الناطق الرسمي باسم المؤتمر الشعبي العام- اليمن
التاريخ: الأحد, 24-نوفمبر-2024 الساعة: 12:57 ص
ابحث ابحث عن:
قضايا وآراء

( قراءة تحليلية لأبعاد الحدث)

الإثنين, 25-أغسطس-2003
المؤتمر نت: ياسر البابلي -
تهريب الإرهاب بحقائب النساء
ربما كان الأمر حتى بضع أسابيع خلت ضربا من الترويج الدعائي المغرض.. فكيف للمرء أن يصدق أن على أرض الحكمة والإيمان من يطوع فكره وجهده وماله بحثا عن آليات غير مطروقة لترويج العنف وتسويق الإرهاب إلى كل محفل آمن, أو رواق ينعم بالسلام.. فمن الصعب لأحدنا أن يتخيل أن تثمر تلك الجهود باكتشاف مذهل يجعل من الإرهاب صيغة خفية تخترق كل الاحتياطات الأمنية لتنسل إلى أعماق التجمعات الجماهيرية الآمنة فتحيل سكونها صخبا مدويا يقلب الحال رأس عقب, ويطبع مخالبه في الوجوه لتكون شاهدا على جرمه.. ثم يبرح المكان بسلام، ولاشيء يمنع عن الجاني الجزاء غير إنه كان .. أنثى.
لكن ما كان يصعب تصديقه بالأمس بات اليوم واقعا، وتفاصيله معروفة وجزء من الحقيقة التي ينبغي على أبناء شعبنا أن يحفظوا لحزب التجمع اليمني للإصلاح حقوق السبق إليها.. وأن يمتنوا لرموزه السياسية على تلك الرسالة الجهادية التي أبلغوا الناس بمعانيها ودلالاتها الأخلاقية من خلال عضواتهم اللواتي فجرن الموقف في انتخابات الاتحاد العام لنساء اليمن قبل أسبوعين, إثر محاولتهن للسطو المسلح على صندوق الاقتراع، ثم الشروع بارتكاب عملا جنائيا ضد الأخ ( عمر الكحلاني) مندوب وزارة الشئون الاجتماعية والعمل والذي تعرض للضرب المبرح ومحاولة للقتل طعنا بالسكين استطاع أن ينقذ نسفه منها بأعجوبة،وبلطف أرحم الراحمين الذي سهل وصول رجال الأمن في اللحظة المناسبة لينتشلوه من بين مخالب ( المجاهدات) ويخرجوه من إحدى النوافذ، ويفرقوا من كان يحيط به بفتح خراطيم المياه عليهن.
ومع أن الإصلاحيين ما عادوا يحرمون على المرأة الخروج من غير محرم، أو مزاولة العمل السياسي والجماهيري، أو التعليم، أو حتى توزيع أشرطة ( إلعب على غيري) أمام بوابات مدارس البنات وفي بعضها أيضا.. إلا أن البعض وقف مذهولا ومرعوبا أن يبيح الحزب للإصلاحيات حمل السكاكين والمطاوي في حقائبهن اليدوية وارتياد المحافل الجماهيرية بمعيتها، أو أن يباح للمرأة رفع الصوت وإثارة الشغب والصدام المباشر مع الرجال الأغراب ( الاشتباك تلامسا)..! لكن الأمر – بالنسبة لي- بدا مختلفا بأبعاده عما يمكن حصره به من مفاهيم دينية أو سلوكية وما سواها من جدل محدود تردده بعض وسائل الإعلام المحلية للتمويه على الأبعاد الحقيقية لطبيعة ما حدث في انتخابات اتحاد نساء اليمن- سواء عن قصد أو غير قصد.. وهو الأمر الذي يمكن الوقوف على تجلياته من خلال الآتي.
أولا: أن حزب التجمع اليمني للإصلاح يرتكز في مشروعه السياسي على آليتين رئيسيتين، أولهما الدين باعتباره لغة خطابية قوية جدا وذات قدرة خارقة في فرض الحجة على الغير- خاصة في ظل ما هو كائن من ثقافة دينية عامة ذات مستوى متواضع عند الغالبية، وتزداد تدنيا كلما ابتعدنا باتجاه الأرياف والمناطق التي ينخفض فيها مستوى التعليم.. وعلى امتداد التجربة السياسية للإصلاح نجد أن عامل الدين كان المصدر الرئيسي في تكوين القاعدة الجماهيرية الشعبية للحزب، والأرضية التي تنبت عليها المواقف التعبوية المعاكسة للسياسة الحكومية من خلال ما يمكن تمريره من ادعاءات تحت الشعار الديني الوقور.. ولعل ذلك يفسر أسباب تدني الرصيد الجماهيري للإصلاح كلما ارتفعت نسب الوعي والتعليم في المجتمع.
