أ. شـــوقـــي القـــاضـــي - مشروع تعديلات قانونية لتعزيز مشاركة النساء في المجالس المحلية استهــــلال :
تشير كثير من الدراسات التي تناولت موضوع التمكين السياسي للمرأة ، وإشكالية تمثيلها في المجالس النيابية والمحلية ، إلى أن جُلَّ القوانين والدساتير العربية تؤكد على حق المرأة في الانتخاب والترشيح وممارسة العمل السياسي ، دون أي تمييز عن الرجل.
إذن أين تكمن المشكلة ؟!
ولماذا لا نرى تواجداً للمرأة في مجال التأثير السياسي ، يتناسب مع نسبتها السكانية ( أكثر من 50 % )؟! ، بل لماذا هي مغيبة عن مواقع صنع القرار ، ومحدودة التواجد في عضوية المجالس النيابية والمحلية أو البلدية عنه في قياداتها ؟!
ولماذا لازالت المرأة تعاني من تمييز وتفرقة في مجتمعاتنا العربية عموماً ، وفي مجتمعنا اليمني بشكل خاص ؟!
إصلاح قانوني شامل لتعزيز المشاركة !
مع إن العوائق التي تقف في طريق المرأة وتمكينها السياسي ومشاركتها الفاعلة وتواجدها في مواقع صنع القرار السياسي والاقتصادي متعددة ومتداخلة اجتماعياً وثقافياً واقتصادياً وسياسياً ، إلا أن أي إصلاح قانوني وتمكين تشريعي ، يؤثر إيجاباً ، ولو على أمد بعيد ، في وجودها ومشاركتها وتعزيز دورها ، ومن هنا تأتي أهمية الدراسات التي تتناول العوائق القانونية ( كنصوص ) أمام وصول المرأة إلى المجالس النيابية والمحلية لتعزيز دورها ومكانتها المجتمعية كشريك أهم في التنمية.
مع ملاحظة أن أي إصلاح تشريعي للقوانين لابد من أن يتناول جميع القوانين بلا استثناء ، ذلك أن تعزيز دور المرأة لا يمكن أن يكون إلا إذا أعيد لها الاعتبار في اجتهادات البشر ، وتحققت لها المواطنة والمساواة في القوانين المدنية والجنائية والاقتصادية وغيرها.
ودراستنا هذه إحدى المحاولات التي نبحث فيها عن مكامن القصور القانونية في الدستور ( أبريل 2001 ) ، وقانون الانتخابات العامة ( رقم 13 لسنة 2001 ) ، وقانون السلطة المحلية ( رقم 4 لسنة 2000 ) والمعدل (بالقانون رقم 25 لسنة 2002) لتعزيز مشاركة النساء في المجالس المحلية على وجه الدقة.
أولاً : الدستــــور ( أبريل 2001 ):
يرى كثير من الباحثين أن النصوص الدستورية العامة في دستور الجمهورية اليمنية المتعلقة بممارسة الحقوق السياسية تضمن المساواة بين الرجل والمرأة دون تفرقة ذلك:
§ أن مصطلح ( المواطن ) و ( المواطنين ) يُقصد بها أينما وردت في الدستور الرجل والمرأة دون تمييز .
§ وأن مصطلح ( عضو ) الواردة في المادة ( 63 ) من الدستور بشأن تكوين مجلس النواب وعدد أعضائه ، يقصد به الرجل والمرأة دون تمييز .
§ وأن المادة ( 64 ) من الدستور بشأن شروط الناخب والمرشح لم تفرق بين الرجل والمرأة .
§ وأن المادة ( 107 ) من الدستور بشأن شروط الترشيح لمنصب رئيس الجمهورية لم تشترط الذكورة صراحة !!
