الناطق الرسمي باسم المؤتمر الشعبي العام- اليمن
التاريخ: الأحد, 24-نوفمبر-2024 الساعة: 01:04 ص
ابحث ابحث عن:
قضايا وآراء

انتقدت موقف الاحزاب السياسية من المرأة

الأحد, 31-أغسطس-2003
المؤتمرنت-تقرير -عبد الملك الفهيدي -
دراسة حديثة تعيد عدم حصول المرأة على مقاعد كثيرة في البرلمان الى تشابك العوامل الاجتماعية والثقافية والتقاليد واستغلال الأحزاب لصوت المرأة في الانتخابات البرلمانية
بينت دراسة حديثة حول مشاركة المرأة اليمنية في الانتخابات أن هناك تناسباً عكسياً بين مدى إقبال المرأة على المشاركة في الانتخابات البرلمانية وبين نجاحها في الفوز بمقاعد كثيرة في البرلمان.
وتشير دراسة عن "مشاركة المرأة في الانتخابات التشريعية" نشرت ضمن كتاب "التحول الديمقراطي في اليمن: التحدي والاستجابة" أصدره المعهد اليمني للتنمية الديمقراطية مؤخراً أنه كلما ازداد عدد النساء المسجلات، والمشاركات في الانتخابات البرلمانية كلما قل عدد المرشحات والفائزات منهن بعضوية البرلمان.
وتكشف المقارنة بين الأرقام الخاصة بمشاركة المرأة في الانتخابات التشريعية عن ذلك التناسب العكسي حيث تبين الأرقام أن عدد النساء المسجلات في كشوفات الناخبين بلغ عام 93 (478.397) ناخبة من إجمالي (2.688.323) ناخب وناخبة وبنسبة 18% وارتفع في انتخابات 97 إلى (1.273.073) ناخبة من مجموع (4.610.836) ناخب وناخبة وبنسبة27%، وازدادت النساء المقيدات في كشوفات الناخبين في الانتخابات الأخيرة زيادة ملحوظة فمن مجموع (8097433) ناخب، وناخبة بلغ إجمالي عدد النساء (3.414.640) ناخبة وبنسبة 42%، لكن هذا الارتفاع الملحوظ لإقبال الناخبات اليمنيات على المشاركة في الانتخابات، والتي ارتفعت من نسبة 18% عام 93 إلى نسبة 42% عام 2003 قابلها تراجع ملحوظ في عدد المرشحات الفائزات بعضوية مجلس النواب حيث بلغ عدد المرشحات والفائزات بعضوية مجلس النواب حيث بلغ عدد المرشحات عام 93 (42) مرشحة من إجمالي (3166) وبنسبة 1,3%. وبلغ عدد الفائزات (2) من إجمالي (301) وبنسبة 0.66% بينما تراجع عدد المرشحات في انتخابات 97 إلى (20) مرشحة من إجمالي (1311) وبنسبة (1.5) وبنفس نسبة الفوز السابقة مع الأخذ في الاعتبار أن ارتفاع النسبة من 0.66% إلى 1.5% يرجع إلى انخفاض عدد المرشحين من (3166) إلى (1311)، ولا يعد مؤشراً على ارتفاع نسبة المرشحات حيث نقص العدد من (42) إلى (20)، وتراجعت النسبة بشكل ملحوظ في الانتخابات الأخيرة لتصل إلى (11) مرشحة فقط من إجمالي (301) مقعد وبنسبة 0.33%.
هذا التراجع الملحوظ بين حجم مشاركة المرأة في الانتخابات، وتناقص حصولها على مقاعد في البرلمان أثار جدلاً سياسياً واسعاً في أوساط القوى السياسية في الساحة اليمنية، وقوبل بالنقد الشديد من قبل منظمات المجتمع المدني، ومن الشخصيات النسائية.
والدراسة المشار إليها آنفاً تحدد أسباب هذا التراجع في جملة المعوقات المتمثلة في عوامل اجتماعية، وعوامل قانونية، إضافة إلى مواقف كل من الأحزاب السياسية من ناحية، وموقف منظمات المجتمع المدني من ناحية أخرى.
وتؤكد الدراسة استناداً إلى بحث ميداني أجراه المعهد اليمني لتنمية الديمقراطية عام (96) عن تجربة المرأة اليمنية في انتخابات (93) أن هناك مجموعة من العوائق التي لعبت دوراً في تراجع المرأة المرشحة في انتخابات (97 و 2003) البرلمانية.
وتحدد الدراسة تلك المعوقات في افتقار المرأة المرشحة إلى الدعم الجماهيري، والأمية المتفشية، والنظرة السلبية للمرأة المرشحة، وتعرض المرشحات لممارسات تخرج عن إطار القواعد الأخلاقية من قبل بعض أفراد المجتمع، إضافة إلى عدم تلاؤم وضع المرأة اليمنية مع متطلبات الأساليب الدعائية في المعارك الانتخابية، وعدم قدرة المرأة على تأمين نفقات الحملات الانتخابية.
