المؤتمر نت- حوار نزار العبادي - المستشارة الاقتصادية الدكتورة "وداد كيكسو "للمؤتمر نت" في زحمة حشود المثقفين والمفكرين الوافدين إلى المؤتمر القومي العربي للبحث عن أدوات جديدة لزمن عصيب يخترق سلام الأمة، ويجر أقدامها لمنزلقات مخيفة، كان الهم اليمني يمتطي ذات الصهوة الخليجية، فيرتحلان في أسفارهما إلى موضوع واحد من الحوار والجدل الذي كان يجوب ذاكرة أرباب رأي وفكر الأمة.
أنه حتماً الواقع الذي عايشت بعض دقائقه صحيفة " المؤتمر نت" مع الدكتورة "وداد كيكسو" مستشارة الاقتصاد بالجهاز المركزي للمعلومات في مملكة البحرين، وأستاذة الاقتصاد بجامعة المنامة.. إذ ألتقتها الصحيفة صباح يوم الخميس وتبادلت معها محاور الهموم اليمنية- الخليجية في حوار قصير كان هذا نصه:
أمننا القومي مهدد
كيف تقرئين الهاجس الأمني في الوقت الحاضر؟
في الحقيقة إذا كنت تسألني عن مستوى المسئولين، فحقيقة نحن لا نعلم ما في قلوبهم فما نراه هو الظاهر، ويجوز بالنسبة لهم- لا يمكن أن نقول أن هناك هاجساً أمنياً، ولكن من الممكن أن يستطلع أحدنا من خلال مواقفهم مع الإدارة الأمريكية أنه بالنسبة لهم لا يوجد هاجس أمني طالما هناك تعاون مع النظام العالمي الجديد بشكل خاص، وطالما هم فاهمون ومدركون أن عليهم أن يتعاملوا مع النظام الجديد وهذا ما يحدث الآن على جميع الأصعدة في الدول العربية بالتعاون مع النظام العالمي الخاص بآلياته المختلفة وخاصة منظمة التجارة وصندوق النقد وما شابه.. ومثل هذه الصيغ من التعاون تزيل الهاجس الأمني- بالنسبة لهم، وتوهمهم بأنهم طالما تمسكوا بهذه الثوابت في العلاقات الدولية مع الولايات المتحدة الأمريكية ومع المؤسسات التي ذكرتها سيخف الهاجس الأمني.
أما على مستوى الصعيد الشعبي، هناك كم ضخم وهائل من الهاجس الأمني الذي بإمكاننا أن نستشعره. حقيقة نحن نمر بظروف أشبهها أكثر من تأثيرات 1967.. فتذكرني أحداث سقوط بغداد بذلك اليوم الرهيب يوم (6 حزيران) بعد أن انتهت الحرب بدخول القوات الإسرائيلية واحتلالها جزء من الأراضي السورية في دمشق. يعني كان يوماً مؤلماً ويحس المرء بمرارة سحيقة وبالألم السحيق، وهو ما استشعرناه يوم سقوط بغداد.. ونحن لا نشعر أبداً بأن هناك ما يضمن أمننا القومي.. أمننا القومي مهدد كثيراً جداً، ونشعر نحن المؤتمرين في المؤتمر القومي العربي بأن هناك ضرورة لتطوير العمل القومي على مستوى المؤتمر إلى أبعد مما هو عليه الآن وفق آلياته وأهدافه.
شبه موافقة
* ظلت اليمن لسنوات طويلة تسعى للانضمام لمجموعة دول مجلس التعاون الخليجي، ثم حصلت على موافقة خجولة بالانضمام جزئياً للمجلس.
* هذا الانضمام وما قدم لليمن- نسميه شبه موافقة- تذكرني بما قدم للعراق أيام ما طلب عضوية الـ (GCC) تقصد مجلس التعاون الخليجي- حيث ووفق له على مستوى قطاع العمل والشئون الاجتماعية فهكذا أيضاً ووفق لليمن، فهناك مكتب خليجي لوزراء العمل والشئون الاجتماعية مركزه البحرين، ومن خلال هذا المركز يتم التعاون مع اليمن.. لكن فيما يتعلق بالتعاون الاقتصادي، وتعاون الاستراتيجيات، السكانية والديموغرافية والتعاون السياسي،هذا لم يقدم لليمن.
وما أهمية ذلك فيما لو قدم لليمن؟
أعتقد في الوضع الحالي لا يبدو لمجلس التعاون الخليجي، فيما هو عليه أن يقبل انضمام اليمن بعضوية كاملة ومشاركة، تشترك في وضع السياسات.. وفي وضع الاستراتيجيات العسكرية والسياسية وحتى العسكرية.