أما الآلية الثانية فهي دوائر النشاط السياسي الحركي، والتي هي بمثابة الكيان التنظيمي المبرمج على محددات حزبية سياسية بحتة لا تمت بأي صلة للآلية الأولى, و لا تسمح بأي فرصة للربط بين الاثنين.
وعليه فإن قيادات الإصلاح تسخر إمكانيات مادية هائلة لتطوير النخب المدرجة في لائحة الآلية الثانية ودعمها في مجالات شتى مثل الزواج أو إكمال التعليم الجامعي، أو إقامة مشاريع مصغرة أو تبوء مركز وظيفي، وغيرها من الأمور التي يتطلع إليها الشباب.. ولاشك أن مثل تلك الدعومات مر هونة بالتقارير التقويمية التي تقدر مدى نشاط الشخص وقدرته على التجارب مع مفردات العمل السياسي للحزب.
وبالتالي فإن هذه الكوادر ستتوسم بطابع سياسي صرف بمعزل عن التزامات المؤسسة الدينية التي ستصبح مهمتها تهيئة المناخات، وتلميع الرموز الحركية وحجب الرؤى عن حقيقة ما يدور في الكواليس.. إذن يكون ما حدث في انتخابات اتحاد النساء بمثابة مهمة حزبية تماما ألقيت على عاتق بعض العناصر الحركية ( أرباب المنافع والدعومات) لقلب طاولة الديمقراطية على صناعها وأشاعه الفوضى والإرباك في مؤسسات المجتمع المدني.. وانتزاع التوازن السياسي من ساحة العمل الوطني
ثاينا- يبدو واضحا أن حزب التجمع اليمني للإصلاح بات يعد العدة بجدية لنسف المشروع الديمقراطي اليمني، كونه يجد نفسه في حالة تراجع سلبي وانحسار متواصل في النفوذ لن تكون الديمقراطية في ظله الأداة الأمثل لإبقائه قويا والحيلولة دون بلوغه حدود التهميش في ساحة العمل الوطني.
ومن جهة أخرى، فإن حزب الإصلاح يرى أن ضرب مؤسسات العمل الديمقراطي وتعطيل ممارساتها قد يهيأ له أولا، ولشركائه في الحلف ثانيا ممن لهم خبرات سابقة في التمرد ويؤمنون بخيار القوة في بلوغ الحكم- قد يهيأ لهم جميعا فرصة زعزعة الصفة الشرعية لمؤسسة الحكم وجر البلاد إلى وضع طارئ ومضطرب يكفل لهم إملاء رغباتهم ونوازعهم الحزبية وابتزاز السلطة بشكل أو بآخر.. وهو الأمر الذي أخذت تتجلى مظاهرة بوضوح شديد منذ مده غير قصيرة والذي ربما يفجر موقفه مع موعد انتخابات المجالس المحلية كونه لن يكون بمقدوره التخلص من عقدة الفشل وآثارها النفسية التي باتت تطارد رموزه في كل المواقف والمنابر الإعلامية.. والتي ربما تضاعف من قلق قيادة الإصلاح من عواقب الانهزام أمام المؤتمر ثانية على مستوى المجالس المحلية.
ثالثا- إن توجيه الإصلاح لقواعده النسوية لتأدية بعض الأدوار التخريبية والإرهابية لا يأتي من فراغ، وإنما ينطلق من استراتيجيات حركية انتقل إلى محاورها الإصلاح بعد الانتخابات النيابية الأولى عام 1993م, حين أخذ ساسته يبحثون ويتدارسون بجدية وبخبرات متميزة لبعض كوادرهم، سبل تطوير الأداء الانتخابي وبلوغ آليات جديدة تمكن الحزب من الحصول على أغلبية مريحة تؤهله للإمساك بزمام السلطة والتشكيلة الوزارية للحكومة بغير شراكة المؤتمر الشعبي العام- وربما كان الأمر الذي يعزز ثقة القيادات الإصلاحية بقدراتها على كسب الجولة هو ما كن يتردد من أخبار بشأن نجاح تجربة ( حزب الإنقاذ الجزائري)- الذي يمثل التيار الديني- بالحصول على الأغلبية والتفوق على الحزب الحاكم.