هذه العوامل الاجتماعية تلعب دوراً رئيسياً في إعاقة نجاح المرأة المرشحة، ووصولها إلى البرلمان. أضف إلى ذلك أن الثقافة الذكورية التي ما تزال هي المحدد الأول، أو العامل الأول في اتخاذ القرار، وتحويله إلى موقف، وسلوك اجتماعي ما تزال تلعب دوراً في تراجع المرأة اليمنية عن الوصول إلى البرلمان.
وبرغم أن الحكومة اليمنية أقرت عدداً من القوانين، والسياسات الهادفة إلى توسيع مساحة مشاركة المرأة في الحياة الديمقراطية إلا أن الموقف الاجتماعي تجاه المرأة ما يزال محكوماً بالثقافة الاجتماعية التقليدية.
وبحسب استطلاع للرأي أجراه المركز اليمني للدراسات الاستراتيجية بالتعاون مع مؤسسة " فريد ريش" الألمانية حول الموقف الاجتماعي من انتخابات المرأة إلى مجلس النواب 2003م يتضح أن هناك نسبة كبيرة من المواطنين اليمنيين لا يؤيدون ترشيح النساء رغم أن الاستطلاع أجري في مدينتي صنعاء، وعدن واللتان تمثلان أكثر المدن اليمنية تحضراً وبحسب الاستطلاع فإن عدم تأييد المواطنين لترشيح النساء يعود إلى أسباب أبرزها أن الوقت لم يحن بعد للمرأة_ أن تكون في مجلس النواب،وأن عمل المرأة في البرلمان يتناقض مع دورها الأسري،إضافة إلى أن الشريعة لا تسمح بأن تكون المرأة عضواً في مجلس النواب.
وإلى جانب تلك الأسباب فما تزال العادات والتقاليد الموجودة في المجتمع اليمني تؤثر سلباً في مشاركة المرأة في الحياة السياسية. ويتبين من خلال التقارير والدراسات التي أجريت في هذا الجانب أن إقبال الناخبات بأعداد كبيرة لا يعني مشاركة حقيقية لخدمة قضايا المرأة بل إن تلك المشاركة تأتي تحت تأثير توجهات المنافسة الذكورية في الجانب السياسي لأي فرد من أفراد العائلة سواء كان الأب أو الأخ أو الزوج.
أضف إلى ذلك ان تأثير قرار الرجل على رغبة المرأة في المشاركة في الحياة السياسية ما يزال يلعب دوراً في إعاقة خدمة المرأة لقضاياها ولمشاركتها الفاعلة في الحياة السياسية وفي الانتخابات على وجه التحديد حيث نجد أن الرجل يمارس ضغوطاً حزبية وتهديدات على المرأة لتغيير أوتبديل أو تحديد مدى مشاركتها من عدمها، ويوضح تقرير مركز الدراسات الاستراتيجية أن تأثير قرار الرجل على رغبة المرأة في المشاركة وصل إلى حد منع ممارسة النساء لحقوقهن الانتخابية في بعض الدوائر بسبب اتفاق المرشحين والأهالي الذكور على عدم تسجيل نسائهم في الانتخابات لمعرفتهم المسبقة بالفوز في هذه الدوائر دون الحاجة إلى أصوات النساء.
وبرغم وجود اتفاق وإجماع بين مختلف القوى السياسية والمفكرين والكتاب والنساء أنفسهن على أن العوامل الاجتماعية هي السبب الأول والرئيسي إلا أن البعض يرى أن هناك معوقاً قانونياً يتمثل في العوامل الإجرائية لتطبيق القوانين الخاصة بالانتخابات تقف عائقاً أمام تمكين المرأة المرشحة من المشاركة والدخول في منافسة مع أخيها الرجل في الانتخابات، حيث ترى الدراسة أن الأشتراط القانوني الخاص بالمرشحين المستقلين الذي ينص على ضرورة وجود (323) شخصاً يزكون المرشح المستقل مع ضرورة حضورهم للمحكمة للتوقيع على تزكية المرشح يمثل عائقاً أمام الترشيح للمستقلين من الرجال والنساء.
وتنتقد الدراسة موقف الأحزاب السياسية من مشاركة المرأة في الانتخابات واصفةً السياسة التي تعاملت بها الأحزاب مع المرأة كناخبة ومرشحة بأنها سياسية مزدوجة حيث أدعت كل الأحزاب قبل الانتخابات بأنها سترشح عدداً من النساء إلا أن معظم هذه الأحزاب أحجمت عن ترشيح ولو عدد بسيط من النساء.