مع أني أرى أن المادة قد اشترطتها ضمناً في كلمة ( كل يمني ) التي جاءت بديلاً لكلمة ( مواطن ) المتعارف عليها ، وكذلك في كلمة ( أن لا يكون متزوجاً من أجنبية وألا يتزوج أثناء مدة ولايته من أجنبية )!! وهاتين العبارتين يمكن تفسيرهما بما يتوافق مع التوجه المجتمعي العام الذي يقصي المرأة عن مثل هذه المواقع .
إلا أننا نرى أنه ولتعزيز دور المرأة ومشاركتها في المجالس النيابية والمحلية ، لابد من :
1) صياغات دستورية ترفع وعي المواطن وتلفت انتباهه لأهمية دور المرأة ناخبة ومرشحة ومشاركة ، كتأكيد لا بد منه في مجتمع يرى أن مشاركة المرأة في العمل السياسي هي الاستثناء.
ولنا في القرآن الكريم أسوة حسنة عندما يتناول القضايا والتكاليف العامة المتفق عليها لمخاطبة الرجال والنساء يستخدم عبارة ( الذين آمنوا ) و ( الناس ) ( واو الجماعة المذكر ) ، لكنه عندما يتناول قضايا خاصة وللتأكيد على حق المرأة فيها يحدد ذكر المرأة إلى جانب العبارات الشائع استخدامها للمجتمع كله بما فيه المرأة مثل :
ــ قوله تعالى : " والمؤمنونَ والمؤمناتُ بعضُهم أولياءُ بعضٍ يأمرونَ بالمعروفِ وينهونَ عن المنكرِ ويقيمونَ الصلاةَ ويؤتونَ الزكاةَ ويطيعونَ اللهَ ورسولهُ أولئك سيرحمهم اللهُ إن اللهَ عزيزٌ حكيم " الآية 71 من سورة التوبة ، للتأكيد على دور المرأة في مجال الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، في مجتمع يرى أنها مهمة خاصة بالرجل.
ــ قوله تعالى : " للرجالِ نصيبٌ مما تركَ الوالدانِ والأقربونَ وللنساءِ نصيبٌ مما تركَ الوالدانِ والأقربونَ مما قَلَّ منهُ أو كَثُرَ نصيباً مفروضاً " الآية 7 من سورة النساء ، للتأكيد على حق المرأة في الميراث ، في مجتمع لا يكتفي فقط بعدم توريث المرأة ، وإنما يعدها من أموال التركة التي تُقَسَّم على الذكور !!!
ولهذا أرى أهمية إضافة عبارة ( مواطنة ) مع عبارة ( مواطن ) في كل المواد الدستورية.
خاصة المتعلقة منها بعضوية مجلس النواب ، المحلية ، الرئاسية ، الحكومة وغيرها.
2) إيجاد نص دستوري ينص على تخصيص نسبة لتمثيل المرأة في المجالس واللجان الانتخابية في البرلمان والمحليات والحكومة والأحزاب.
ثانياً : قانون الانتخابات العامة والاستفتاء ( رقم 13 لسنة 2001 ):
بصورة عامة نستطيع القول بأن القانون الساري رقم 13 لسنة 2001 بشأن الانتخابات العامة والاستفتاء قد نص على المساواة بين الرجل والمرأة في ممارسة الحقوق الانتخابية من خلال :
§ المادة ( 2 ) الفقرة ( ب ) عرفت المواطن بأنه : كل يمني ويمنية.
§ المادة ( 3 ) أعطت حق الانتخاب كل مواطن بلغ من العمر 18 عاماً دون تمييز.
§ المادة ( 7 ) تلزم اللجنة العليا للانتخابات " باتخاذ الإجراءات التي تشجع المرأة على ممارسة حقوقها الانتخابية " ، مع أن هناك من يرى أن هذا النص لاستخدام المرأة سُلَماً للوصول من خلالها إلى المجالس المنتخبة ومواقع صنع القرار !!
§ المادة ( 56 ) أعطت ( الناخب ) وهو كل ( مواطن ) حق الترشيح دون تمييز .
