش: مواقف المشترك الأخيرة تصب في مصلحة الأحزاب المؤمنة بالتدخل الخارجي من الصعب فهم السياسات المحلية لحزب البعث القومي بمعزل عن مبادئه القومية التي تداخل بين الهم الوطني والقومي حد التماهي، وفي هذا الإطار يأتي تفسير المواقف الأخيرة للبعث من أحزاب المشترك الأخرى: الإصلاح، والاشتراكي، والوحدوي الناصري، والحق، والقوى الشعبية، بعد إطلاق مبادرتها للإصلاحات السياسية والوطنية في ديسمبر الفائت والتي اعتبرها أجندة خارجية أكثر مما هي وطنية؛ إضافة لكونها نقلت عملياً التنسيق المحدود للأحزاب المنضوية في المشترك إلى حالة من التكتل الاستراتيجي، تنافي فكرياً توجهات الأحزاب، ما يعني بنظر البعثيين تنازلات مبدئية تصب في مصلحة دعاة الاستقواء بالخارج.
وفي حواره مع (المؤتمرنت) فضل نائب أمين سر القطر لحزب البعث القومي عبدالواحد هواش مجلس التنسيق الأعلى للمعارضة السابق لدخول حزب الإصلاح وتشكيل اللقاء المشترك، واعتبر مبادرة المؤتمر الشعبي المترجمة في برنامجه السياسي للمؤتمر العام السابع أقرب للناس والواقع من مبادرة المشترك.
وفيما يخص المقاومة العراقية يؤكد هواش أن فرع البعث في العراق يمثل العمود الفقري لها.. إلى الحوار:
•يلاحظ في الفترة الأخيرة تصعيدكم ضد بقية أحزاب المشترك.. هل نفهم من ذلك أنكم تنوون الانسحاب من المشترك؟
-نحن من الأحزاب المؤسسة للمشترك، ونعتبر أنفسنا ركناً أساسياً من أركانه، ولذلك نحن لم ولن ننسحب، وما حدث أننا علقنا بعض أنشطتنا مع المشترك في الآونة الأخيرة، عندما رفضوا دعوتنا للاجتماعات بحجة أننا لم نوقع على مشروع الإصلاحات السياسي والوطني الشامل، واعتبرنا موقفهم هذا مغايراً للائحة التنظيمية للمشترك، التي تقول بأنه لكل حزب حقه في اتخاذ مواقف خاصة، ولكل حزب الحق في اللقاء مع أي طرف من الأطراف السياسية على أساس عدم التحدث باسم المشترك، إذا لم تكن أحزابه مجمعة على موقف ما، ونحن ملتزمون بهذه اللائحة.
• أحد القياديين في المشترك قال إنكم رفضتم التوقيع على لائحة جديدة تنظم عملكم؟
- وافقنا على معظمها، لكن كانت لدينا ملاحظات أساسية، بالذات فيما يتعلق بمسألة التصويت بالأغلبية، لأن اللقاء ليس حزباً، بل تجمعاً سياسياً، والتصويت بالأغلبية يعني أن المشترك لم يعد تجمعاً سياسياً لأحزاب، بقدر ما يكون مؤسسة أو تحالف أرقى من التنسيق، وشرطنا أن يكون هناك توافق في القضايا الإستراتيجية والمبدأية، على اعتبار أن هذه الأحزاب لا تستند على قاعدة واحدة في فكرها، فهي ليس فقط مختلفة، بل ومتعارضة في الكثير من القضايا، وكان الغرض من تشكيل اللقاء المشترك التنسيق في مسائل محددة نتوافق عليها لكن القضايا التي نختلف حولها، فلكل حزب موقفه الخاص.
• ما حقيقة الخلاف بينكم وبين اللقاء المشترك؟ وما موقع الخارج ،ومبادرة الإصلاحات منه؟
- الخلاف الأساسي كان حول المبادرة.