ومن هنا وجدت قيادة الإصلاح أن هناك إمكانية لتحويل العناصر النسوية إلى مشروع استثماري رابح خلال الدورة الانتخابية الثانية إذا ما أحسن الحزب التعامل مع هذا الخيار والاستفادة من مسألة ضعف الوعي التعليمي والثقافي لفئة النساء على العموم وسهولة توجيه الحالة والتأثير في وضعها النفسي والعاطفي من خلال بعض الإصلاحيات الحركيات اللواتي يتمتعن بدعم مادي كبير جدا من الحزب ومعبئات بأفكاره وأساليبه على نحو متميز.. وعليه كان التجمع اليمني للإصلاح الأسبق من البقية إلى الدفع بالمرأة أثناء القيد والتسجيل، وكان أيضا الأكثر مهارة من الجميع في الدفع بالفتيات الصغيرات اللواتي لا يشملهن قانون حق الانتخاب مما كون له ذلك رصيدا جيدا عوضه إلى حد ما التراجع الحاصل في أصوات فئة الذكور.
لعل قيادة الإصلاح وجدت في الثقل الذي أضافه العنصر النسوي إلى رصيدها في صناديق الاقتراع ما يشجعها للمضي بنفس المنهج، بل وبتطويره- خاصة مع الخصائص الأخرى التي كانت الأكثر قدرة من سواها على إسالة لعاب الإصلاحيين في مسألة التركيز على المرأة مثل الحشمة والحصانة الاجتماعية التي تحض بها المرأة وتدرأ عنها المساءلة القانونية أو الشبهات،أو التدقيق في شخصيتها. فضلا عن تفشي الأمية في أوساطهن وسهولة إيقاعهن بالخديعة من قبل عضوات الإصلاح المراقبات في اللجان الانتخابية بجانب صعوبة التمييز في مستويات البلوغ والتي ربما ساعد الزي الشعبي المتعارف عليه في بلادنا على إخفاء التزوير والتمويه على ملامح التنكر والادعاء.
رابعاً: لقد أكدت قيادة التجمع اليمني للإصلاح استراتيجياتها السياسية في التحول نحو آليات العمل النسوي الاستثماري في الاتجاه الحزبي فقط في العديد من المناسبات التي كان يتوارى فيها العنصر الرجالي في الساحة الشعبية مطلقين العنان للمرأة لتتحمل مسئوليات الدعاية ونشر الإشاعة والترويج الإعلامي وغيرها مما يتطلب من حركة في الوسط الجماهيري على غرار ما حدث بالضبط في أمانة العاصمة قبيل الانتخابات النيابية الثالثة 27 أبريل 2003م حين لم يعرف للإصلاح فيها أي نشاط إعلامي ذا أثر بحجم ما كان عليه من دور لعبته المرأة (الإصلاحية) التي صارت توزع صور المرشحين على البيوت وتعقد لقاءات مع ربات البيوت داخل منازلهن ومن ثم امتد النشاط إلى المؤسسات الحكومية لنجد أن هناك مدارساً للبنات شهدت ساحاتها نشاطا محموما للتوريج الدعائي الإصلاحي خصوصاً تلك التي كانت في السابق معاهداً علمية.. وتكرر الأمر ذاته في العديد من الدوائر الحكومية دون أن يجد ما يردعه من قبل الجهات الرسمية أو الحزبية.
وبالمقابل لم يكن ذلك التحول نحو النساء تحولاً متوازناً يشمل تلبية حاجات المرأة الاجتماعية والثقافية وغيرها.. بل اقتصر الأمر على الاستثمار الصرف للجهد النسوي لصالح الحزب وحسب، بحيث أن ليس بمقدور أحد أن يقف اليوم أمام صحيفة للمرأة مثلاً يتبناها الإصلاح أو مركز تثقيفي أو اقتصادي لدعم وضع الأسرة أو أي وضع آخر يجعل من تركيز الإصلاح على زج المرأة بالعمل الحزبي أمراً مقبولاً ضمن سلسلة توجهات أخرى.. وبطبيعة الحال أن ذلك يتوافق مع ما عهدته الساحة اليمنية من نظرة متدنية للمرأة يحاول التجمع اليمني للإصلاح ترسيخها على أرض الواقع منذ عدة عقود خلت. ربما كان أكبر إنجاز وأحدث مكسب وطني قدمه الإصلاح للمرأة هو تيسير فرص إشباع الغريزة الجنسية من خلال ما أسموه (زواج فريند).