لكننا وبسبب التمييز التفسيري لنصوص القوانين ولو في الذهنية المجتمعية التي تنبثق منها المواقف كون " السلوك فرع للتصور " ، لابد لنا من مراجعة عميقة للقانون، نعدل فيه المعوج ، ونبين منه المبهم ، ونزيل عنه المتشابه ، ونضيف فيه ما يمكن أن يرفد المرأة بشيء من الدعم ، ولو بتمييز إيجابي مؤقت ، نوفر فيه الزمن ، ونساهم، شأننا مثل كثير من المجتمعات ، في تعزيز مشاركة المرأة سياسياً ، ووصولها إلى المواقع المتقدمة لتسهم في تنمية مجتمعها جنباً إلى جنب مع شقيقها الرجل .. وعليه فإنني أرى ضرورة تعديل قانون الانتخابات العامة والاستفتاء ( رقم 13 لسنة 2001 ) على النحو التالي :
1. إضافة عبارة ( والترشيح ) للفقرة ( أ ) من المادة ( 18 ) لتصبح الفقرة بعد التعديل ( لكل مواطن قيد اسمه في جدول الناخبين حق ممارسة الاقتراع والاستفتاء والترشيح ... ).
2. إضافة عبارة ( بينهم امرأتان ) بعد عبارة سبعة أعضاء ) في الفقرة ( أ ) من المادة ( 19 ) لتصبح الفقرة بعد التعديل ( تشكل اللجنة العليا للانتخابات من سبعة أعضاء بينهم امرأتان ، يتم تعيينهم ... ).
3. إضافة عبارة ( كل مواطن ) للمادة ( 21 ) لتصبح المادة بعد التعديل
( يشترط في من يرشح في اللجنة العليا للانتخابات كل مواطن تتوفر فيه الشروط الآتية ... ).
4. إضافة عبارة ( كل مواطن ) للمادة ( 26 ) لتصبح بعد التعديل ( يشترط فيمن تعينهم اللجنة العليا للانتخابات رؤساء وأعضاء في لجان إعداد الجداول ولجان إدارة الانتخابات الأساسية والأصلية والفرعية واللجان الإشرافية ولجان الاستفتاء كل مواطن توفرت فيه الشروط التالية ... ).
5. إضافة عبارة ( شريطة ألا تقل نسبة تمثيل النساء في كل لجنة عن 30 % من عدد أعضائها ) إلى المادة ( 27 ) لتصبح المادة بعد التعديل ( تشكل اللجنة العليا للانتخابات لجاناً إشرافية على مستوى المحافظات يكون مقرها عاصمة المحافظة ، للقيام بالإشراف على أعمال لجان إعداد الجداول أو لجان إدارة الانتخابات والاستفتاء ، شريطة ألا تقل نسبة تمثيل النساء في كل لجنة عن 30 % من عدد أعضائها ).
6. إضافة عبارة ( شريطة ألا تقل نسبة تمثيل النساء في الأمانة العامة عن 30 % من عدد أعضائها ) إلى المادة ( 33 ) لتصبح المادة بعد التعديل ( يكون للجنة العليا أمانة عامة تتكون من الجهاز الإداري والفني للجنة تسمى الأمانة العامة للجنة العليا للانتخابات يرأسها أمين عام بدرجة نائب وزير يصدر بتعيينه قرار من رئيس الجمهورية من بين ثلاثة أشخاص ترشحهم اللجنة العليا بأغلبية أعضائها ، شريطة ألا تقل نسبة تمثيل النساء في الأمانة العامة للجنة العليا للانتخابات عن 30 % من عدد أعضائها ).
7. حذف الفقرة ( ب ) من المادة ( 58 ) التي تشترط التزكية ، أو إضافة فقرة (هـ) تنص على : ( يستثنى من أحكام الفقرة ( ب ) من هذه المادة المرأة المرشحة كمستقلة فلا يلزمها تقديم التزكية المذكورة ).