• لماذا؟
- لأنه كانت لنا ملاحظات كثيرة على ما ورد فيها، كما كان للناصري على المشروع المطروح في البداية ودونّا هذه الملاحظات، وسلمناها مكتوبة للقاء المشترك، لتتم مراعاتها ومناقشتها، وما حصل أنني كنت في الخارج للعلاج، وكذلك د. قاسم سلام، وفوجئنا باستعجال غير طبيعي في إخراجها بسبب رغبتهم في أن تسبق المؤتمر السابع للمؤتمر الشعبي كما يبدو لي، فخرجت بشكل مخالف تماماً لما كنا نريده، ولم يأخذوا بملاحظاتنا.. طلبنا نسخاً منها ونحن في الخارج، وناقشناها، ودعينا القيادة هنا لمناقشتها، والتي أصرت على ضرورة التمسك بآراء الحزب في أن المشروع شطح شطحات بعيدة جداً عما كنا نود منه، واعتبرناه مشروع صراع أكثر منه مشروع وفاق، فأنت عندما تطرح مشروعاً ينبغي أن يقبله الآخر ليكون قاعدة للحوار، لكن حينما تطرح مشروعاً يلغي المقابل فإنك تقطع عليه الطريق ليكون إيجابياً معك في الحوار حول المشروع.. وأيضاً على سبيل المثال أحزاب اللقاء المشترك الأخرى يتواصلون مع الولايات المتحدة وبريطانيا والمؤسسات التابعة لهما في اليمن، وهو ما نرفضه في البعث رفضاً قاطعاً، واعتبرنا الأمر طبيعياً، شريطة أن يلتقوا بهم بأسماء أحزابهم، لا باسم اللقاء المشترك، وأشعرناهم بأننا لا يمكن بأي حال من الأحوال الالتقاء مع هذه الجهات والمعاهد والمؤسسات التي نراها أذرع للمخابرات الأمريكية؛ إضافة لأن التعامل معها من وجهة نظرنا فيه انتقاص لمكانتنا كأحزاب، وكنا نعتبر هذا جزء من خلافات طبيعية داخل تجمع تنسيقي، مثله مثل ما حدث عام 1999م، حينما رشح الإصلاح الرئيس علي عبدالله صالح في الانتخابات الرئاسية خلافاً لموقف اللقاء المشترك الذي كان لديه مرشحه، ولم نقل إن ذلك خرقاً، وإن الإصلاح يجب أن يطرد.
• قلتم في تصريحات سابقة إن هناك معلومات أكيدة عن مؤامرة أمريكية لإخراج البعث من المشترك.. أرجو المزيد من التوضيح؟
- سؤلنا من (المؤتمرنت) عن إيراد صحيفة ألمانية لمعلومات تقول بوجود ضغوط أمريكية على المشترك لإخراج البعث، وأجبت بأننا سمعنا هذا الكلام منذ أكثر من شهرين، لكن ليست لدينا معلومات أكيدة، ووصلتنا أخبار بأن السفارة الأمريكية تعد البعث حجر عثرة في علاقتها مع المشترك.
• هل تشعرون من خلال لقاءاتكم مع بقية أحزاب المشترك أن هناك ما يوحي بتأكيد هذه المعلومات؟
- توجد خلافات كبيرة جداً بيننا وبين بعض الأحزاب المنضوية في المشترك، خاصة على المستوى القومي، وكانت تظهر في الصحف وندخلها في المجال الطبيعي للخلافات، مثلاً كان هناك أناس يؤيدون حركة السلم والتصالح مع إسرائيل، وأناس مع الحلول السلمية ونحن ضدها، وآخرون مع إيران في كل مواقفها.
• أيهما أكثر انسجاماً.. التنسيق الأعلى للمعارضة أم اللقاء المشترك؟
- كان الانسجام أكبر في مجلس التنسيق الأعلى للمعارضة، وكانت لدينا لائحة تثبت الكثير من الأمور، واتخذنا مواقف متقدمة أكثر من اللقاء المشترك، وكانت أفضل، وقد خسرنا كثيراً بخروج التجمع الوحدوي لعدم موافقته على تشكيل اللقاء المشترك، فقد كان المرحوم عمر الجاوي يرى أن من مصلحة مجلس التنسيق أن يحاور الإصلاح ككتلة، لكن الأمور سارت بوجهة أخرى؛ حيث كان المرحوم جار الله عمر يرى أن دخول الإصلاح يعطي المشترك بعداً أوسع.
