بقلم المهندس/ عبدالملك المعلمي* -
16 عاما .. في قلب الوحدة
ككل الأوقات السعيدة والممتعة التي يعيشها الإنسان خارج الزمن ولا يشعر بمرورها مهما طال عمرها ، هاهي تمر كلمح البصر.. ستة عشر عاما من عمر وحدتنا المباركة ، فترة قصيرة لا تكاد تذكر في عمر الأمم والشعوب ، ستة عشر عاما ليست كافية للتفريق بين حلم القرون الماضية وحقيقة اليوم المذهلة، وليست كافية للتعبير عن فرح الإنسان بلقاء الأمل وابتهاج الأرض بعودة التأريخ المفقود ، ستة عشر عاما ربما ليست كافية لمسح دموع الفرقة ونسيان عهود الشتات الطويلة في ذاكرة الوطن، وليست كافية لتبديد استغراب الشعوب ودهشة الأوطان من تفرد اليمن بهذا الانتصار في زمن لا علاقة له بالمعجزات، فكيف لنا في لحظات مأخوذة وبكلمات مأسورة أن نتمكن من وصف حدث نحن في قلبه ولا زلنا نعيش لحظة وقوعه ، كل شيء حولنا يجعلنا في قلب الوحدة .. رائحتها الأسطورية تفوح من كل بيت ، ولونها الخلاب يملأ النفوس بسحرة أينما ولت الوجوه .. نحو الجبال أو السواحل والسهول ، طعمها الاستثنائي لازال أحجية في فم كل يمني يمعن في وصف حلاوتها، نقول إننا اليوم نحتفل بستة عشر عاما من عمرها كما يحتفل الكثير بميلاد عزيز عليهم ، وهي في الواقع لم تمر إنها تشاركنا البهجة والبناء والتقدم والنماء لحظة بلحظة دون أن تفارقنا، فكيف يحتفي الضوء بالقمر وتحتفي العين بالبصر والبحور بالدرر.. لا شك أنها عناية الأقدار قد ساقت علي عبد الله صالح كقائد من قادة التاريخ وابنا من أبناء اليمن الأوفياء ليخط شهادة ميلاد هذا الحدث العظيم في 22 مايو 1990م .
لكننا اليوم قيادة وشعبا لا زلنا نخط بالوحدة أروع شهادة ميلاد لأنفسنا ، لنرسم من خلالها طريقنا المنشود نحو النهضة والعمران بخطى ثابتة وعزائم لا تلين، إننا نحاول أن نحتفل ربما لنعبر عن مشاعر الفرح التي بدأت تجتاحنا منذ ستة عشر عاما ولا زالت تتسع في حياتنا يوما بعد يوم ، نريد أن نحتفل بالوحدة ونحن ندرك أنها ليست مجرد علم يرفرف هنا أو هناك، ولا يمكن اختزال اعتزازنا بها عبر أضواء المصابيح الملونة في عتمة الليل، ولا يمكن أن نضاهيها مهما أبلينا في حشد وتنويع مظاهر الابتهاج… في كل الأحوال وكيفما
احتفلنا اعتقد انه لابد أن نؤمن بان الوحدة كائن حي ولدنا معه وينمو معنا يفرح ويطمح مثلنا ويشتد بنا ويقوى كما نشتد به ونقوى، فلنراعي مشاعر هذا الكائن الجميل باعتباره ماثلا بيننا كلما احتفينا به، فقد يزعجه الاحتفال على طريقة ( حدث في مثل هذا اليوم ) ولعل ذلك يفسر لنا لماذا لم نشعر معه بمرور تلك السنوات ويبصرنا في نفس الوقت بان سنينا ستأتي وتمضي أيضا كلمح البصر طالما الشعب مسكون بالوحدة والوحدة محروسة بالشعب والقائد، وهو الحال الذي لا يقاس فيه النجاح بالزمن بقدر ما يقاس فيه النجاح بالتغيير.. التغيير الذي تدل عليه اليوم منجزات الوحدة .. المنجزات التي استطاع القائد بالشعب أن يتجاوز بها عدد أيام الوحدة طيلة ستة عشر عاما من البناء والتنمية ، وحيث أن الوحدة في الأساس تمثل همة قائد وميلاد شعب ونهضة وطن، فهي باختصار شديد الحياة التي لم نكن شعر قبلها أننا أحياء.
*وزير الاتصالات وتقنية المعلومات