8. تضاف لأحكام الفصل الأول من الباب الخامس مادة تنص على :
المادة ( ) : أ- يتم تخصيص 30 % كحصة نسبية من مقاعد البرلمان والمجالس المحلية للنساء في الانتخابات العامة.
ب- تلتزم الأحزاب والتنظيمات السياسية بأن تضمن قوائمها في الانتخابات العامة للبرلمان أو المجالس المحلية التي تتقدم بها نسبة 30 % من النساء.
ثالثاً : قانون السلطة المحلية ( رقم 4 لسنة 2000 ) وتعديلاته :
مع إشادتنا بتجربة المجالس المحلية في بلادنا إلا أننا نؤكد على أنها بحاجة إلى مزيد تقييم لتجربتها وتقويم لمسيرتها ، بدءاً بمراجعة قانونها ولوائحها ، وانتهاءً بتطبيقها وممارساتها. للتعرف على نجاحاتها وإخفاقاتها ، شأنها مثل أي تجربة وليدة .
ومما ينبغي مراجعته مكانة المرأة في هذه التجربة ، وسبب انحسار مدها في المشاركة الفاعلة فيها.
ومن خلال تجربتنا في المجالس المحلية ومراجعتنا لقانون السلطة المحلية ( رقم 4 لسنة 2000 ) وتعديلاته ، بشأن تعزيز مشاركة المرأة فيها ، نؤكد على ما يلي :
1. القانون إجمالاً يتعاطى بإيجابية مع جُلِّ الاتفاقيات الدولية التي تؤكد على منع أي تمييز بين الرجل والمرأة في الحقوق المدنية والسياسية ، وبالتالي فإنه ينص في مادته ( 9 ) على أنه " للمواطنين جميعاً في نطاق وحداتهم الإدارية حق الترشيح والانتخاب لعضوية المجالس المحلية "، كما أنه في مادتيه (21 ، 63) لم يشترط صراحة جنس الذكورة لمن يرشح نفسه لمنصب الأمين العام للمجلس المحلي.
2. لا يستهان مطلقاً بالصياغة ( الذكورية ) لكل القوانين ومنها قانون السلطة المحلية ( رقم 4 لسنة 2000 ) وتعديلاته ، في مجتمع يعاني أولاً من الأمية (الألفبائية ) عنه النحوية والبلاغية ، كما أنه ثانياً يعيش ذهنياً ، ترجمه واقعه وسلوكه ، تهميشاً وتغييباً للدور الذي يمكن أن تلعبه المرأة سياسياً واقتصادياً واجتماعياً ، ولا يرى فيها إلا أدواراً محدودة أملته عليه العادات والتقاليد والأعراف السائدة . وأخطر ما في هذه الصياغات ( الذكورية ) أنها تؤصل النظرة القاصرة للمرأة ودورها في وعي الأجيال ، التي يصنع التقليدُ ثقافتها وقناعاتها ، وتزداد تلك الخطورة إذا توافقت مع التفسيرات المحدودة والانتقائية لنصوص الشريعة الإسلامية.
وبعد :
هذه رؤى أولية ونواة لمشروع تعديلات تتعلق بالدستور وقانوني الانتخابات والمجالس المحلية ، لابد من أن تلازمها قراءة متأنية لجميع القوانين ومكانة المرأة فيها .
وثانياً لا بد من التأكيد على أن التقنين فقط لا ينصف المرأة أو يضعها في مكانتها التي أنزلها إياها خالقها الذي كرم الإنسان ( ذكراً وأنثى ) ، وإنما لا بد من صياغة أفضل لثقافة المجتمع وصياغة قناعاته بما يتوافق مع قول الحق تبارك وتعالى :
" يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم ".