خامساً: من المرحج أن تكون سياسة الإصلاح المقبلة أكثر انتقالاً نحو آليات عنف المرأة أو ما يمكن أن نسميه الإرهاب المحمول بحقائب النساء.. وهذا الرأي مدعم بممارسات عملية شهدتها الساحة الانتخابية أولاً من خلال العنف الذي ما رسته الاصلاحيات ضد غيرهن في المراكز الانتخابية والذي كان من أبرز آثاره مقتل مندوبة المؤتمر الشعبي العام في تعز على يد إحدى الإصلاحيات.. وثانياً كان من أحدث ممارساته الفعل الجنائي المشين الذي ارتكبته الإصلاحيات في انتخابات اتحاد نساء اليمن في أمانة العاصمة وأدى إلى إصابة ممثل وزارة الشئون الاجتماعية إضافة إلى ما حدث من فوضى نسوية في محافظات أخرى لنفس الانتخابات النسوية مما يؤكد أنها عملية منظمة ومدروسة بعناية في أروقة الدوائر السياسية للتجمع اليمني للإصلاح.
أما الأمر الآخر الذي يؤكد التحول الإصلاحي نحو الإرهاب النسوي هو أن هذا النمط هو البديل الوحيد والأمثل لإشباع نزوة التطرف والإرهاب عند الرموز الإصلاحية بعد الحملة العالمية لمكافحة الإرهاب وتجفيف مستنقعاته في مختلف بقاع العالم.. وبعد أن أصبح للأجهزة الأمنية الكثير من المعلومات والأدوات والخبرات حول مكافحة أنشطة الجماعات الإرهابية في بلادنا.. ولعل مثل هذه النقلة النوعية للعمل الإرهابي سيضع الأجهزة الأمنية أمام مهمة شاقة جداً مهما بذلت من جهود أو امتلكت من تجهيزات متطورة.. ففي بلد مثل بلدنا لا يستطيع المرء تخيل اعتقال امرأة بتهمة الإرهاب، أو حتى مساءلتها أو تعقب أثرها لأن من شأن ذلك أن يقيم الدنيا ولا يقعدها.. وبرأيي أن هذا هو جوهر ارتكاز مهمة الإصلاحيات في اليمن.
وأخيراً- وإن كان هناك الكثير مما يمكن قوله لولا المساحة المسموح لي الكتابة فيها- لا بد من توجيه تساؤل منطقي للأجهزة الحكومية وهو مادام الجميع يتحدث عن الجرم الذي ارتكبنه الإصلاحيات في انتخابات اتحاد نساء اليمن.. ومادام الجرم الجنائي ثابت وبمقدور كل الحاضرات والحاضرين الإدلاء بشهادة على الجرم وحتى التعريف بالشخصيات الإجرامية- كما أفاد به المجني عليه ونسمعه من كل من ألتقيناهم لماذا تعطل القانون في إدانة الجاني بالجرم المشهود مع سبق الإصرار والترصد؟ ولماذا بقي الشر طليقا خارج قضبان السجون؟
أليس هذا هو السبب الذي دفع الإصلاح لتهريب الإرهاب بحقائب النساء..!؟
ربما الشيء الوحيد الذي ننصح به في هذه المرحلة الخطيرة هو أن تعلم أجهزتنا الحكومية الأمنية وغيرها أن أجدادنا القدامى كانوا يقولون (أول السرقة بيضة).. ولا أضننا ببعيدين عن هذا المثل الشعبي الحكيم.. حيث وأن الشارع اليمني كله يعلم أن أول عنف للإصلاحيات بدأ في المراكز الانتخابية، وعندما تجاوزت الجهات الرسمية خروقاتهن وتماديهن في ممارسة العنف حملن نزعة الإرهاب في حقائبهن الصغيرة إلى كل محفل جماهيري في وطننا الحبيب.. فهناك الكثير جداً من الرجال الذين جلسوا في بيوتهم يقرأون القرآن ويتضرعون إلى الله بنصرة المجاهدات اللواتي يذدن عن حمى الإسلام بالسكاكين والمطاوي في خنادق اتحاد نساء اليمن.









أضف تعليقاً على هذا الخبر
ارسل هذا الخبر
تعليق
إرسل الخبر