منير الذرحاني * -
الوحدة اليمنية إنجاز في صفحات التاريخ المعاصر
التاريخ ،الحضارة ،التراث ، مواضيع مثار اهتمام متزايد للبشر، يتحدثون عن أهرامات مصر بكبريائها ، وحدائق بابل وروعتها ، ومعالم أرض سبأ وعظمتها ، و آيات الفن والجمال والإبداع من هذا القبيل المتناثرة في هذا العالم ، وكما لو أن لكل حدث حديث وكل شي له تاريخ وذكرى ، حتى النبات والجماد ، ولو كنت في صحراء قاحلة ومررت بشجرة طيبة لم يمر أحد قبلك بها ، ورأيت ساقها مستقيما ، وفروعها مثمرة ، وأغصانها مستوية ، وتنظر إلى قاعدتها فإذا هي ثابتة قوية ، ولم ترى فيها حتى مما يصيب النبات من آثار العوامل الجوية والطيور والحشرات ، رغم ما قاسته تلك الشجرة من مصادمة الرياح العاصفة والصواعق المنقضة ، وما أنتابها من مخالب الكواسر وقواضم الحشرات ، وقع نظرك على بعض ما مر بها من كوارث وطوارى منذ نشأتها ، والذي لم يعجزك كل هذا على معرفة تاريخها ، وكيف استطاعت المحافظة على مهمتها التي وجدت من أجلها ، وأهميتها كونها أعادة نور الحياة لمن قصدها .
فإذا كان ذلك شأن ليس للإنسان يد فيه ، فكيف فيما يبحث عنه وكان من صنع يده وقد أرواه من روحه ودمه وإنسانيته ، ورصعه بمجد أسلافه وعزتهم ، وزينه بجمال حضارته وأرضه ، حتى أصبح المنجز العظيم الذي يختلف عن الأبنية والمنحوتات والمصوغات والمصنوعات وكل ما نراه في حياتنا ، فان لكل شي تاريخ منذ خرج من أيدي صانعيه إلى ان صار حلما محقق ظفر به كل الباحثين عنه ، وتاريخا أخر يشرف أصحابه من قيامه إلى الأن ، وانجاز جبار يبجل صفحات التاريخ الى ألابد ، ويترك بصمات إنسانية نبيلة لكل ألاجيال القادمه ،
إننا كشباب في منتصف العمر ، ننظر الى الأباء والأخوان طيلة عقد ونصف وهم يستقبلون ذكرى يوم النصر الثاني والعشرين من مايو 1990م ، يحتفلون بعيد قيام الوحدة وتاج الفرحة على رؤوسهم.. والابتسامة المشرقة تداخلهم السرور ، نرى الكبير والصغير ، المثقف والشيخ والتاجر والموظف وكل أبناء الشعب بكل فئات المجتمع المناضل ، باذلين ومجتهدين لعمل كل ما باستطاعتهم عمله من أجل أحياء هذه الذكرى التاريخية القيمة ، التي أتت مطبقة للمبادئ الإنسانية وللتعاليم الدينية السمحة عملا بقوله عز وجل " واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا " صدق الله العظيم .
يتحدثون عن ذلك اليوم وكأنه يوم أشرقت الحياة بنور الأمن والاستقرار ، استقر العيش فيه وانتهى به الثأر والقتل والتشريد والدمار، وأصبح أفراد الأسرة تسكن بيت واحد بعد حقبة من الزمن عاشها الاخوة في فراق وتباعد وتشرذم ، تجرعو في تلك الفترة التفرقة كل المآسي والأحزان ، بسبب المكايدات السياسية التي اخترقت صفوفهم دون رضاهم .
ننظر إلى الاحتفالات والأفراح بنفس النظرة عند من جعلونا نحتفل ونفرح ، لان سجلات التاريخ بينت لنا كيف كان الحال حين التشطير ، وكيف هو الآن لنجد الفرق حين نستغل نعمة ربي " التمييز" بما يمليه علينا الضمير ويتوافق مع العقل والحكمه ، حينها نعرف ماذا تعني لنا الوحدة اليمنية المباركة وأهميتها البالغة للحياة الكريمة ، وندرك بإيمان راسخ وقناعة ثابتة أن لا حياة لنا بدونها ، ولن نقبل العيش بفراق الإخوان وشتات الأرض مرة ثانية ،
وبمناسبة الذكرى 16 من قيام الوحدة وما تشهده أرض الوطن من احتفالات ومهرجانات ضخمة هذه الأيام ، إنها الأحاسيس والمشاعر نفسها التي لم تتغير بالنسبة لكل اليمنيين سوى في الوطن او بلد الاغتراب ، وقد دعتنا مشاعرنا وأحاسيسنا لمشاركة إخواننا في الداخل كل أفراحهم ، بإقامة الاحتفالات واعداد المهرجانات الثقافية في عدد من دول العالم ، وإرسال المساهمات والتفاعلات المعبرة عن الفرحة الصادقة ، ليس لأننا نستطيع المشاركة فحسب بل اهم من ذلك ان هناك من سخر لنا كمغتربين صفحات للمشاركة في صنع المستقبل ، والذي نستطيع في مثل هذه الصحف ان نبعث بأحر التهاني واطيب الأماني لجميع أبناء الشعب اليمني بهذه المناسبة العطرة ،والشكر لمن قدر لهم ذلك الانتصار من شرفاء الناس في كل دول العالم ، كونها الوحدة من أهم المنجزات التي زينة تاريخ الشعوب المعاصرة بمثالها الجبار، والحمد لله الذي جعلنا نتمتع اليوم بذكرى قيام الوحدة وحدة الشعب والكيان الواحد أرضا وانسانا ، الهدف الكبير الذي قدموا لاجله اليمنيون التضحيات والدماء الزكيه حتى تحقق في 22 من مايو بقيام الوحدة المباركة يوم إعادة اللحمة ووحدة الشعب والوطن الواحد بزعامة رائد المسيرة الوحدوية الديموقراطية فخامة المناضل علي عبدالله صالح رئيس الجمهورية والذي عزز العمل الديموقراطي وجعله أكثر رسوخا وتميزا
*يمني مقيم في الولايات المتحدة