تعقيب على ورقة
( مشروع تعديلات قانونية لتعزيز مشاركة النساء في المجالس المحلية )
إعداد: أ.د. محمد أحمد علي المخلافي
هذه الدراسة مقدمة من الأستاذ شوقي القاضي. و هي إلى جانب دراسة ميدانية عن واقع النساء في المجالس المحلية، تأتي في إطار مشروع منتدى الشقائق" لدعم تمكين النساء في المجالس المحلية" الأمر الذي يعني أن المشروع يستهدف توفير التدابير القانونية و المؤسسية و الاجتماعية التي من شأنها تمكين المرأة من التواجد الفاعل في المجالس المحلية المنتخبة و قيادتها، أي مشاركة المرأة على قدم المساواة مع الرجل في إدارة السلطة المحلية، و من ثم يكون الهدف المفترض للدراسة القانونية هو تحديد المعوقات التي تحول دون التواجد الفاعل للمرأة في المجالس المحلية وقيادتها و اقتراح التدابير القانونية اللازمة لإزالة المعوقات و تمكين المرأة من تحقيق هذا الحق في الممارسة العملية و بما يتناسب مع حجم الدور الذي يجب أن تلعبه المرأة في المجتمع كونها تمثل نصف هذا المجتمع و تعطيل دورها أدى إلى تعطيل نصف طاقة هذا المجتمع و تهميش دوره في إدارة الشأن العام.
انطلقت الدراسة من خلال مقدمة موجزة تبين بصورة عامة أهمية مشاركة المرأة في إدارة الشأن العام إجمالاً و إدارة الشأن المحلي على وجه الخصوص و إلى تحديد النصوص المتعلقة بوصف الترشح لعضوية هيئات السلطة النيابية ورئاسة الدولة أو شروط الناخب و المرشح إجمالا التي يمكن أن تستخدم كذا تفسير لمنع المرأة من ممارسة هذا الحق ليس بسبب وجود لبس حقيقي لممارسة هذا الحق من قبل المرأة و إنما بسبب نظرة المجتمع " إن مشاركة المرأة في العمل السياسي هي الاستثناء" و من تلك النصوص التي أشارت إليها الدراسة المادة (63) بشأن شروط الناخب و المرشح و المادة (107) بشأن شروط الترشيح لمنصب رئيس الجمهورية.
و بهذا الشأن خلصت الدراسة إلى اقتراح:
1. إضافة عبارة ( مواطنة) مع عبارة (مواطن) و كل مواد الدستور خاصة المتعلقة منها بعضوية هيئات الدولة المنتخبة و غير المنتخبة: التشريعية و التنفيذية و المحلية.
2. أن يخصص الدستور حصة للمرأة في هيئات السلطة التشريعية و التنفيذية و المحلية و إدارة الانتخابات و الأحزاب.
و في نفس السياق استعرضت الدراسة بإشادات سريعة المضامين العامة لقانوني الانتخابات و الاستفتاءات العامة، و السلطة المحلية لتخلص إلى أن نصوص قانون السلطة المحلية لا يعتري نصوصه أي لبس في صف المرأة في الانتخاب و الترشيح. و فيما يتعلق بقانون الانتخابات و الاستفتاءات العامة أشارت الدراسة إلى أنه خال من اللبس الذي بدأت أنه قائم و نصوص الدستور، مرجعة ذلك إلى تعريف القانون في المادة (2/ب) للمواطن بأنه: كل يمني و يمنية" و مع ذلك " و بسبب التمييز التفسيري لنصوص القوانين و لو في الذهنية المجتمعية..." ترى أن من اجل درء أي إقصاء لدور المرأة ضرورة المراجعة العميقة للقانون لتعديله باتجاهين:
الأول: لفظي وحددت بعض المواد التي يجب إن يضاف إليها لفظ مرشح أو مواطن.
الثاني: موضوعي و يتمثل بتحديد حصة للمرأة في الإدارة الانتخابية لا تقل عن 30% و تشمل اللجنة العليا للانتخابات و اللجان المتفرعة عنها و جهازها الإداري، بما في ذلك رئاسة اللجان.