اليمن تحمل الهموم القومية
هل الأمر متعلق بظروف اليمن أم بأسباب أخرى؟
ذلك نتيجة لشيء كثير محدد ومهم جداً لأنه بالنسبة لليمن هناك أهداف واستراتيجيات بعيدة المدى وتعني الأمن القوي المشترك..اليمن تحمل الهموم القومية كثيراً، وعندها مشاكل كثيرة.. أنا عندما دخلت اليمن فوجئت كأنما هناك مشاكل اقتصادية.. كان بودي أن أطلع على حقيقة الأوضاع والمشاكل الاقتصادية في اليمن، لماذا هذه المشاكل الاقتصادية؟ ما هي معدلات البطالة؟ ما هي معدلات التضخم؟ كل هذه الأمور بالنسبة لي كثيراً مهمة.
اليمن عندها تجربة في التخطيط، كان بودي أن أطلع عليها حتى أنني حاولت أن أعمل مقابلة مع وزير التخطيط لكن الوقت كان كثيراً مدرك.. أعتقد لو كانت اليمن في وضعها السابق للجمهورية لكانت مسألة الانضمام إلى مجلس التعاون أسهل، وكان ممكن يصير توافقاً، لأن عقلية الأنظمة في الدول الخليجية لا تتوافق مع الجمهورية.. ثم جمهورية اليمن لها تجربة ديمقراطية وتعمل بالتعددية الحزبية، وهذا عائق وعائق كبير جداً.. نفس العائق لما كانت تجربة العراق.. فذلك من أول ما حصل العدوان على الكويت- مع أن التعاون كان على مستوى العمل والشئون الاجتماعية- رأساً ألغيت عضوية العراق من هذا المكتب.
العامل اليمني خلاق
لو رغبت دول الجوار- خاصة السعودية وعمان- بتقديم عون حقيقي لليمن.. ألن يكون بمقدور ذلك انتشال اليمن من واقعها الاقتصادي؟
بإمكان المملكة العربية السعودية أن تقدم الكثير لليمن.. ممكن أن تقدم المملكة لليمن أكثر مما تقدمه سلطنة عمان.. إضافة إلى أن هناك عاملاً آخر يساعد على ذلك، هو الإنسان اليمني كمورد بشرى في الطاقة الاقتصادية هائل جداً.. وهو الأكبر في الجزيرة.. ليس فقط في الجزيرة بل على مستوى العالم العربي كله، العامل اليمني، أو الإنسان اليمني خلاق ذو طاقة معطاءة وعنده تاريخ طويل في ذلك.
مادمنا نعتبره عمالة رخيصة وقريبة وسهل التعامل معها، إذن لماذا يتخلون عنه؟
وأضيف على كلامك- وهو طاقة منتجة أيضا، لكن المشاكل السياسية دائماً تظهر على السطح.. أنت تتذكر لما دخل الجيش العراقي للكويت، وكانت مواقف اليمن لما صارت الحرب الأممية على العراق أن وقفت اليمن مع العراق لذلك ما يقارب المليون يمني هُجّروا وأعيدوا من المملكة العربية السعودية إلى اليمن… أنا بودي أن أعرف معدل البطالة في اليمن، ومعدل التضخم.
اليمن كلها تاريخ
كمثقفين ومفكرين- مالذي تشيرون به للدفع بعجلة التنمية الاقتصادية اليمنية؟
أن اليمانيين من خيرة الشعب العربي، ويستاهل شيء أحسن من الحالة التي هو عليها.. ثم إن اليمن ليس بلد التاريخ كله بل إن اليمن كلها تاريخ وتحفل بمشاهد ووقائع تاريخية مجسدة ليس في طريقة العمران فقط ولا في الطريقة الهندسية.. مجسدة بالشعب نفسه.. وهناك تواصل بين الماضي والحاضر في الشعب اليمني وهذه الأمور فيها عمق استراتيجي لليمن.. بودنا لو يكون الجوار اليمني أكثر تعاوناً وانسجاماً مع الجمهورية اليمنية.
هل تأملين حدوث طفرة في الاقتصاد اليمني؟
بدأت اليمن باكتشاف البترول منذ فترة قصيرة، وبالطبع ستحتاج إلى فترة من الوقت حتى تظهر هذه الآثار على الاقتصاد اليمني وعلى الإنسان ونرجو أن يساعد ذلك على تطوير الأوضاع الاقتصادية
التشكيلة الحكومية الأخيرة ركزت على النخب الشابة من المؤهلين أكاديمياً، بحيث أن بينهم (16) وزيراً بدرجة دكتوراه و(12) وزيراً بدرجة ماجستير.. برأيك هل من شأن ذلك أن يدفع بعجلة التنمية الاقتصادية للأمام
طبعاً.. هذا تطور مهم للغاية، ولكن مع الإمكانيات الذاتية لهؤلاء الوزراء، المفروض أن تتوفر إمكانيات مادية وتكنولوجية تؤهلهم في وزاراتهم لأن يحققوا تطورا إيجابياً ملموساً من قبل الشعب اليمني، بحيث يحس اليمانيون بالتغيير الحاصل في هذه الوزارة أو تلك، ويحسون بقيمة التكنولوجيا في التغيير للشباب اليمني، والمجتمع اليمني. والمرأة اليمانية- وأنا للأسف لم احتك بالمرأة اليمانية لكني أعتقد أن المرأة اليمانية- لا تختلف عن وضع الرجل اليمني بتطلعاتها.
|