• ألا توافقني الرأي أن حزب الإصلاح استحوذ على الكثير من مواقف اللقاء المشترك؟
- بعد مشروع مبادرة الإصلاحات من الممكن القول إن له باعاً طويلاً فيه، لكن من السابق لم يكن هذا موجوداً، ولكل حزب موقفه، وكثير من البيانات كانت تصدر بأسماء الأحزاب الموقعة عليها، والحالة الجديدة التي حصلت بعد المبادرة تؤشر حصول تنازلات مبدأية وليست تكتيكية من بعض الأحزاب، عما تؤمن به لصالح التشكيل الجديد الذي يشبه التكتل الاستراتيجي، أكثر من كونه تنسيقاً، وهذا ما لا نستطيع استيعابه لعدم استعدادنا للتنازل عن مواقفنا المبدأية والإستراتيجية، إلى جانب أن التنازلات أفادت جهة معينة تؤمن بالتدخل الخارجي، ومشروع الشرق الأوسط، والنظام الدولي الجديد، ولو عدنا لمشروع المبادرة لوجدنا بوضوح أن مقدمتها بالذات صورة طبق الأصل للمشروع الأمريكي للإصلاح في الوطن العربي؛ إضافة لأنها لم تعط أي اهتمام للجانب القومي.
• البعض قد يفسر مواقفكم الأخيرة بأنها مغازلة للسلطة؟
- الناس يعرفون موقف حزب البعث من قبل، وكنا نقول بالحرف: لا يمكن أن نقبل بالاستقواء بالخارج مهما كانت النتائج، فقناعتنا أن حذاء النظام الدكتاتوري الوطني أفضل من جنة ونعيم التدخل الأجنبي في البلد، لذلك نحن نرفض أي إشارة للتدخل للخارج، ونحن لسنا مع النظام الحاكم قلباً وقالباً، ولسنا ضد النظام، فعندما توجد أشياء سلبية ننتقدها، وفي حال وجود أشياء إيجابية نؤيدها.. ومرحلياً بعد مبادرة اللقاء المشترك أصبحنا أقرب للمؤتمر الشعبي العام من أحزاب المشترك، لأن مشروعه أفضل وأقرب للناس من مشروع المشترك.
• البعث أعرق الأحزاب اليمنية لكن فعله في الشارع أصبح ضعيفاً.. لماذا؟
- يجب أن يعرف الناس أن الثقافة الوطنية والقومية في الساحة اليمنية هي ثقافة حزب البعث.. صحيح أنه حصلت تصدعات في الحزب، وخرجت الكثير من عناصره، لكنه لا زال في نفوس وعقول اليمنيين، إن لم يكن تنظيماً ففكراً، والفعل في الشارع لا يقاس بالحجم، وإنما بالإمكانيات، ولا يوجد حزب كبير أو صغير إلا بمقدار ما يملكه من إمكانيات لتحريك الناس، خصوصاً في المجتمعات الفقيرة، فلو نظرت لحزب الإصلاح وهو في السلطة لوجدت أنه غيره الآن بالنسبة للقوة والفعالية، وكذا الاشتراكي.. رفيق الحريري الذي عاد للبنان قبل سنوات أصبح بين يوم وليلة يقود الحزب الأساسي ذا الأغلبية في لبنان -رغم وجود أحزاب لها مئات السنين- ليس بفكره، ولكن بإمكانياته.
• ننتقل لمحور آخر.. أين البعث في العراق من المقاومة، خصوصاً وإن الحركات الدينية المقاومة هناك تصدرت الواجهات الإعلامية؟
- أؤكد أن البعث في العراق هو العمود الفقري للمقاومة المسلحة، مع وجود التيارات الأخرى التي تتغذى من حزب البعث، فهو الممول الأساسي لكل فصائل المقاومة العراقية، تسليحاً وتدريباً.
• بما فيها تنظيم الزرقاوي؟
- لا.. ولكن البعث هو من وزع السلاح على العراقيين، ودخلت فيما بعد أسلحة من قبل إيران التي زجت بقرابة مليونين من الحرس الثوري.. لكن كل الفصائل المقاومة للأمريكان يقودها الحزب.
|