2- أن يخصص القانون نسبة 30%ِ من مقاعد مجلس النواب و المجالس المحلية كحصة للمرأة.
3- استثناء المرأة المرشحة في الانتخابات كمستقلة من شرط التزكية الوارد في (58) الفقرة (ب) من القانون.
4- أن يلزم القانون الأحزاب السياسية بشمول قوائهما الانتخابية في الانتخابات البرلمانية و المحلية حصة 30% للمرأة.
لقد بذل الباحث جهداً مفرداً، لكن الأهم من ذلك أن الأستاذ شوقي القاضي قد تناول تمكين المرأة من منظور تقدمي و بموقف واضح و جلي يستوجب التقدير و الاحترام الكبيرين غير أن ذلك لا يمنع من طرح بعض الملاحظات التي من شأنها المساهمة في التنويه إلى شروط نعتقد أنها تجعل تشخيص معوقات مشاركة المرأة و اقتراح التدابير القانونية لإزالتها أكثر وضوحاً و تحفيزاً نوردها فيما يلي:
أولاً: من حيث الشكل:
1- بالعودة إلى عنوان المشروع " لدعم تمكين النساء في المجالس المحلية" و إلى عنوان الدراسة القانونية في المشروع :" لتعزيز مشاركة النساء في المجالس المحلية" يتبين أن غاية الدراسة تحديد الشروط و التدابير القانونية اللازمة لتمكين المرأة و تعزيز مشاركتها في المجالس المحلية المنتخبة، أي أن شكل البحث هو تحديد الشروط و التدابير القانونية لإزالتها و الموفرة لوسائل التمكين، و تبعاً لذلك تقدم المقترحات لتعديل التشريع على ضوء ما توصلت إليه الدراسة. غير أن الدراسة اتخذت منهجاً معكوساً ابتداءً من عنوانها" مشروع تعديلات قانونية لتعزيز مشاركة النساء في المجالس المحلية" مما جعل الدراسة مجرد رأي لواضعها بشأن تعديلات تشريعية كتعبير عن قناعته ليس أكثر. و الغاية من الدراسات عادة هو تقديم رؤية منهجية تستند إلى الوقائع و أصل الحق مدعمة بالتحليل الموضوعي.
2- الإطار الحاكم لأي دراسة علمية هو هدفها الذي من خلاله يحدد إطارها و مضمونها و نتائجها، و هذه الدراسة لم تشر صراحة أو ضمناً لهدفنا.
3- خلت الورقة من التقسيم الشكلي لها الذي يلازم الدراسات العلمية.
4- لم تتضمن الدراسة أية مصادر عدا نصوص التشريع على الرغم من وجود دراسات تتعلق بالحكم المحلي في اليمن و أخرى: تتعلق بالمركز القانوني للمرأة في التشريع اليمني و من ذلك ما يتعلق بحقوقها السياسية و ثالثة ميدانية ذات صلة بمشاركة المرأة في إدارة الِشأن العام، و كان من الضروري أن تعتمد الدراسة الميدانية المرافقة كمصدر رئيسي كونهما يشكلان مشروعاً واحداً و الاتفاقيات الدولية ذات العلاقة كونها المرجعية المعتمدة عالمياً لحماية و إعمال حقوق الإنسان، و كون الورقة نفسها قد أشارت إلى أن قانون السلطة المحلية مرفقاً لها.
5- تم تناول موضوع الورقة بإشارات عابرة و لم يبرز الموضوع الأساس والمستهدف.
و بهذا نخلص إلى أن إعادة النظر في الورقة بمراعاة الجوانب الشكلية للدراسة العلمية سوف يجعل الورقة أكثر فائدة ومعرفة و عملية.