وفسرت الدراسة ذلك بأنه كان جزء من الدعاية الانتخابية المبكرة للأحزاب نفسها للحصول على دعم المرأة واستغلال صوتها في الانتخابات.
وتقول الدراسة :إن الأحزاب السياسية لم تمَّكن المرأة من مواقع قيادية في هياكلها التقييمية وبالتالي فإنها لا تشجع ترشيح المرأة ليس فقط لمجلس النواب ولكن حتى في الهيئات القيادية لتلك الأحزاب.
فالمؤتمر الشعبي العام وهو الحزب الذي حصل على أغلبية في البرلمان في كل الدورات الانتخابية إلا أن لديه عضوتين في البرلمان السابق ولم ترشح إلا امرأة واحدة في انتخابات 2003م، وهي المرأة الوحيدة التي فازت بمقعد في البرلمان، ورغم أنه كان قد اقترح تخصيص عشرين دائرة مغلقة للمرأة إلا أن ذلك المقترح لم يكتب له النجاح بسبب المعوقات الاجتماعية والقانونية، ورفض أحزاب المعارضة لذلك المقترح خصوصاً حزب الإصلاح حسبماً يقول قياديون في المؤتمر الشعبي العام.
بينما اكتفى الحزب الاشتراكي اليمني في الانتخابات الأخيرة بترشيح 3 مرشحات من بين 105 مرشحين رغم أنه الحزب الوحيد الذي لم تخل قوائمه من المرشحات في انتخابات 93م، وفي الانتخابات المحلية 2001م إلا أنه تراجع في الدورة الانتخابية الأخيرة وأصبح موقفه مغايراً لقراراته السابقة في دعم المرأة حيث رفض ترشيح الأستاذة رضية وشمشير رغم أنها عضوة في مكتبه السياسي.
التنظيم الوحدوي الناصري لم يرشح سوى امرأة واحدة من أصل 88 مرشحاً بالإضافة إلى أن حزبي التجمع الوحدوي والناصري الديمقراطي سحبا المرشحات بعد ترشيحهن واستخدم المرأة للمناورة السياسية فقط وانتقدت الدراسة- موقف حزب الإصلاح من ترشيح النساء بشدة، مشيرة إلى أن الإصلاح حرص دائماً على الحصول على أكبر عدد من أصوات النساء في كل الدورات الانتخابية وهو يرفض ترشيح النساء للبرلمان بحكم توجهه الفكري والسياسي وبسبب التوجهات المتناقضة داخل هذا الحزب والمتعلقة بعدم أهلية المرأة في الولاية.
وتقول الدراسة: ويقول الشيخ عبدالمجيد الزنداني رئيس مجلس شورى الإصلاح في لقاء صحفي مع مجلة المجلة الصادرة في 18/5/2003م "إن المرأة غير مؤهلة للقيادة كحل للبطالة (ادفعو لها راتبها في المنزل) ولكنه في نفس اللقاء طالب بإنشاء مجلس شيخات على غرار مجلس الشيوخ الأمريكي.
إلى ذلك تضيف الدراسة إلى جانب تلك المعوقات معوقات أخرى تتعلق بموقف المنظمات المدنية والحكومية من مشاركة المرأة في الحياة السياسية، وتشير إلى أن هذه المنظمات اقتصر دورها على إقامة دورات تدريبية وورش عمل لم تستطع أن تحدث تغيرات جوهرية في دعم قضايا المرأة، كما أن نشاط هذه المنظمات نشاط موسمي حيث لا توجد برامج ومشاريع لتحديد تقنية مشاركة المرأة ودعمها في الانتخابات.
ومن خلال ما سبق يتبين أن تراجع المرأة في الانتخابات البرلمانية الأخيرة والتناسب العكسي اللذين ظهرا بين ارتفاع عدد النساء المشاركات كناخبات وتراجع عددهن كمرشحات وفائزات بعضوية البرلمان كان نتيجة لتشابك مجموعة من العوامل المتداخلة فيما بينها سواء أكانت ثقافية أو سياسية أدت إلى تراجع ملحوظ لحصول المرأة على حجم أكبر في مجلس النواب في ثالث انتخابات برلمانية تجري في الجمهورية اليمنية بعد 13 عاماً من تحقيق الوحدة اليمنية في 22 مايو 1990م وهو الأمر الذي يضع على الجميع ابتداء من مؤسسات التعليم إلى الأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني وصولاً إلى السلطة مسؤولية لدراسة هذه المشكلة ومحاولة إيجاد الحلول الناجحة لتجاوزها كمرشحات إذ لا يعقل أن يظل مستوى حصول المرأة على مقعد واحد في البرلمان رغم أنها تشكل 50% من إجمالي عدد السكان وتشكل 42% من أجمالي عدد الناخبين.




أضف تعليقاً على هذا الخبر
ارسل هذا الخبر
تعليق
إرسل الخبر