ثانياً: من حـــيث الموضــــوع:
1- بسبب إهمال الدراسة اعتماد الجوانب الشكلية المعتمدة في الدراسات العلمية، وما انصرفت الورقة إلى معالجته هي إشكالية توضيح النصوص المتعلقة بحق الانتخاب و الترشيح، و من وجهة نظرنا أنها بالأصل ليست إشكالية ، إذ أن عدم تمثيل المرأة في المجالس المحلية بالمستوى الذي يجب أن يكون لا يرجع إلى موانع قانونية و منعها من الترشح، و إنما بسبب وجود معوقات سياسية تنخفض وراء تسيير البنى و الرؤى التقليدية، و هذا هو المشكل الرئيسي الذي كان يجب أن يستهدف و على أساس تشخيصه نقترح التدابير القانونية لتمكين المرأة من المشاركة في إدارة السلطة المحلية عن طريق المجالس المحلية المنتجة و لإزالة أي لبس مفترض كان يمكن للورقة اعتماد النصوص الحاكمة التي تزول معها كل إمكانية للتفسير و التمييز للنصوص التفصيلية في الدستور و القانون، و من ذلك نصوص المادتين (42,41) من الدستور المتعلقة بمساواة المواطنين جميعهم في الحقوق و الواجبات العامة و من ذلك المشاركة في الحياة السياسية و المعاهدات الدولية التي تلتزم بها اليمن و لها أولوية التطبيق كالإعلان العالمي لحقوق الإنسان و العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية و السياسية و اتفاقية القضاء على التمييز ضد المرأة و معها الإعلانات الدولية الخاصة بحظر التمييز ضد المرأة بما في ذلك في الحقوق السياسية. من هنا نرى أنه لا توجد ضرورة لإحداث تعديلات لفظية على نصوص الدستور و قانون الانتخابات، إذ أن نقص مواطن أو مرشح أو عضو أو رئيس لا يوجد من ينازع أنها لا تشمل المرأة، و بالعكس سوف تظهر هذه المشكلة فيما إذا جرى مثل هذا التعديل حيث سيكون مقبولاً استبعاد المرأة من التمتع بأي حق حيثما لا يشار إلى ذلك بلفظ رجل و امرأة، أو مواطن و مواطنة.
2- مقترحات التعديلات الموضوعية في الدستور و قانون الانتخابات فيما يتعلق بحصص المرأة بما يمكنها من المشاركة في الهيئات الدولية و الهيئات التشريعية و التنفيذية و المحلية و إدارة الانتخابات، و لعل الإشارة إلى تحديد حصة للمرأة في السلطة التنفيذية بما في ذلك الحكومة، و تجاهل ذكر السلطة القضائية يفضي المشاركة في السلطة القضائية، و هذا أمر يضع مبدأ المساواة محل نظر و نفي إلزامية و يشكك بمصداقية المقترحات لتمكين المرأة في المجالات الأخرى.
3- الأمر المباشر المتعلق بموضوع الدراسة و هو تمكين المرأة من الوصول إلى المجالس المحلية و بنسبة مقبولة في مجلس النواب و المجالس المحلية دون مقدمات و دون تأهيل، و تقترح الورقة أن يخفف من خلال القوائم الانتخابية للأحزاب و هنا نرى:-
أ- إن تركيز الورقة على تمكين المرأة للوصول إلى المجالس المحلية من خلال الحصة، ليس لآن هذه هو موضوعها بل و لسببين يتسمان بالطابع العملي هما:
الأول: قرب موعد انتخاب المجالس المحلية.
الثاني: أن اعتماد حصة المرأة في المجالس المحلية يحتاج فقط إلى تضمين قانون الانتخابات و قانون السلطة المحلية نص بالحصة دونما تعقيدات إجرائية كالتي يتطلبها تعديل الدستور.
ب- كان الباحث محقاً باقتراح أن تكون حصة المرأة ملزمة للأحزاب و عبر قوائمها، و هو مقترح يحتاج إلى استكمال اقتراح تعديل قانون الانتخابات. و اعتماد نظام التمثيل النسبي في الانتخابات المحلية و هو تعديل لا يتطلب تعديل في الدستور.
4- أشارت الدراسة إلى أن ثقافة المجتمع هي التي تعيق مشاركة المرأة في إدارة الشأن العام و من ذلك الوصول إلى المشاركة في المجالس المحلية، و هذا استنتاج لا يوجد في الدراسة ما يمكن أن يكون أساس له و حتى الاعتماد على الملاحظة الذاتية لا يساند هذا الاستنتاج، و بذلك تكون الورقة بحاجة إلى دراسة المعوقات لتحديد ما إذا كانت ناتجة عن رؤية مجتمعية أم توجه سياسي يتذرع بتخلف المجتمع الذي تستبده السلطة و لعل التراجع الذي شهده اليمن في مشاركة المرأة في أداة الشأن العام يظهر أن الأرجح أن العامل الأخير هو مصدر الإعاقة و يظل الأمر كذلك حتى تقدم الدراسة الدليل على العكس.
5- لقد اعتبرت الورقة أن تمكين المرأة بواسطة اعتماد حصة في انتخابات المجالس المحلية أنه تدبير مؤقت، و هي محقة بذلك، إذ أن الضمان الدائم لمشاركة المرأة في إدارة الشأن العام لا يتحقق إلا في ظل حكم و مجتمع ديمقراطي يمكن المجتمع برجاله و أبنائه من المشاركة في الحكم عبر انتخابات حرة و نزيهة و اعتماد نظام انتخابي يعزز دور القوى الحديثة و أدوات الحداثة التعددية الحزبية، و لا يخص المرأة و الفقراء، و يحقق نتائج عادلة لكل المشاركين في الحرية الانتخابية، و أن تحدي الانتخابات في ظل احترام الحق في حرية الرأي و التعبير، و الحق في التجمع السياسي و في مناخات تكون فيه الجماعات و الأفراد متمتعة فعلاً بالحق و التحرر من الخوف و التخويف و تطبق هذه الحقوق جميعها دونما تمييز و اعتبار للعنصر و الجنس ....، و في نهاية المطاف لا تحقق المشاركة في المجالس المحلية غاياتها إلاَّ في ظل قيام نظام حكم لا مركزي، و من ثم يكون الضمان الحقيقي و ضمان الحقوق السالفة و آليات إعمالها لكل المجتمع و هذه مهام لم تتحقق بعد في اليمن مما كان يستوجب تحليل الحالة العامة و صولاً لتحديد الحالة الخاصة بالدراسة و اقتراح التدابير الشاملة لتمكين المرأة من المشاركة في المجالس المحلية و هيئات الدولة المنتخبة و الأخرى في إطار تمكين المجتمع كله من المشاركة في الحكم و إحلال الوسائل الحديثة لاستيعاب الطاقات و إيصالها إلى هيئات الحكم محل البنى التقليدية التي تقصي المرأة و الغالبية العظمى من الرجال، و ذلك من خلال اعتماد نظام التمثيل النسبي و تنافس البرامج السياسية، و الفصل بين حزب الحكومة و أجهزة الدولة و إمكانياتها وتولي السلطة المحلية و كل الشأن المحلي من قبل المجالس المحلية المنتخبة بما في ذلك رؤسائها (المحافظون و مدراء المديريات).
و نعتقد بأن إعادة النظر في الورقة و تطويرها بمراعاة متطلبات الشكل و المضمون المشار إلى بعضها هنا سوف يجعل الورقة ذات أهمية وحيوية فائقة تحقق فوائد معرفية و تطبيقية كثيرة، بما في ذلك توفير الحجج الكافية لحشد الرأي العام من أجل الضغط على السلطة و الأحزاب لاتخاذ التدابير العملية لتمكين المرأة و تعزيز تواجدها في المجالس المحلية من خلال الانتخابات المحلية القادمة و تقديم مشروع لتعديل التشريع المتعلق بهذا التمكين على وجه الخصوص..
|